أسباب مختلفة جعلتنا نسعد بل نحتفل بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل رئيسا لرعاية الشباب. الأسباب الإدارية كونه عايش هذه المؤسسة وعاش فيها وليس غريبا عليها وملم إداريا بسبر أغوارها، والمواصفات الشخصية كونه شابا مؤهلا هو الأقرب لهموم الشباب أيا كانت أسبابها، أما السبب المتعلق بالتفاؤل فكونه شبل أسد الرياضة السعودية فيصل بن فهد (رحمه الله) الذي أوصلها للعالمية بحكمته وهيبته وحزمه و (ديموقراطيته) بحزم.
أحسب أن أولى خطوات الأمير نواف بن فيصل التي أشاد بها الإعلام الرياضي هي إعطاء كامل الصلاحيات للجان المختصة في رعاية الشباب، فهذا من حيث المبدأ أمر جميل فيما لو كانت تلك اللجان تستوفي أهم شروط اللجان المختصة وهي كثرة العدد الذي يحقق عدالة التصويت، وبعض تلك اللجان لا يزيد عن ثلاثة، والاختصاص الذي يحقق دقة القرار وبعض الأعضاء صرح أنه غير مختص، والحياد الذي يحقق سلامة القرار، ويبدو جليا أن لجان رعاية الشباب لا تحقق تلك الشروط مما جعلها تحرج الرئاسة كثيرا بتخبطها في قراراتها، فتصدر قرارات بعضها أثبت الاستئناف فشله، والبعض الآخر أحدث ضجة إعلامية واختلافات في وجهات النظر، لكنها تكاد تجمع على غرابة وتباين قرارات تلك اللجان.
نحن ككتاب رأي تهمنا الرياضة بشكل كبير، فهي متنفس مجتمعنا الوحيد ولا نقبل أن يكون المتنفس سببا للضيق، لكن ما يعنينا هنا هو قرار إحدى لجان رعاية الشباب ضد كاتب الرأي الرياضي الزميل عدنان جستنية على خلفية مشاركته في أحد البرامج الرياضية وإبداء رأيه كصحفي في القرارات الغريبة لأحد الحكام السعوديين. ولعل من محاسن صدف العدالة أن الكاتب أكد منذ بداية الحلقة أنه يشارك بصفته ككاتب صحفي وليس كرئيس مركز إعلامي لنادي الاتحاد واعترض على المقدم عندما تطرق لوظيفته الإدارية، ومع ذلك لم تشفع صدف العدالة لحمايته من قرار تلك اللجنة بغرامة 75 ألف ريال وعدم قيامه بمهامه الإدارية لعدد من المباريات. وإحقاقا للحق فإن الزميل طلال آل الشيخ قال كلاما بليغا ومنصفا وعقلانيا في نفس البرنامج يغني عن قول كل خطيب، ونصح بعدم الاستئناف لاتخاذ موقف من هذه السابقة الخطيرة والمتمثلة في التدخل في حرية الرأي الإعلامي من لجنة لا علاقة لها بوزارة الإعلام، وهذا ما يغيظنا كإعلاميين وتحديدا ككتاب رأي نسهم بآرائنا في تصحيح الكثير من الاعوجاج ويعتبرنا ولاة الأمر عينهم الثالثة ومستشارهم الناصح والرأي الآخر الذي إن كان سديدا سددهم وإن كان غير ذلك فتح لهم آفاقا أرحب.
إن من غير المقبول ولا المنطقي أن يتم متابعة كل كاتب رأي ومحاسبته على آرائه الصحفية على أساس كونه موظفا فهو لم يتحدث بقبعة الموظف بل بغترته الوافية ككاتب صحفي مقدر بدليل أن كتاب الرأي يستعان بهم في التعليق على قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية، فهل يحق لهيئة سوق المال مثلا تغريم مدير شؤون مالية في مؤسسة حكومية وإيقافه لانتقاده سوق الأسهم كمحلل؟!.
ارتفاع أصوات الشكوى من قرارات لجان رعاية الشباب التي أكتفي منها بما أزعجنا ككتاب رأي أخشى أن يتوسع ويعلو أكثر وأكثر كلما صدر قرار غريب، وأكثر ما أخشاه هو أن تمارس بعض اللجان استفزاز الناس لمجرد تشويه جمال المرحلة.
اليوم: أفريل 24, 2011
