وجه أحد الكتاب الرياضيين انتقادا لمدرب المنتخب السعودي الهولندي ريكارد قائلا ومكررا إن مدرب المنتخب يستبعد لاعبا من قائمة المنتخب، ويضيف آخر دون أن يختلط بالشارع السعودي في الأسواق والأماكن العامة ويعرف أراءهم، وكرر الناقد القول إن مدرب المنتخب يعيش بمعزل عن الناس الذين يقود منتخبهم، وسؤالي غير الاعتراضي للناقد وللبرنامج وللشارع وللوطن هو هل اختلط كل من هو مسؤول عن شأن من شؤون المواطنين بهم وخالط الناس وعرف ظروفهم ومطالبهم واحتياجاتهم على الأقل قبل أن يرد عليها أو يصرح بما يخصها أو يتخذ قرارا حولها يفرضه عليهم ويجعلهم يتعايشون معه (يعني وقفت على ريكارد؟!).
هل عايش مسؤولو المياه والكهرباء معاناة الناس مع شح المياه، وغلاء الوايتات ووصول ثمن حمولة الوايت إلى 1600 ريال قبل أن يصرحوا بأن تكلفة الماء أرخص من تكلفة الجوال؟! وهل عانوا من انقطاع تيار الكهرباء في عز الصيف، وواجهوا الحر والكتمة وفساد اللحوم وذوبان جليد الثلاجات؟! وهل عايش مسؤولو التربية والتعليم ازدحام الفصول وعطل المكيفات واتساخ المدارس الحكومية وعدم صلاحية دورات المياه فيها للاستخدام الآدمي؟! وهل مر مسؤولو الشؤون الاجتماعية على أحياء الفقراء واستمعوا لمعاناة المعلقات والمطلقات والأرامل مع رجال الضمان الاجتماعي أم هل عايشوا معاناة اليتامى واليتيمات والمعوقين مع الضرب والإهانة والقهر والمرض النفسي؟! (وهي صور يومية لا تختفي إلا في حفلة فطور رمضاني محكم العزل)، وهل عانى مسؤولو الصحة في البحث عن سرير أو تحديد موعد عيادة أو فحص لأحد أفراد أسرهم أو أقاربهم حماهم الله؟! أم هل عايشوا أسرة ماتت ابنتها أو فلذة كبدها وهم يبحثون عن قبول في مستشفى.
وحده مسؤول وزارة النقل جرب مرة واحدة أن يعايش هم المواطن مع الطرق فتعرض لحادث طرق ولم يكررها مرة أخرى (حرم أن يرتاد الطرق التي نسلكها).إذا لم يبق علينا إلا معايشة مدرب المنتخب الهولندي ريكارد للناس فأنا أضمن لكم أن يسكن في (الجرادية) في الرياض فالهولنديون يموتون في السياكل والأزقة.
الشهر: نوفمبر 2011
التعليم حالق صفر!!
الصغيرات من طالبات المدارس الابتدائية الحكومية واجهن في أول يوم دراسي بعد إجازة عيد الأضحى موقفا صعبا، منهكا، محرجا، ولغالبيتهن كان مخيفا، فقد غابت حافلة النقل التابعة لشركة (غير أمينة) ولم يجدن الطالبات من يعيدهن إلى منازلهن، وكالعادة فإن المعلمات والإداريات السعوديات يتحملن عبء أخطاء التعليم وفشل تعاقداته، فقد تولين الاتصال بأهالي كل تلك المئات من الطالبات لإشعارهم بضرورة الحضور واستلام بناتهم وتحمل نقل يوم أو يومين وربما أسبوع نيابة عن الشركة الأمينة (لا أحد يدري متى تستأنف الشركة تنفيذ واجباتها التعاقدية وكم سيطول غياب الحافلة؟!).
على الجانب الآخر حدث إرباك كبير لدى الأهالي، فالآباء في مواقع أعمالهم يستأنفون عطاءهم والإخوة في الجامعات ومعظم الأسر التي تستفيد من حافلة النقل المدرسي ليس لديها سائق (أسر فقيرة) أو لديها سائق ولا تقبل أن يحضر السائق طفلة صغيرة بمفردها (أسر محافظة ومتجاوبة مع التحذيرات من استغلال الأطفال)، فتوالت الاتصالات (والمستفيد شركات الاتصالات طبعا) وبين استئذان موظف وموافقة مدير ورفض آخر وحدوث مشادات كلامية بين الموظف والمدير وترك بعض طلاب الجامعات لقاعات الدراسة وذهاب الأم مع السائق تمكنت الأسر من تحمل حصتها من عبء أخطاء التعليم وفشل تعاقداته.
