الشهر: ديسمبر 2002

دراسة يا معالي الوزير

تمنيت منذ أكثر من شهرين على معالي وزير الصحة الأستاذ الدكتور أسامة عبدالمجيد شبكشي، وهو الرجل المشهور بإنسانيته وخلقه الرفيع وبعد نظره، تمنيت منه أن يقتطع جزءاً يسيراً من وقته الثمين ويجمع نفراً من الأطباء الممارسين من ذوي الميول الأكاديمية ويطلب منهم إعداد دراسة عادلة على أثر الغش في تاريخ صلاحية الأدوية على الحالة الصحية لآلاف المرضى ممن تعتمد صحتهم على تناول هذه الأدوية مثل مرضى السكر والقلب وأمراض ضغط الدم والتهابات الكبد وزراعة الأعضاء وغيرهم من المرضى المزمنين ومرضى الحالات الحادة التي يفترض من دواء صالح للاستعمال أن ينقذ حياتهم بإذن الله.

والأضرار والأخطار الصحية الناجمة عن تناول دواء غير فعال حقائق معروفة لكنها لا تحرك ساكناً نحو تطبيق عقوبة صارمة بحق ممارسي جريمة تغيير تاريخ انتهاء الأدوية والحليب والتي أصبحت ظاهرة لا يمر يوم إلا وطالعنا تحقيق صحفي عن كشف أحد أوكارها ولكن بدون أسماء، وكأن قرار التشهير لم يفعل بشكل يوازي عدد الاكتشافات أو أنه يمارس بتردد واستحياء ومجاملة للهوامير أو أن التستر على هؤلاء المجرمين بات أهم من حياة أبرياء يفقدونها رغم دفعهم لقيمة الدواء الداء!!.

واقترحت على معاليه أن يكشف عن تأثير هذا الغش على الاقتصاد الصحي وأقصد هنا تكلفة تنويم وعلاج وإعادة تأهيل مريض انتكست حالته الصحية وتدهورت لأنه انقطع عن الدواء الفعال بتناول دواء منتهي الصلاحية ناهيك عن تأثير تحول الدواء الى سم زعاف بعد تحول مركباته بفعل الزمن.

اشرح لهم يا معالي الوزير كم يكلف هذا الغش ميزانية الصحة بقطاعاتها المختلفة وهل يتناسب حجم الخسارة الاقتصادية مع حجم الغرامة التي لا تشكل سوى “قرصة أذن لذلك المجرم”.

وبيّن لهم يا معالي وزير الصحة إذا كانت عبارة “عيب يا شقي” تكفي في حق من يتعمد خداع الناس في صحتهم، في راحتهم، في استقرارهم، في أمنهم الصحي.

لا أقصد الغش عبر المنافذ الجمركية وحسب إنما أقصد أولئك الذين يمارسون جرائم تغيير تاريخ الصلاحية والتزييف في الداخل وقد فضحت تحقيقات جريدة الرياض وحدها وفي مدينة الرياض فقط العشرات من الوقائع المثبتة لكن عدد إعلانات التشهير لا يصل إلى واحد من مائة من الوقائع بل على العكس تكرر كلمة وافد وهذا الوافد لابد أن خلفه ضميراً محلياً راقداً ألا نوقظه بفضح أمره؟!.

يؤسفني أعزائي القراء أن نلجأ إلى التأثير الاقتصادي للجريمة لنطالب بأقصى العقوبة فجدير بنا أن نفكر أولاً وأخيراً بأثرها على الإنسان ولكن لا بأس إذا كانت لغة الاقتصاد مؤثرة فلماذا لا نستخدمها؟!.

لذا فإنني لا أرى غضاضة من الإلحاح في المطالبة بإجراء تلك الدراسة وذلك الربط بين البعد الصحي والبعد الاقتصادي لهذه الجرائم، ولأن الطموح والأمل والثقة في المسؤول لا تقف عند حد فإنني أتمنى عندما يتحقق حلم إجراء مثل هذه الدراسة وتتضح النتائج الخطيرة صحياً واقتصادياً للدواء غير الفعال أن نكتب تحت النتائج عبارة “صورة لمن يدعو إلى منح تراخيص لمختبرات تحليل أدوية أهلية للاطلاع على نتائج ما سيحدث من تلاعب في شهادات الجودة والمطابقة”.

مختبرات تحليل الأدوية.. الخطر الجماعي

حذرنا كثيراً من فكرة تولي القطاع الخاص إنشاء مختبرات خاصة لتحليل الأدوية واعتماد شهادات هذه المختبرات لافساح الدواء سواء المستورد أو المصنع داخلياً.

