اليوم: 2 أبريل، 2011

ما هكذا يعامل الشيخ العبودي

في صالة كبار الشخصيات في مطار المدينة المنورة وأثناء رحلة العودة من حضور محاضرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز في الجامعة التي لا تغيب عنها الشمس (الجامعة الإسلامية) كنت محظوظا أن أجد الشيخ محمد بن ناصر العبودي مع خمسة من المسافرين إلى الرياض على رحلة الحادية عشرة وعشرين دقيقة فهذا الشيخ العلامة عميد الرحالين ومنجم ذهب المعلومات والمرجع المتحرك في شتى العلوم تحلقنا حوله ننهل من عمق علمه ونستمع بسماع جميل إلقائه ونطرح عليه السؤال تلو الآخر، حتى جاءت الساعة الحادية عشرة فسألتهم إن كانوا استلموا بطاقة صعود الطائرة خوفا وحرصا أن لا ننسى أنفسنا وينسانا موظفو المطار فأخبروني أنهم سلموا الأوراق للموظف وطلب منهم الجلوس وقمت زيادة في الحرص وأخبرت الموظف بقرب ساعة الإقلاع ولم نستلم بطاقة صعود الطائرة فطمأنني أن البطاقات مع الموظف وأن الرحلة في موعدها وسنطلب منكم التحرك في الوقت المناسب، وشهادة حق فان تلك من محاسن تعامل الخطوط مع ضيوف الجامعة والمسافرين عن طريق هذه الصالة تحديدا فقد طلبت أنا إصدار بطاقة الصعود وأنا في الفندق بالهاتف خوفا من فوات الأوان وتم ذلك.
عدت إلى الشيخ ورفاقه وطمأنته وواصلنا الحديث حتى دعينا لدخول جهاز الفحص وكنت آخر من أدخل حقائبه اليدوية وتأخرت عن الشيخ ورفاقه قليلا وعندما دخلت حافلة النقل للطائرة وقفلت الأبواب لم أر الشيخ فسألت عنه وقيل لي إنهم أعادوه من عند باب الحافلة بحجة أن رحلته ليست هذه الرحلة بل التي تليها بساعة أو تزيد، قلت: لو أخبرونا لبقي أحدنا بدلا من الشيخ وتبادلنا المقاعد فالشيخ يحتاج إلى جليس ومساعد خصوصا أن سمعه وبصره استنفد جزء كبير منهما في السفر والدعوة والتأليف، ومثل هذا الرجل لا يليق أن يترك وحيدا أو يعاد من أمام باب الحافلة، وعلى أي حال فإن الأمر ليس في يد الموظف إن كانت مقاعد الطائرة مشغولة بالكامل، لكن المفاجأة المخيبة للآمال في قدرة الخطوط السعودية على تقدير رموز هذا الوطن وأيضا عدم مصداقية ما يقال عن محاولة شغل المقاعد ما أمكن هو أن عدد المقاعد المجاورة لنا كانت خالية وأقلعت الطائرة وهي شاغرة وهي في نفس درجة بطاقة الشيخ (درجة رجال الأعمال) فلو تم إركابه لاستغل مقعده في الرحلة التالية لمن يحتاجه من ركاب الانتظار.
هل يليق بأن يعاد شيخ كبير إلى صالة خالية رغم وجود مقعد شاغر؟! وهل يليق أن يتم هذا التعامل مع رجل قدم لهذا الوطن نجاحا في كل منصب تولاه و فوق ذلك أنه الرحالة الداعية الذي جاب الكرة الأرضية بقعة بقعة وأسلم على يده الملايين وقدم عصارة فكره ومعلوماته وتجربته في مئات المؤلفات وبرنامج إذاعي لا زال يبث منذ أكثر من 40 سنة؟! ألا يليق بمثل من أضناه السفر من أجل الدين والوطن أن يكون له مرافق دائم وتقدير خاص في مطارات الوطن، ولو كان الموقف حدث مع لاعب كرة أو فنان غناء أو ممثل أو صحفي مثلي فهل سيعاد؟! الجواب بالتأكيد لا، لأن من هؤلاء من أركبوا الطائرة بدلا عن مسافر مستحق وبعض زملائنا الصحافيون يعلمون ذلك.