الطالبات الصغيرات عدن أخيرا إلى المنزل متأخرات خائفات مستغربات وبعضهن باكيات ووجوههن محمرات، قالت إحداهن لأبيها: (سواق الباص مريض) قال: (بل مرض الضمير)، وقالت أخرى لأبيها: (يقولون البنات سواق الباص مات) قال: (بل مات الرقيب)، قالت الثالثة: (تقول المديرة سواق الباص حاج) قال: (السواق لم يحج بل حج الباص!!).
أما أنا فأقول لكم: مرض الضمير ومات الرقيب وحج الباص فقصر التعليم شعره وعاد لنا بعد الحج وهو (حالق صفر) فقلنا له حج مقبول وذنب مغفور وتجارة لن تبور.
قالوا وقلنا
** قال الأمير نواف بن فيصل لـ «عكاظ»: حدث فتور في علاقة الجماهير بالمنتخب في الفترة الماضية.
* قلنا: (مشكلة المنتخب ملايين اللاعبين وشرهات وميول الإعلاميين!!).
**
** قال عنوان صحفي: الأمير هاري ممنوع من الاقتراب من الفتيات الأمريكيات!!.
* قلنا: (يمكن لأنهن سريعات الاشتعال!!).
**
** قالوا: أفارقة يتاجرون بلحوم الصدقات والهدي في مكة المكرمة.
* قلنا: (الشرهة على إلي أعطاهم إياها)
**
** قالوا: طالب مرحلة ابتدائية يقتل زميله بعدة طعنات بعد مشاجرة!!.
* قلنا: بدون أمن مدرسي حتى في الروضة سيحدث قتل!!.
**
** قالت (سبق): عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أصابه شباب في السبالة بالرياض بقنبلة ماليتوف أصيب بحروق شديدة ويرقد في المستشفى.
* قلنا: (لو كان عضو الهيئة أصاب شابا بشرخ أو مخش لصاح الإعلام!!)
**
** قالوا: السلطات المصرية تمنع المطربة فلة من دخول القاهرة وترحلها من المطار!!.
*قلنا: (خايفين إن فلة ناوية تفلها!!).
**
** قالوا: ارتفاع نسبة العنوسة بين الممرضات السعوديات.
* قلنا: خايفين من العدوى إلى ما لها بدل عدوى!!.
انفجار رحم الصحة
دعونا نتناول قضايانا بوطنية وموضوعية وتخصص لا ينحاز لأحد على حساب الضحية أو على حساب التشخيص الواقعي للقصور!!، مستوصف غير مؤهل للتعامل مع حالة ولادة على أساس المضاعفات المتوقعة لحالات الولادة وسرعة تدهور الحالات المتعسرة، لا تتواجد فيه إلا طبيبة واحدة وممرضة واحدة وبدون مسعف ومع ذلك يتولى الإشراف على حالة الحمل طيلة التسعة أشهر ويتولى التوليد ويخفق المستوصف في هذا كله ويموت الوليد وينفجر الرحم ويحمل المرأة إلى الإسعاف رجل يحملها بين يديه وهي في وضع الجلوس (ربما لا توجد نقالة أيضا)، كل هذا القصور والخلل في المستوصف المرخص ثم تأتي وزارة الصحة لتدعي دور البطل إعلاميا فتقول إنها شكلت لجنة للتحقيق ونقلت المريضة الضحية عبر الإخلاء الطبي إلى الرياض (مدينة الملك فهد الطبية) مكررة نفس سيناريو قصة الضحية رزان التي أجادت قناة الإخبارية عرضها وفضحها آنذاك عندما كانت (الإخبارية) في عصرها الذهبي!!.