أما وقد أصبح الموضوع يدرس بجدية أو على وشك الموافقة عليه فانه لابد من المزيد من المصارحة والشفافية وايضاح أبعاد ما يعتقده البعض نشاطاً صحياً يمكن للقطاع الخاص ممارسته مثلما يمارس العلاج!!.

الدواء ليس سلعة عادية أو مادة استهلاكية تتوفر لها المشابهات والبدائل في كل الأحوال.

الدواء مادة أساسية استراتيجية تستخدم لممارسة الاحتكار في أحيان كثيرة بل إن كثيراً من انواع الدواء التي لم يمض على طرحها في السوق سنوات حق البراءة هي في الواقع محتكرة وبشكل كبير وبدائلها قليلة جداً أو معدومة وفي كثير من الدول خاصة في العالم الثالث تأتي ميزانية توفير الأدوية، اما في المرتبة الاولى أو الثانية بعد ميزانية شراء الأسلحة.

أريد القول ان المبالغ التي يتم التعامل بها لتوفير هذه المادة الأساسية، السرية، النادرة هي مبالغ ترقى إلى الأرقام التي تثور من أجلها الحروب والفتن وتستحق في نظر “المافيا” ان تشتري من أجلها الذمم وترخص لها الأرواح.

ثم إن المعلومة الدوائية معلومة مشتركةة عالمياً، يقوم لها العالم جميعاً ويقعد، بمعنى انه لو قرر مختبر دولة ما أن الدواء الفلاني التابع للشركة الفلانية لا يحتوي مادة فعالة أو ينطوي على خطر ما فإن جميع دول العالم تتفاعل مع هذه المعلومة وان كان بدرجات تتفاوت حسب قيــــــمة الإنســــــان فيها.

ثم ان حجم العقود لتوفير الدواء في هذه البلاد وغيرها يشكل مبالغ كبيرة جداً والشروط التعاقدية تنص على إتلاف الدواء الذي لا يجتاز التحليل وليس استرجاعه، أي ان قرار مختبر التحليل بالنسبة لوكيل الدواء أو الشركة الأم هو قرار حياة أو موت، هو قرار خسارة مئات الملايين أو ربح عشرات الملايين فهل يمكن ان نوكل منح شهادة نجاح الدواء لتاجر ومجموعة موظفين معظمهم من غير السعوديين بل وحتى وان كانوا سعوديين فإن انتماءهم وولاءهم وتحديد مصيرهم الوظيفي في يد تاجر.

قد يقول قائل ولماذا نفترض عدم الثقة في القطاع الخاص أو التاجر دائماً؟! وهنا نقول لقد منح القطاع الخاص ثقة كبيرة في أمور تتعلق بالحياة والموت لافراد وليس جماعات كموضوع الاجراءات الطبية والعلاج، أما يتعلق بمصير جماعي مثل فسح دواء يفترض ان ينقذ حياة الآلاف وإذا فسح وهو ليس فعالا فانه سيبقى طوال مدة الصلاحية (ثلاث سنوات) يخدع الروح تلو الاخرى فإن الأمر يختلف. ثم ان تجربتنا مع الثقة في القطاع الخاص غير مشجعة على الاطلاق خاصة في مجالات الصحة.

ألم تبع تقارير الإجازات المرضية؟! ألم تمنح شهادات الخلو من الأمراض لخادمات يحملن الايدز؟!.. ألم يسمح بممارسة الطب وجراحة المخ لمن لا يحملون غير خبرة في السباكة؟! ألم يخدع المريض بإعلانات طبية مبالغ فيها؟! ناهيك عن أطنان الأدوية منتهية الصلاحية التي استُبدل تاريخها وبيعت للمرضى وقد تكون أحد أسرار الوفاة المفاجئة لمرضى السكر والقلب والضغط والصرع والربو.

وفي الجانب غير الطبي ألسنا نصبح يومياً لنطالع خبراً يقشعر له البدن للممارسات التي تكتشفها لجان الغش التجاري وآخرها إعداد وجبات المرضى من لحوم بقر مفرومة ومخزنة في الزبالة؟!..

إن السؤال المنطقي هو لماذا نفترض حسن النية في القطاع الخاص ونمنحه الثقة طالما ان الأمر يتعلق بحياة أو موت جماعي مثل تحليل الأدوية.

