اليوم: فيفري 4, 2012

ربط الشؤون الاجتماعية بالأرصاد

هل وصلت بنا الارتجالية وعدم التنظيم إلى درجة أن لا تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بتوزيع إعانات الشتاء للمحتاجين في المناطق الشمالية إلا بعد أن وصلت درجة الحرارة في تلك المناطق إلى ما تحت الصفر بأربع وخمس درجات؟!، سبحان الله وكأن الشتاء كارثة طارئة وليس فصلا سنويا موعده معروف!! وحقيقة فإننا نعاني كثيرا من هذا الخلل الدائم المتمثل في التحرك عند ساعة الصفر في كل شؤوننا الهامة وأحداثنا التي لا نحتاط لها الاحتياط اللازم، فلا نتحرك إلا بعد وقوع الفأس في الرأس، والشكوى من هذا السلوك أو الطبع المتأصل في دوائرنا شكوى دائمة وكنا نأمل أن نتجاوز هذا القصور بعد أن تلقينا الدرس تلو الآخر، ووقعت الفأس في الرأس كثيرا، لكن ذلك كان يحدث مع ظروف طارئة لم نحتط لها الاحتياط اللازم نتيجة غياب خطط الكوارث أو افتراض الحوادث، أما أن ينسحب ذات الطبع الخاطئ على ظروف مناخية معروفة تحدث سنويا ومتوقعة ومعتادة ومجدولة في الروزنامة السنوية ومع ذلك لا نتحرك لها إلا بعد حدوثها وكأنه حادث مفاجئ فأمر يدعو للعجب ويستوجب وقفة جادة ومراجعة مخلصة لطريقة تعاطينا مع المعونات الحكومية، فهل نحن نتردد في صرف المعونات الضرورية أملا منا في إمكانية عدم الحاجة إليها؟! فهذا في حد ذاته تجنيا على دعم حكومي لا يحق لكائن من كان منعه أو التقتير فيه، ولم يبق على الشؤون الاجتماعية والحال كذلك إلا أن تطلب ربطها بهيئة الأرصاد، أما أننا نتقاعس عن أداء الواجب ونؤخره ففي ذلك إهمال يحتاج لحزم يليق بحجم التقاعس، أما من لديه تبرير ثالث فأرجو أن يتحفنا به.

فشلتونا عندنا!!

لا بأس أن نطبق المثل الشعبي (كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس)، فمن المقبول أن نتجمل للناس، ناسنا نحن، مجتمعنا نحن، ووفقا لديننا وعاداتنا وتقاليدنا نحن، ليس لكي نعجب أناسا آخرين قد لا يعجبوننا ولا يشابهوننا ولا يتفقون معنا في الدين ولا يتفقون معنا في العادات والتقاليد فكيف نسعى لكسب إعجابهم ورضاهم؟!.
أحيانا كثيرة أشعر أن لدى بعضنا شحا في الثقة بالنفس بحيث يسعى لتقليد لا لتقاليد، وبدلا من أن يثق بنفسه يوثقها برضا الآخر البعيد، وبدلا من أن يرتبط بمعتقداته وقيمه وعاداته يربط نفسه ومجتمعه بسلوك مجتمع مختلف يعاني عقلاؤه من هذا السلوك.
يفترض أننا مجتمع شب ويشيب على هدى دين يحث على الأقربين في كل شيء حتى في أولوية الصدقة، وبالتالي فإن الإرضاء والاقتداء يجب أن يعطيا ذات الأولوية للأقربين ليستمر التماسك والتناسق والتناغم في سلوكيات المجتمع وصورته العامة، وهذا بالمناسبة هو ما يحدث في كل مجتمع له جذور أصيلة وقيم ومبادئ وعادات يفخر بأصالتها ويحافظ عليها، حتى لو لم تكن قائمة على أساس ديني فكيف إذا كانت تقوم على أساس راسخ من كتاب مطهر وسنة خاتم الأنبياء والمرسلين.
نحن نعاني بلا شك ممن لا يملك قدرا كافيا من الثقة في النفس وبالتالي فإن ثقته في مجتمعه وعاداته وتقاليده وحتى تعاليم دينه تتأثر بنقص الثقة واهتزازها فتهتز شخصيته ويصدر منه ما يدعو لتقليد أعمى يراه بصيرا، والمشكلة الكبرى أو الأكبر عندما يكون صوته الإعلامي هو الأعلى أو عاليا بما يمكن من إسماع عدد كبير من الشباب فتنتشر عدواه وتزداد أعداد الإصابات بفيروس الشعور بالنقص.
لعلي أضرب مثلا شائعا وإن كان ليس هو الأخطر فيما ذكرت، ألا وهو انتشار عبارة (فشلونا عند الخواجات) والتي تتكرر إعلاميا وعلى مستويات كبيرة، وكأنه لا يعنينا إلا انتقاد (الأجنبي) الذي يعاني مجتمعه من سلوكيات نشاز تخالف حتى طبائع البشر، وفي المقابل لا نسمع من يقول (فشلتونا عند عقلائنا) فالأولى أن نسعى لنبذ ما يستفز السواد الأعظم وهم عقلاؤنا فنقول (فشلتونا عندنا).