سؤالي للوطن وللعقلاء وللباحثين عن الحلول هو من رخص لهذا المستوصف؟ ومن أهمل التفتيش عليه؟ ومن سمح له بالممارسة دون أدنى معايير السلامة؟ أليست وزارة الصحة؟!، إذا مع من سيبدأ التحقيق؟! هل مع المستوصف أو مع من سمح له ولم يراقبه رغم أن الدولة فرغت الصحة للرقابة على الممارسة وحملت عنها هيئة الغذاء والدواء حملا ثقيلا هو رقابة الدواء وترخيصه؟! أليست وزارة الصحة هي من دافع عن الأخطاء الطبية بندوة ومحاضرات جرمت الإعلام ثم الآن تزهو بالتحقيق فيه؟! هذا جانب أما الجانب الآخر فهو لماذا لا يستطيع مستشفى أحد رفيدة التعامل مع الحالة؟! وهو مستشفى وليس مستوصفا؟ ولماذا تحتاج إلى التحويل لمدينة الملك فهد الطبية في الرياض؟! وهل ستستفيد من هذا النقل أم أنه ذر للرماد في العيون ومصيرها مزيد من الإهمال تماما كما حدث للطفلة رزان (لا سمح الله)، ثم إن الإخلاء الطبي خدمة وفرتها الدولة دون منة، وهي تنقل من يستوجب وضعه الطبي نقله بالإخلاء دون توجيه إداري أو ادعاء حرص، فاحرصوا على مسؤولياتكم الصحية لكي لا يحتاج الناس إلى نقل حفظهم الله وإياكم.
كفر العرب «طاح»
حسب الوكالات فإن ركاب إحدى الطائرات المتجهة من مدينة اكسيتر البريطانية إلى نيوكاسل شاهدوا إطار الطائرة يسقط بعد الإقلاع بدقائق ولم يبلغوا قائد الطائرة ولم يحركوا ساكنا، هذه القصة ذكرتني ببرود الإنجليز عامة وهو ما كنا نقرأ عنه منذ الصغر، وذكرتني ببرود سكان مقاطعة يوركشير ومدينة اكسيتر تحديدا، حيث درست فترة من الزمن في شبابي فقد كنت كعربي يفور دمي لرؤية رجل ينزف دما على الرصيف بعد علقة ساخنة بينما يمر الناس على ذات الرصيف ويبعدون أقدامهم عن الدم ويمضون، وقبلهم مضى من رآه يضرب دون أن «يفزع» ولو لفض النزاع، فكنا نحن العرب عامة نتندر على برود الإنجليز والأوربيين عامة.
كان هذا على مستوى الشعوب وكان ولا زال للبرود ما يبرره، فتلك الشعوب تركن إلى جهات أمنية وإسعافية لا تتوانى في الحضور ومحاكم تبادر في الحكم على المعتدي وإنصاف المعتدى عليه فلا يوجد ما يدعو لتدخل المارة، أما على مستوى الدول فإن المعادلة تنقلب تماما رأسا على عقب، ففي الوقت الذي تصمت فيه الدول العربية على ما يحدث في سورية وقبلها ليبيا من سفك للدماء على الرصيف السياسي وتمر الدول العربية على ذات الرصيف وتبعد أقدامها عن ملامسة الدم العربي المسلم ولا تتدخل إلا تدخلا خجولا سامجا بطيئا، كما يحدث من الجامعة العربية هذه الأيام تجاه نظام بشار المنشار، عبر مبادرة «ذى ون كونتري شو»، نجد أن الدول الأوروبية تتحالف لإنقاذ ليبيا وتتحالف لتطبيق العقوبات على النظام السوري وتهديده بفزعة عسكرية للشعب ويأتي العمل الجاد لإنقاذ الشعب الجريح من طرف تركيا.
حسنا .. إذا كان لدى الشعوب الغربية المبرر للبرود وعدم التدخل لإنقاذ مصاب وهو الركون إلى قوات أمن وأجهزة إسعاف لا تتوانى في الحضور، فما هو مبرر الدول العربية للبرود وعدم التدخل لإنقاذ شعب؟!، هل هو الركون لقوات أمن وأجهزة إسعاف أجنبية لا تتوانى في حماية مصالحها؟!، إذا فقد سقط «الكفر» العربي لكنه هذه المرة ليس «الكفر» العجلة ولكنه «الكفر» الغطاء.
