اليوم: 13 أبريل، 2011

«بلسم» أبو متعب أولى يا وزير الصحة

أمور كثيرة تعنى برعاية المواطن أولاها الملك عبد الله بن عبدالعزيز جل اهتمامه وتركيزه منذ توليه أمر رعيته أمد الله في عمره، وكان من ضمن أولوياته حفظه الله إيجاد نظام رعاية صحية فاعل وفعال يحقق حصول كل مواطن على حقه في العلاج المجاني والرعاية الصحية الشاملة والعادلة، فكان أن أعلن وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع عن نظام تأمين صحي شامل ومتكامل أشبع بحثا ودراسة وتبناه مجلس الخدمات الصحية ووافق عليه وأطلق عليه اسم (بلسم) وكان هذا النظام المدروس المتفق على تكامله بشرى كبيرة بثها معالي الوزير حمد المانع في مطلع عام 2007م على أساس أن يتم تطبيقه في نهاية عام 2009.م. ليصبح بالفعل نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية تضاهي ما يحدث في فرنسا وأستراليا وهما أكثر نظم الرعاية الصحية نجاحا في العالم.
مثل هذه المشاريع الوطنية المدروسة دراسة متأنية ووافية يفترض أن لا تختفي لمجرد تولي وزير بدل آخر خصوصا أنها من المشاريع المؤيدة من أطراف عدة قل أن يجمعوا على رأي واحد ومع ذلك اتخذ القرار في مجلس الخدمات الصحية على أن (بلسم) هو الأنسب لظروف المملكة العربية السعودية وقدراتها وإمكاناتها ووضعها الاجتماعي وتبنى المجلس هذا النظام.
وفي يوم الأحد الماضي تحدثت وزارة الصحة على هامش مؤتمر (الضمان الصحي خيارات وآفاق) بتصريحات بأن نظام التأمين الصحي الذي سيطبق لن يحمل المواطن أي تكاليف، وخلاف ذلك من التصريحات التي تشير إلى (بلسم) هو نفس البلسم ولكن بعد وضع اسم جديد وتوقيع آخر، وكمواطن ومتخصص درس نظام (بلسم) جيدا وناقش بعض من راجعوه من الأكاديميين وأثنوا عليه، واستغربوا (ركنه) في الأدراج كل هذه المدة، أجزم مفاخراً أن نظام التأمين الصحي (بلسم) هو إحدى هدايا هذا القائد العظيم والملك المحب عبد الله بن عبد العزيز لأبناء شعبه وهذا هو الأهم والأجدر بالاهتمام والتركيز، ولن يأتي مؤتمر اليوم الواحد أو اليومين ولا حفظ الملف لسنة أو سنتين بأي جديد غير تجديد التواريخ والأسماء والتواقيع وبالتالي فإن (بلسم) هو البلسم فأخرجوه سريعا من ذات الورق الجميل المعطر الذي لفه به الملك المحب وأهداه لشعبه فهو بلسم أبو متعب وذلك هو الأهم يا معالي الوزير.

أي مكان يضيق بأميرة ؟

لا أدري إلى متى يستمر تعاملنا مع الحالات الإنسانية المؤلمة مؤلما وجارحا للفؤاد ومخجلا للوطن إلى أن يتم عرض الحالة في وسائل الإعلام، ليخرج لنا المسؤول مؤكدا أن الحالة ستجد الاهتمام اللائق، ومرددا دون خجل (هذا واجبنا!!).
لماذا لا تسترون على الوطن وتسترون أنفسكم وتجد الحالات الاهتمام اللائق قبل النشر؟!، وطالما لديكم كل هذا الذكاء لمعرفة أنه واجبكم فلماذا لا تؤدون هذا الواجب دون أن تستفزوا مشاعرنا، وتحرجوا وطنا أعطاكم كل شيء ولم تقدموا له غير الوعود؟!.
التقرير الذي بثته قناة (العربية) عن أم عبد الكريم العجوز السعودية التي ترعى ابنتها أميرة والتي تبلغ من العمر 28 سنة، وابنها طارق وعمره 30 سنة، المعوقين ذهنيا وجسديا إعاقة شديدة وترعاهما معا لأن إدارة التأهيل الخاصة بالمعوقين والتابعة لمنطقة مكة المكرمة رفضتهما بحجة عدم وجود مكان!!.
الذي لم يشاهد التقرير، ولم يشاهد أميرة وهي تتدحرج على الأرض وتأكل ما يسقط فيها وتدخل أصابع يدها الأربع في فمها وتعض أصابعها وكأني بها تعض أصابع الندم على ضمائر ماتت ولم تدفن الأجساد التي تحتويها بعد!! يجب أن يشاهده ليعرف حقيقة وزارة الشؤون الاجتماعية.
طارق تحمله أمه وقد تخشب جسده النحيل وتيبست أطرافه وتضعه على الأرض وهي مجهدة، وتجمع قواها مرة أخرى لثني ساقيه وتثبيت ظهره الذي لم يجد في تلك الوزارة من يشد به الظهر.
أي مكان يضيق بأميرة الشابة (28 سنة) وهي في هذا الوضع من الإعاقة الشديدة جسديا والإعاقة الذهنية التي تصفها أمها بقول مختصر (إذا غفلت عنها أكلت حفائظها!!).
أي مركز تأهيل هذا الذي لا يقبل شابا عمره 30 سنة تتجسد في جسده المتيبس كل صور الحاجة إلى رعاية متخصصة.
بل أي جاهل هذا الذي يفرض على أم أن تتولى رعاية رجل (30 سنة) وامرأة (28 سنة) بالقول (خليهم عندك في البيت)!! (تخليهم في البيت ليش؟!) هؤلاء منذ طفولتهم مسؤوليتكم التي تستلمون رواتبكم بناء عليها، وبعد بلوغهم أصبحوا مواطنين بالغين مكانهم الطبيعي في مؤسسات أنتم مسؤولون عنها، فإذا كنتم دون هذه المسؤولية فأنتم من يجب أن (نخليه في البيت).
منذ 28 سنة والدار لم تتسع لأميرة وطارق فماذا قدمتم غير التصريحات؟!
ألم يقل لكم خادم الحرمين الشريفين منذ سنوات أن لا عذر لكم؟! فلماذا لم توسع الدار، بل لماذا لم تعمر الدار التي تقولون إنها ستتسع لـ 1500 معوق؟!
ألم يقل لكم ملك الإنسانية إن المسؤولية من رقبتي إلى رقابكم ومنحكم أعلى ميزانيتين مرتا على هذا الوطن الكريم فلماذا بخلتم بها على أم عبد الكريم؟.