موضة جديدة لوظيفة مفصلة

العمل الوطني المخلص، الخالص لوجه الله ولرد الجميل لهذا الوطن، هو العمل الذي لا يرجى منه تحقيق مصلحة شخصية لصاحبه، ولا يصممه العامل ليعتمد على بقائه هو، وانتفاعه هو، وصعوده هو!!.
العمل من أجل الناس والوطن والمصلحة العامة يشبه كثيرا سباق التتابع، ذلك السباق الذي يبدأ بشخص يحمل عصا فيركض بجد وجهد وحماس وإخلاص، لكن هدفه تسليم العصا للمتسابق التالي في أسرع وقت ثم يخرج من مضمار السباق ليتحول إلى مشجع للمتسابق التالي يحثه على بلوغ الهدف، وهكذا مع من يليه.

هكذا يفترض بكل مسئول عن دائرة أو مدير عام لمؤسسة أو وكيل لوزارة أو وزير أن يعمل لكي يعطي بقدر ما أخذ، وينتج خلال مدة عمله ما يمكن للآخرين الانطلاق منه على أساس سليم صالح لغيره مثلما كان صالحا له ولاستمراريته لو استمر.

بعض دوائرنا لاتسير على هذا النسق بكل أسف، فقد ابتلينا ببعض المغرمين بمصلحتهم الشخصية، والشغوفين بالتخطيط للتدرج إلى أعلى على حساب الخطة، وعلى حساب المصلحة الوطنية، وخلافا للمنطق السليم للعمل الوطني المتقن.

ثمة من يصمم الإنجازات لتخدمه وظيفيا ثم لا يهمه أن تستمر أو تتوقف، يرسم الإستراتيجيات والخطط بعد أن يضع مصلحته الوظيفية هدفا أساسيا لكل ما رسم، بحيث تحمل أهداف الخطة أو الإستراتيجية إجابات لأسئلة ذاتية محددة : ما هو مسماه الوظيفي الجديد؟، ماهي مرتبته الجديدة؟، ماهي بدلاته الجديدة؟.

لماذا نتعامل مع الوطن بهذه الأنانية وذلك الجحود وتلك الجفوة؟!، لماذا نستخدم الوطن أداة لتحقيق مصالح خاصة بدلا من أن نجعل من أنفسنا أدوات لتحقيق المصلحة الوطنية؟!.

أسلوب استخدام الخطط والإستراتيجيات سلما للصعود أسلوب يمثل الكثير من الأنانية والقليل من الوطنية، لكن صوره وأساليبه كثرت وتكررت، وأخشى أن يصبح موضة وظيفية جديدة، تحل محل موضة البقاء بالتحدث عن مشروع، ثم الدعاء بالبقاء لرؤية المشروع وقد أصبح حقيقة، مع أن المشروع برمته كان حلما صدقه صاحبه و(وطني) شاهد.

إن علينا أن نحتاط من أساليب بعض الموظفين في الصراع من أجل البقاء لأن أساليبه تعددت وطرقه تنوعت، ومن أشهر موضاتها تفصيل الوظيفة للموظف بدلا من تأهيل الموظف للوظيفة، إن حق الوطن المعطاء أكبر من أن يخفيه عن قلوبنا حب البقاء الوظيفي وحب الرقي غير المستحق، لأن وطننا أحق بكل شيء.

اترك رد