بل يستحق النقد
لست مع التعاطي الإعلامي مع مشكلة حالة خاصة فردية تمثل حالات عامة ووضعا عاما سلبيا سائدا ثم التفاخر بحل مشكلة تلك الحالة الواحدة المنشورة بينما الوضع العام كما هو، وبقية ضحايا الحالات الأخرى التي لم تنشرها الصحف أو تطرح في القنوات معاناتهم مستمرة وقائمة وهم يقرؤون ويرون ويسمعون عن حالة مشابهة لوضعهم تم التعامل معها بمثالية لمجرد أنها نشرت في وسائل الإعلام بينما مشاكلهم كما هي لم يطرأ ولن يطرأ عليها أي تغيير!!، أتدرون لماذا أنا واثق من أنه لن يطرأ عليها أدنى تغيير؟!؛ لأنني ومن واقع معايشة لبعض المسؤولين لمست الزهو والفرح الذي يسيطر على مدير أو وكيل أو وزير بمجرد نشر خبر تبنيه لحالة نشرت و(توجيهه) بسرعة التعاطي معها وكأنه بذلك التعامل مع ما نشر حل كل المشاكل المشابهة وأنهى كل الأوضاع القائمة وقام بكل مسؤولياته وأكثر!!.
ذلك التعاطي الإعلامي مع الحالات الخاصة، وشعور الناس (ومعهم كل الحق) أن مشاكلهم لا تحل إلا إذا تدخل الإعلام ونشرها جعلنا نتحول إلى وضع (شحاذة إعلامية) لا تسر الطامح إلى حلول جذرية وقيام كل مسؤول بواجباته ومسؤولياته دون نشر ومفاخرة ومظاهر وأصبحت بعض الصحف (مجبرة) على أن تطالعنا كل صباح بمواطن يستجدي علاجا وآخر يستجدي ضمانا اجتماعيا وثالث يتوسل لإنهاء معاملة ورابع يطلب إنصافه من خطاء طبي أو جور مدير؛ لأن تلك الصحف لا تجد بداً من (التعاطف) مع صاحب القضية، ولا ألومها في ذلك، لكنني لا أؤيد خروجها في اليوم التالي بعناوين تمجد المسؤول لسرعة تجاوبه و(توجيهه) بحل تلك المشكلة المنشورة؛ لأن الأصل هو عدم تجاوبه و(تخطيطه) و(عمله) لحل كل المشاكل المشابهة كونه باختصار لم يؤد واجبه الذي ائتمن عليه ويفترض بنا أن ننتقده حتى بعد تبنيه لتلك الحالة الفردية
لنحتفل بأهل مكة
كنت وما زلت أطالب بأن نكرم ونحتفي بكل من قام بعمل شاق أو إنساني أو خارق حتى لو كان من صميم عمله، طالبت بتكريم المواطن الذي أبعد صهريجا محترقا عن محطة وقود، وتكريم الشباب الذين أنقذوا الطالبات من الغرق في نفق السويدي بالرياض، وتكريم الأخ فرمان علي خان الذي أنقذ 14 نفسا من الغرق ثم قضى شهيدا ــ بإذن الله ــ وقدم خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كعادته ــ حفظه الله ــ صورا عديدة من صور الامتنان لفرمان آخرها ولن تكون الأخيرة استضافة أسرته والتكفل بحجهم ضمن ضيوف خادم الحرمين الشريفين، فالمملكة أهل لرواج ثقافة الامتنان والاحتفاء والاحتفال بكل من بذل جهدا كبيرا أو إيثارا أو تضحية، ويسعدني أن أرى وطني يطبق هذا المفهوم ويعنى بتلك الثقافة.
ما نغص علي ذلك الأمل واستفزني هو تصريح لوزارة الصحة ينفي نفيا قاطعا صرف راتب ونصف للعاملين من الصحة في الحج لا ممن هم من خارج مكة المكرمة ولا من هم من داخلها، فوزارة الصحة مؤخرا أصبحت لا تجيد لا التوقيت ولا التشجيع في تصريحاتها وذلك قصور إداري بحت، فالتصريح خرج في قمة بذل الجهد من أجل الحجاج وكان الأجدر إما تشجيع العاملين بتصريح مفرح أو على الأقل عدم التصريح بما يحبط!!، وحقيقة استغرب إصرار الصحة على الوقوف ضد بدلات الممارسين الصحيين والفنيين ووصول قضايا بدل العدوى للمحاكم مع أن الممارسين والفنيين أولى بالتشجيع من الإداريين الذين اتضح أنهم يحصلون على بدلات ضخمة فيها تجاوزات.