اننا حينما نفعل ذلك فانه يفترض ان يكون لدينا جهاز رقابي حكومي فاعل وكبير بحجم خطر إفلات دواء واعداد هذا الجهاز سيكلفنا مبالغ تفوق ما نحتاجه لتطوير المختبرات الحكومية ودعمها بالأجهزة والموظفين وتركها تشكل رادعاً يصعب اختراقه ويقلق كل من تسول له نفسه الكسب على حساب أرواح الناس.

بقي ان أذكر بأن الأمن الدوائي لا يقل أهمية عند جميع الأمم عن أشكال الأمن الاخرى “الأمن الخارجي، الأمن الداخلي، الأمن الغذائي والمائي” وطالما أننا يستحيل ان نوكل اصدار الجواز وبطاقة الأحوال والاقامة للقطاع الخاص فإن من المنطلق نفسه يفترض ان لا نوكل اليه أمراً يتعلق بالأمن الدوائي!!.

أرجو من معالي وزير التجارة ومعالي وزير الصحة التفكير ملياً في هذا الأمر لأن خطورته لا تسمح بأدنى حد من المجاملة.

مشاغل السرطان

يبدو أننا تطورنا شكلياً في أشياء كثيرة، حتى مسببات انتشار الأمراض أصبحت أجمل وأكثر أناقة وبريقاً.

كانت دكاكين الحجامة أحد أهم أسباب انتشار أمراض الدم وخاصة التهابات الكبد، ولعلها لا زالت كذلك لأننا للأسف لازلنا نعتبر الحجامة موروثاً يجب المحافظة عليه بعيوبه وأخطاره ونحن نضعف بشكل كبير أمام الموروث وفي الوقت ذاته لا نملك الحماس للمحافظة عليه ولكن بطريقة تواكب متطلبات الوقاية.

الآن ثمة دكاكين أخرى اكثر جمالاً وجاذبية ومواكبة للموضة واهتماماً بالديكور تلعب الدور الحديث في نشر الأمراض القاتلة بل ربما كانت ولا تزال احد مسببات تزايد حالات السرطان!!.

المشاغل النسائية التي لا تخضع لأكثر من رقابة رجال الحسبة بل تعمل في معزل تام عن الرقابة الصحية لأننا لا نفتش السيارة التي تركب فيها امرأة فكيف نفتش مشغل تجميل النساء؟!.

هذه المشاغل ومراكز التجميل والتي تطورت من مشاغل خياطة الى حلاقة نسائية ثم عناية بالأظافر ثم مراكز تجميل للوجه إلى ان كبرت بشكل سريع فأصبحت مراكز عناية بالجسد والتخسيس بحمامات الشمع والمواد الكيميائية.

تلك الدكاكين كبرت بسرعة والرقابة عليها لم تكبر إن لم تكن صغرت كثيراً فالرقابة عندنا تصغر كلما أصبح الهدف كبيراً!!.

يذكر الواعي من النساء أن العمل في تجميل المرأة عندنا في تلك المشاغل يتم بطريقة لا تطبق أدنى أسس الاحتياط في مجال استخدام المواد الكيميائية فالأصباغ تعجن ثم تلطخ على الرأس وتتصبب على الوجه ناهيك عن تسرب عصارتها إلى جلد الرأس.

والمواد الكيميائية التي تستخدم كمثبتات للشعر أو أصباغ تبخ بشكل مكثف في مكان مغلق مكتوم. ناهيك عن غمس الجسد الناعم كاملاً في حمامات من مواد التخسيس الشمعية ولساعات طويلة تكفي لوصول تلك المواد الى تراكيز عالية في الدم.

بقي أن أقول كصيدلاني إن طرق استخدام الأصباغ والمواد الكيميائية في مراكز التجميل تلك تحقق أسرع طرق الامتصاص ووصولها إلى الدم فنفاذ عصارة تلك العجائن إلى قشرة الرأس يعني ملامستها لأكثر أجزاء جلد الإنسان امتصاصاً وفي موقع قريب من المخ (إن وجد!!). كما أن بخ رذاذ تلك الكيماويات في مكان مغلق يعني استنشاق كميات كبيرة منها ودخولها لرئة المرشوشة والراشة وحاضرة الرش. ولست هنا لأصف مدى حساسية الرئة وسرعة تأثر نسيجها بالمواد الكيميائية سواء في شكل حساسية أو ربو أو خراجات أو أورام سرطانية.

