الشهر: ديسمبر 2015
خائف من وزير الصحة!
لمعلومية من يخفى عليه الأمر فإن المرضى النفسيين في وطننا الغالي لا يجدون الحد الأدنى من الرعاية الصحية، منذ تأسست وزارة الصحة وحتى تاريخه، ولم يسعد المريض والمريضة النفسية بوزير صحة يعيرهم أدنى اهتمام باستثناء المرحوم بإذن ربه غازي القصيبي الذي غير مسمى مستشفيات (الأمراض) النفسية إلى مستشفيات (الصحة) النفسية، ولم يسعف الوقت الوزير الشاعر المرهف ذا المشاعر لإسعاف حالهم، ومن بعده لم يكترث بهم لا وزير ولا مسؤول شؤون صحية في أي قطاع، وأشكر الصحف التي كتبت فيها (الجزيرة والرياض وعكاظ) أن أتاحت لي فرصة المطالبة برعاية صحية لهم، وأشكر البرامج المتلفزة أن سمحت لي بأن أقول أن لا أحد يهتم بهم مثل الاهتمام بمرضى القلب و(الشحوم) وآثار النعمة، لأنهم لا يمدحون وإذا مدحوا فمدحهم كالقدح!، ولا ينتقدون وإذا انتقدوا قيل كلام (مهبل)، وكنت ولازلت أقول بأن المرض النفسي هو نصف الصحة المهمل؛ لأن المرض إما عضوي أو نفسي والعضوي رعايته (ترقل) والنفسي ليس له رعاية! وكان يسمح لي بقول ذلك في قناة يديرها محمد التونسي أما الآن فبعض قنواتنا تحتاج لعلاج نفسي!.
عاتبت ذات مرة مدير قطاع صحي قائلا: لماذا لا تنفرد بتأسيس مستشفى صحة نفسية حكومي مثالي فتكون سباقا؟!، رد علي (يبدو أن أول من سيدخله أنا وأنت!)، فخفت أنه سيقتادني إليه ويتركني ويخرج وبلعت العافية ومن شروط بلع العافية أن تبلع لسانك!.
يبدو لي – وأرجو أن أكون مخطئا – أن وزير الصحة الحالي خالد الفالح لا يتفاعل مع الرأي الصحفي بدليل عدم تجاوبه، وكناقد أحب أن أعطي الوزير الجديد الوقت الكافي قبل انتقاد وزارته، لكن الأمر الذي لدي كصيدلي لا يقبل الانتظار، فمعلوماتي تؤكد أن الصيدليات الخاصة جميعا توقفت عن توفير الأدوية النفسية، وأنها مقطوعة من السوق، وهذه كارثة؛ لأن المرضى النفسيين ينتكسون بسرعة وبشدة إذا توقفوا عن الأدوية، و(هم مش ناقصين وحنا مش ناقصين كوارث انتكاسات نفسية)، ومعلوماتي تقول إن قرارا للوزير بضرورة تواجد صيدلي سعودي مسؤول عن عهدة الأدوية النفسية هو من أحد أسباب عزوف الصيدليات، والمؤكد عندي أن ملاك الصيدليات جشعون متمردون على الأنظمة، وأن الوزير لم يدرس قراره بواقعية لقلة أعداد الصيادلة السعوديين!، والحل أن تجرد الأدوية النفسية على الصيدلي غير السعودي دوريا ولا يسافر إلا بتبرئته من عهدتها ويشاركه مالك الصيدلية في المسؤولية، ويفرض تأمين الأدوية النفسية على كل صيدلية أو تغلق.
جوري لكل عسكري
لاحظ أن جوري أنقذت ولم نسمع ذكرا لاسم مدير شرطة منطقة الرياض وهذه خاصية تميز فريد، وسبق أن أشدت بتميز الموظف العسكري في الانضباط والالتزام بالدوام أيا كان مركزه ومهما علت رتبته، واستشهدت باستشهاد عميد وإصابة عقيد في مركز حدودي في ساعات الفجر المبكرة، حيث لا يتواجد لو كان مدنيا في مكان عمله بهذا الانضباط ولو تواجد فلن يباشر العمل بنفسه.
الإنجاز الأمني العظيم بإنقاذ الطفلة جوري من براثن مجرم خطير اختطفها في ظروف غامضة ودون دلائل تشير إلى الخاطف أو كاميرات خارجية في المستوصف تساعد في الدلالة عليه، إنجاز يؤكد ما نقول دائما عن تميز الجهات الأمنية نتيجة تميز عمل العسكريين العاملين فيها بخصائص لو استفدنا منها في الجانب الوظيفي المدني لحققنا الكثير في وزاراتنا ومؤسساتنا الخدمية المدنية.
من أنقذوا جوري من رجالات شرطة منطقة الرياض سواء منهم رجال البحث والتحري أو رجال المباشرة والقبض وكل من ساهم في هذه العملية بدءا من أصغر فرد رتبة إلى مدير شرطة منطقة الرياض جميعهم نهجوا منهجا مثاليا في التعاطي مع هذه المهمة، ومن هذا المنهج أن كلا يقوم بدوره بمنتهى الإخلاص والتفاني وبعيدا جدا عن البحث عن مجد شخصي أو ظهور إعلامي، وفي هذا النهج أيضا كلٌ يؤدي دوره ويستفيد من أدوار الآخرين لتحقيق هدف واحد لا غيره وهو النجاح في المهمة وتحقيق المجد للوطن، والوطن فقط، ولذلك تحقق النجاح وفي فترة وجيزة رغم صعوبة المهمة.
تخيل لو أن هذا العمل أو المهمة مناط بوزارة أو مؤسسة مدنية فستجد أن الكلام والتصريحات تسبق العمل، وأن كلا يدعي الإنجاز لنفسه (هذا لو حدث إنجاز)، وأن الوزير أو المحافظ أو مدير عام المؤسسة هم من ينسب لهم الفضل في العمل والإنجاز (هذا لو حدث إنجاز)، وستجد أن كلا يطالب بمكافأة وخارج دوام ويشتكي من عدم تقدير عمله وعدم التكريم، وستجد أن مديرا يسرق إنجاز الموظف الصغير، وآخر يشاركه في المكافأة، ومديرا ثالثا (يترزز) في وسائل الإعلام متحدثاً عن النجاح (هذا لو تحقق نجاح).
بينما نجاح إنقاذ الطفلة جوري لم نسمع ولم نقرأ إلا للمتحدث الرسمي، ولم نسمع قط باسم مدير شرطة منطقة الرياض وكانت الشكوى الوحيدة لأبطال الإنجاز هي من نشر الشائعات والأخبار المغلوطة التي كادت أن تعرض حياة جوري للخطر.
وبعد هذا كله ألا يحق لنا أن نطالب باقتداء الموظف المدني بأخيه العسكري في الانضباط والإخلاص والتفاني وإنكار الذات وأن نقدم باقة ورد جوري احتراما وإجلالا لكل فرد عسكري.