حسنة تصريح الصحة المحبط للعاملين في الحج أنه أوحى لي باقتراح أن نختتم كل موسم حج بتكريم كل من بذل جهدا في الحج سواء من الأفراد أو المؤسسات في احتفال رسمي نحتفل خلاله بكل أهل مكة ممن خدموا الحجيج، وأهل مكة هنا هم كل من خدم سواء من سكانها أو من خارجها، ومن قدم خدمة متميزة أو نادرة يكون له تكريم واحتفاء خاص خلال هذا الحفل، علنا نعوض من لم تشجعهم مؤسساتهم بالشكل المطلوب ونرسخ لثقافة التكريم للأحياء.
(الخبير أول ركن) سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع
في مقال سابق وبمناسبة توجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز لعلاج انزلاق غضروفي في إحدى فقرات الظهر قلت إن ظهر الملك عبداللة يحمل هم أمة بأكملها إلى جانب هم وطن يريد أن يرفعه إلى أعلى الدرجات ويؤمن حاضره ومستقبله بمشيئة الله، وما حزمة الأوامر الملكية التي صدرت بالأمس وبعد بضعة أيام من مبايعة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وليا للعهد إلا دلالة واضحة على أن هذا القائد الملهم يستمد إلهامه من توفيق إلهي ونعمة من الله أنعم بها على هذا البلد الأمين ليبقى أمينا آمنا وفي أيد أمينة، وهذا التوفيق المبني على حسن النوايا والإخلاص في تحمل الأمانة العظيمة هو ما يجعل قرارات هذا الملك الصالح تتسم بالحكمة والسداد وبعد النظر ويحالفها توفيق وقبول واستبشار لأنها تنبع من قلب مخلص وتقودها نظرة ثاقبة ويحدوها نية خالصة لتحقيق الصالح العام دون أن تشوبها مصالح خاصة أو يعيقها تردد أو يؤخرها توانٍ.
تلك الحزمة من المراسيم الملكية ماكان لأحد منها أن يخرج قبل الآخر ولا في معزل عنه فهي عدة قرارات في قرار واحد يهدف إلى مواكبة أحداث، لا شك أن أهمها رحيل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ــ تغمده الله بواسع رحمته، ومتغيرات عصرية جعلت كل حقيبة من حقائب المسؤولية التي بدأت صغيرة في عصر نشأتها أصبحت أكبر بمراحل عما كانت عليه، وأصبح توزيع المسؤوليات أمرا حتميا تقتضيه طبيعة المسؤولية وسرعة نموها.
سلمان بن عبد العزيز الرجل الذي لم يكن مجرد حاكم للمنطقة الوسطى أو أميرا لمنطقة الرياض على مدى 56 سنة، بل كان رجل المسؤوليات المتعددة سواء على مستوى العلاقات الدولية من موقعه كحاكم للعاصمة أو العمل الوطني أو العمل الخيري أو حتى فيما يتعلق بشؤون الأسرة المالكة فهو ركن قوي من أركان الأسرة، كما أنه كان ولا زال الصديق للإعلام وللرأي العام والمرجعية التاريخية لكل ما يتعلق بهذا الوطن إلى جانب ما قدمه من عطاء لعشقه الرياض، وخبير في حجم سلمان بن عبدالعزيز عندما يتولى وزارة الدفاع فإنما يجسد تطبيق المقولة الخالدة لخادم الحرمين الشريفين «وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه» وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز بهذا التعيين هو أول وزير لوزارة الدفاع بمسماها الجديد وبهذه العناصر مجتمعة فإنني أستطيع أن أقول إنه (الخبير أول ركن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع) هذا من جانب المسؤولية الجسيمة كوزير للدفاع إلا أن ثمة أمرا مهما آخر في هذا التعيين وهو أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع أصبح عضوا في مجلس الوزراء ورجل مثل سلمان بن عبدالعزيز عندما يحضر هذا المجلس الذي يشرف برئاسة خادم الحرمين الشريفين وتواجد ولي عهده الأمين هو بلا أدنى شك ركن ثالث مهم وأساسي سيكون له دور كبير في ذلك المجلس العامر بكل من فيه.