إن معظم تلك المواد الصبغية مجهولة التركيب ولا صحة لما يدعيه أصحاب تلك المشاغل من أنها “صبغة فواكه” أو “حناء نقي” بل هي تركيبة معقدة من المادة الكيميائية الفعالة وعدد كبير من المركبات الأخرى المجهولة تماماً إلا أن المعلوم بدرجة لا تدع مجالاً للشك أن ثمة علاقة وطيدة بين تلك الأصباغ الصناعية والسرطان خاصة حينما تصل للدم وهو ما تسهله ممارسات المشاغل بالاستخدام المكثف لتلك المواد دون تطبيق أبسط متطلبات منع وصولها للدورة الدموية أو الجهاز التنفسي.

الغريب ان المجتمع برمته من جهات صحية وإعلام وأساتذة جامعات ورجل شارع جميعهم يتساءلون عن أسباب زيادة حالات الأورام وأمراض الحساسية والتشوهات الخلقية للأجنة والصداع النصفي مع أن نصف المجتمع وعدد من النصف الآخر يتم رشهم بمواد تغير لون الشعر والجلد فهل فكرنا في إمكانية أنها تغير أشياء أخرى؟!.

أرجو أن نتنبه للدور المحتمل للمشاغل النسائية في التشوهات الخلقية مثلما تنبهنا سابقاً لدور بعضها في التشوهات الأخلاقية!!.

أسر السجناء والنخيل العوجاء!!

قبل الاعتراف التاريخي بمشكلة الفقر في هذه البلاد وهو الاعتراف الذي سيسجله التاريخ بماء الذهب لأنه القرار التاريخي لعلاج الذات بتشخيص العلة والاعتراف بوجودها والبدء في محاربتها وهذا هو نهج الشخصيات التاريخية العظيمة في كل شيء. وهو ما سيسجله بإذن الله كاتب الخير كماً هائلاً من الحسنات لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذي اتخذه لأنه سعى الى تفريج كرب الآلاف ممن عانوا من عدم الاعتراف بمشكلتهم عشرات السنين.

أقول قبل ذلك الاعتراف كان بعض القائمين على الجمعيات الخيرية التي تركز على تحويل الصدقات لخارج هذه البلاد يحاولون جاهدين تجاهل فقراء الداخل بل في بعض المقالات والتعقيبات كانوا يتناسون “عفا الله عنهم” النصوص التي تحث على ذوي القربى او تكرر أن “الاقربون اولى بالمعروف” مع ان النصوص في هذا الصدد واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ولايمكن ان يتجاوزها إلا منحازٌ لتوجهه ورأيه او مستنفع.

وعلى أي حال فقد انتصر الله الرؤوف الرحيم للفقراء فسخر لهم قلباً رحيماً زارهم في جنح الظلام وخفف من معاناتهم وجعل النصف الآخر لوزارة العمل والخاص بالشؤون الاجتماعية يعمل بنشاط وحرص وسرعة أكبر.

جريدة “الرياض” هي الاخرى سلطت الضوء على فئة اخرى شديدة الحاجة قد لاتصنف ضمن الفقراء وحسب بل المنكوبين الا وهم أسر السجناء “زوجاتهم، بناتهم، ابناؤهم ومن كانوا يعولون” هؤلاء ربما لم يتعودوا الفقر بل أصابهم فجأة وأصابتهم نكبة!! وتوالت عليه الأزمات التي ربما لم يعتادوا عليها.

العائل أودع في السجن وليس في المقبرة وهذا معناه توقف رواتبه وعدم توفر إرث يعينهم على استقبال الفقر تدريجياً أو تقاعد يذهب للمستحق منهم لأن السجين يرث نفسه وتقاعده له.

يصاحب هذه النكبة أزمة ثقة وأزمة تفكك أسري وأزمة سيطرة على أفراد أسرة السجين وكبح جماح ردة فعل فقدانهم للقدوة والمربي وردة الفعل العكسية لموقف المجتمع منهم.

فئة أسر السجناء هذه شريحة خطيرة من الفقراء كان أصحاب “النخيل العوجاء” أو جمعيات التبرع للخارج تتجاهلهم أكثر من تجاهل فقراء السبالة وما شابهها وجدير بنا الآن توجيه مصرف كبير من مصارف الصدقة لهم وأن لاننتظر ماستنجزه لجنة في طور التأسيس هي اللجنة الوطنية لرعاية أسر السجناء فاللجنة سيكون لها دراستها ونظمها وإجراءاتها التي ستفيد على المدى الطويل لكنها ليست العلاج السريع الذي سينقذ مايمكن إنقاذه.