وفي تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز أميرا للرياض انتقال سلس للمسؤولية، فالأمير سطام كان وعلى مدى 45 سنة نائبا لأمير الرياض وعضده الأيمن وليس بالغريب على الإمارة وعلى أهل الرياض وليست مسؤوليات الإمارة بالغريبة عليه، كما أن عضده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز الذي عين نائبا لأمير منطقة الرياض عمل نائبا لأمير منطقة القصيم قرابة عقد من الزمن وعمل مستشارا في وزارة الداخلية مدة طويلة فجمع بين خبرة العمل في الإمارة ووزارة الداخلية.
فصل الطيران المدني عن وزارة الدفاع خطوة ضرورية حتمية اقتضتها المتغيرات السريعة وتنامي المهام والمسؤوليات وحجم كل منهما، فعندما ربط الطيران المدني بوزارة الدفاع لم يكن الطيران المدني يعدو ناقلا حكوميا واحدا وأسطولا محدودا ببضع طائرات، لكن الوضع تغير وتطور بشكل سريع على المستوى العالمي وأصبح التنافس في صناعة النقل الجوي محتدما يستدعي استقلالية الطيران المدني بالكامل والتوسع في مجال تخصيص الناقل الجوي والترخيص لمزيد من شركات النقل والسعي لمعالجة مشاكل الناقل الأكبر ليواكب سرعة تطور شركات الطيران العالمية التي لا تقل عن سرعة الطائرات الحديثة نفسها، وبذلك فإن قرار الملك ــ حفظه الله ــ بفصل الطيران المدني عن الدفاع يعكس طموحا ملكيا بأن يحلق الوطن عاليا بذات الجناحين منفصلين، وزارة دفاع متفرغة للذود عن حمى الوطن أرضا وجوا وبحرا تؤمن بمبدأ وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه، وطيران مدني بمستوى طموح وإمكانات وطن لا يرضى بالقليل وتعود الريادة، وتعيين صاحب السمو الأمير فهد بن عبدالله بن محمد آل سعود رئيسا للهيئة العامة للطيران المدني إعلان عن نية لإحداث نقلة نوعية في الطيران المدني كما أن من الحكمة تعيين الدكتور فيصل بن حمد الصقير نائبا للرئيس خصوصا أنه الخبير الهندسي والإداري في هذا المجال.
المهام الجسام التي يضطلع بها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد ــ يحفظه الله ــ حتمت أن يتولى زمام رئاسة ديوان ولي العهد رجل بحجم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز بمالديه من خبرة وكياسة وقدرات على تولي شؤون ديوان ولي العهد.
كما أن تعيين رجل بخبرة وكفاءة عبدالرحمن بن علي الربيعان سكرتيرا خاصا لسمو ولي العهد سينعكس إيجابا على جميع الملفات التي تعنى بالوطن والمواطن فالرجل مشهود له بأنه طاقة خلاقة وشعلة نشاط.
أي احتساب هذا؟!
وعدتكم بالأمس أن أعود لمتابعة مأساة الحجاج الفقراء الذين سجلوا في حملة المكتب التعاوني لحجاج الجاليات والأسر الفقيرة في النسيم في الرياض بعد أن أرجعوا من نقطة التفتيش لعدم وجود تصريح، فقد توقفنا إلى ساعة كتابة المقال فجر الجمعة وهم يذهبون للنقطة ويعودون، لقد استمر ذلك حتى الحادية عشرة والنصف قبل الظهر (من الساعة السادسة مساء الخميس، أي أكثر من 17 ساعة) بعدها تم تمريرهم!!، ونحمد الله أنهم مروا لأن الحجاج لا ذنب لهم وإنما هو ذنب شباب المكتب وهم بلا أدنى شك من المجتهدين المحتسبين ولكن ليس كل مجتهد مصيبا، وهم بما فعلوا إنما جازفوا بحج هؤلاء الفقراء وجازفوا باحتساب من احتسب وتكفل بحجهم ودفع عنهم أملا في الأجر والثواب وقبل هذا وذاك جازفوا بالعمل الدعوي والاحتساب فشككوا (دون قصد) في هذا العمل الخيري النبيل وأساءوا (دون قصد) لتاريخه الطويل الناصع البياض المرصع بالإنجازات.