ان العلاج السريع أن يتولى الموسرون بأنفسهم أو عن طريق رجالاتهم الموثوقين التنسيق مع إدارات السجون لمعرفة أسر السجناء وإيصال الصدقة لهم مباشرة والتعرف على أحوالهم ودعمهم والوقوف معهم وتصحيح نظرتهم للمجتمع فليس أفضل ولا ألذ من صدقة تتأكد من وصولها إلى المحتاج. وعلينا كمجتمع أن ندرك بأن ابن السجين أخطر يتماً من يتم من ودع أحد أبويه الدنيا في مقبرة وجموع الناس تحيطه بالحنان والعزاء والثناء على والده، حتى وإن كان ابن السجين ينتظر عودة والده لكنها عودة يخشاها ايضاً ويخشى تفاعل المجتمع السلبي معها.

النزاهة.. العملة النادرة

يتمتع الإنسان بقدرة كبيرة على التكيف مع المعطيات والظروف إلى درجة التنازل التدريجي عن أمنياته وطموحاته ليكتفي بالقليل جداً منها إذا شح الزمان بالكثير.

حتى في مجال الأحلام والأماني قد يختصر الإنسان امنياته إذا قلّت الخيارات، فالفتاة ترسم مواصفات عديدة في فارس أحلامها فإذا قل الفرسان اكتفت بأن يكون رجلاً وحسب. وقديماً قيل: الأعور في ديرة العميان مفتح لأن الديرة عندما خلت من المفتحين أصبح الأعور مميزاً.

نفس الشيء ينطبق على أمنيات الناس في صفات المسؤول عن قطاع ما، يريده الواحد منا أن يكون حريصاً على تحقيق الانجازات والرقي بخدمات القطاع والاخلاص لعمله ويريد الآخر نفس الصفات مع اضافة أن يكون حسن التخطيط واسع الخبرة في مجال عمله ويريد الثالث من المسؤول أن يكون حيادياً لا ينحاز لقريب أو ابن قرية أو إقليم، ويتمنى رابع أن يكون صاحب المنصب شعلة من نشاط قادراً على توظيف إمكانات القطاع المادية والبشرية في تحقيق أكبر قدر من الانتاجية في شكل مشاريع تطويرية ورقي بخدمات القطاع لما يحقق راحة ورفاهية المستفيد والوصول بخدمات المؤسسة إلى ما وصلت اليه الدول المتقدمة من تقنيات عالية وخدمات راقية، ويريده خامس أن يكون إضافة إلى كل ما ذكر متواضعاً، فاتحاً بابه للمواطن، مكثفاً جولاته التفقدية مهتماً بشكاوي المواطنين ومقترحاتهم وملاحظاتهم.

ولكن لأن الإنسان بطبيعته قنوع، سهل التكيف مع المعطيات والظروف فإنه ما أن يشعر بصعوبة تحقق هذه الأمنيات فإنه لا يمانع في التنازل عن الأمنية تلو الأخرى حتى يكتفي بالقول “يكفي من المسؤول الفلاني انه نزيه، نظيف اليد!!”.

وهكذا تختزل كل المتطلبات والمواصفات أعلاه بتوفر صفة النزاهة والعفاف ويكتفي الجميع بالقول أن فلاناً نزيه وهذا كاف.

السلامة من الفساد المالي مطلب هام، لكنه ليس منتهى الطموح أو أقصاه ولا يجب أن تتوقف كل القناعات أو جلها عند حد نظافة اليد!!.

ومع توجه الدولة الجاد والحثيث نحو محاربة الفساد الإداري فإننا نأمل أن تصبح النزاهة أمراً مفروغاً منه وصفة عامة لا عملة نادرة وأن تفرضها قوة وجدية وحزم محاربة الفساد ويواكبها فرض تحقيق المتطلبات المذكورة آنفاً على أساس أن البقاء للأصلح.

النزاهة ونظافة اليد واحدة من البدهيات ويجب أن تبقى كذلك، والبدهيات أو المسلّمات لا يمكن أن تعد ضمن المتطلبات ناهيك عن أن تكون أقصى الطموح، لكن الناس أحياناً يرسخون مفاهيم وقناعات خاطئة عن طريق قياس نسبي خاطئ حين ينسبون السيئ للأسوأ كأن يمتدحون من (يأكل ويؤكل) قياساً بمن (يأكل ولا يؤكل) والعياذ بالله من كل من يأكل مالاً حراماً سواء أأطعم غيره أو لم يفعل.