هذا الموقف يتطلب من ذلك المكتب وغيره إعادة النظر في توزيع المهام وعدم إيكال أعمال حساسة تتعلق بالترتيب لعدد كبير من الناس في شأن أساسي كركن مثل الحج، لشباب مجتهد متحمس مندفع لا يعترف بالتخطيط والتثبت، فكان الأجدر أن يتولى الترتيب والتأكد من سلامة الإجراءات كبار المحتسبين ويترك لصغارهم العمل الميداني مثل خدمة الحملة وتنظيم خدماتها، فواضح مما حدث أن عنصر المجازفة لعب دورا في إمكانية حرمان مئات الحجاج من الفقراء والجاليات من أداء هذا الركن، كما أن طريقة التعامل والرد على شكوى الحجاج كانت تفتقر لحكمة الكبار، فتخيل لو أن امرأة أو رجلا من الجاليات دخل للتو في الإسلام وحجج دون مقابل ثم حدث ما حدث من انتظاره 17 ساعة وعندما اشتكى قيل له (هو أنت دافع شيء حتى تشتكي؟!!) كيف سيكون موقفه من الدين وأهله خصوصا أنه لم يدرك بما يكفي أنه الدين العظيم الذي جاء في كتابه المنزل «يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس.. الأية»، كما أن من تبرعوا للفقراء من الحجاج وضعوا الثقة في هذا المكتب الدعوي أملا في أفضل خدمة للحجاج ولو علموا خلاف ذلك ما قبلوا خدمة ناقصة «يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد».
حجاج فقراء خدعوا وحسبهم الله
حملة في الرياض تابعة لمكتب النسيم التعاوني لحجاج الجاليات والأسر الفقيرة أو هكذا عرفها أهل الخير، يقوم عليها شباب ظاهرهم التدين والله حسبهم وحسيبهم، قاموا بتسجيل أعداد كبيرة من الحجاج السعوديين الفقراء، ممن كانوا يبحثون عن من يعينهم على أداء هذا الركن عن طريق الحملات الخيرية، وحين لم يجدوا تكفل بهم أهل الخير من المواطنين فدفعوا لهذه الحملة مبلغ 3500 ريال عن كل حاج لا تشمل قيمة الهدي وهو بذلك مبلغ مجزٍ خصوصا أن النقل بالحافلات وخدمات الحملة خدمات عادية بدليل استثناء قيمة الهدي من رسم الاشتراك في الحملة، وبالفعل تم تسيير ثلاث حافلات جلها من السعوديين الفقراء الذين ودعوا أبناءهم وأودعوهم من يرعاهم أملا في إتمام الحج بيسر وسهولة خصوصا أن تكاليفهم مدفوعة مثلهم مثل غيرهم بصرف النظر عن من دفع؟!، لكن ويا للمفاجأة بل يا للعار فقد وصلوا إلى الميقات وأحرموا وعند وصولهم لنقطة الدخول تبين أن الحملة ليس لديها تصريح الدخول مع أن جميع الحجاج لديهم التصريح وشهادات التطعيم وجميع أوراقهم سليمة فتم إرجاعهم كون الحملة لا تحمل التصريح المطلوب، وكانت تعول على وجود من يسهل دخولها دون تصريح وهذه مخالفة للنظام والتعليمات الواضحة والمكررة وقبل ذلك مخالفة لتعاليم الدين بارتكاب إثم عظيم في حق هؤلاء المساكين وخيانة للأمانة ،فقد ائتمنهم كل موسر تكفل بقائمة من الحجاج خصوصا أنهم حصلوا منهم على وعد وعهد بأن حملتهم نظامية وليست تجربتها الأولى.
حتى ساعة كتابة هذا المقال الخامسة فجر الجمعة وأنا على اتصال بالحجاج وهم منذ السادسة مساء الخميس يذهبون ويعودون من الميقات إلى نقطة الدخول وتفشل محاولات الحملة في إدخالهم ويقترحون عليهم الترجل والمشي على الأقدام ليتسنى إدخال الحافلات خالية ثم التقاطهم، وفي ذلك خداع وإرهاق للحجاج وخطورة من أن يفقد بعضهم أو كلهم، أفلا يتقي هؤلاء ربهم في المسلمين؟! وأي ضمير وورع في من يجازف بأمنية حاج وجهده؟! ومتى يتم وضع حد لمآسي حجاج الداخل خاصة الفقراء منهم ممن لا يقدرون على حملات الخمسة نجوم المكلفة؟! لقد صعقت برد أحد القائمين على الحملة عندما عاتبته ليقول بكل صفاقة (هم دافعين شي؟!).
غداً يتضح مصيرهم ونكمل.