إن توجه الدولة أيدها الله نحو محاربة الفساد الإداري سوف ينقل فقرة النزاهة من قاموس المتطلبات إلى مكانها الطبيعي في قائمة البدهيات، حتى لا يقال يكفي أن فلاناً نزيه رغم انه يفضل أقاربه ويقصر في واجباته ويقفل بابه ويتغطرس وانعدم إنتاجه لأن نظافة اليد لن تكون عملة نادرة بإذن الله ثم بقوة الرقابة والحزم!!.

الداخل المفقود!!

كتبت يوم الأربعاء الماضي عن المرونة الفائقة في عملية استحصال المبالغ من المواطن والتي أصبحت تستخدم فيها أعلى السبل والتقنيات ومنها تقنية الحاسب الآلي وفي المقابل التعقيد الكبير لأي عملية استرداد مبلغ أدخل إلى خزينة الدولة بطريقة الخطأ أو تكرار التسديد وضربت مثلاً على ذلك بإدارة الجوازات التي يسهل التسديد لها ويستحيل استرداد المبالغ منها.

البعض يعزو هذه الظاهرة إلى الآلية المفرطة في القدم والتي يتم بموجبها ادخال المبالغ المحصلة إلى وزارة المالية ويصعب بموجبها أيضاً رد المبالغ من أي ادارة حكومية إلى المواطن مباشرة بل يكاد يستحيل.

أنا أعتقد ان ما ذكر قد يكون سبباً لكنه ليس السبب الجوهري، لأن المشكلة أساساً هي مشكلة مفهوم ضرورة رد حق المواطن إليه نقداً، وعدم توفر القناعات بأن الطرف الآخر له نفس الحق في الحصول على المبلغ بالسرعة المطلوبة بل عدم توفر الشعور بأن الدفع أولى من الجباية وأجدر بأن يعطى الأولوية على أساس أن المواطن أشد حاجة إلى المبلغ من الجهة الحكومية في الوقت المحدد او قياساً بعامل الوقت.

ولعل أوضح دليل على أن الأمر برمته يتعلق بمفهوم خاطئ، أكثر منه بيروقراطية أو تعقيدات نظم إدارية قديمة، هو عدم اقتصار هذه المشكلة على الجهات الحكومية بل أن قطاع الشركات والمؤسسات الخدمية الخاصة تطبق نفس هذا المفهوم الخاطئ، “تدفع لنا حقنا نقداً ولا تسترد حقك إلا وعدا!!”.

شركات الكهرباء والاتصالات رغم انها لا تخضع لاجراءات وزارة المالية فإنها هي الأخرى لا يمكن أن تعيد للمشترك مبلغاً نقدياً أو حتى بموجب شيك!! فإذا ما نجح مشترك في الحصول على اعتراف بأن له الحق في استرجاع مبلغ دفع مرتين، أو استرداد مبلغ دفعه زائداً، فإنه يمنح وعداً بخصمه من فواتير مستقبلية واعتباره رصيداً للمستقبل دون مراعاة لاحتمال أن المشترك يفضل النقد أو يحتاج إليه!!.

هذا المفهوم السائد في القطاعين الحكومي والخاص يتجاهل حق المراجع أو المشترك في حساب ميزانيته الشهرية ويفترض أن كل شخص مهما كانت ظروفه لن يتأثر باحتجاز نقوده أو اجباره على الدفع المقدم لأشهر قادمة.

هذا الأسلوب يتجاهل فوارق الدخل ويتجاهل ان ثمة أناسا كثيرين يحسبون مصروفاتهم بالقطارة ويمضون ليلاً طويلاً في حساب المصروف الشهري بدقة متناهية املاً في أن يكفي راتب الشهر لمصروف ثلاثين يوماً ثم تأتي شركة الكهرباء أو الاتصالات أو جهة حكومية لتقرر نيابة عنهم ورغما عنهم وضع رصيد مستقبلي لم يحسب له أدنى حساب وتحويل نقودهم الى مستندات ورق لا تعين على قضاء حاجاتهم.

هذا المفهوم الجائر القى بظلاله على التعامل التجاري حتى أصبح أصغر متجر لا يقبل استرجاع سلعة مع رد النقود ولكن اعطاء ورقة تخول لك شراء سلعة أخرى مستقبلا!!.

هكذا هو المفهوم الخاطئ للتعامل يستشري بين الناس فيطبقه الأقدر على من لا حول له ولا قوة حتى على أدنى المستويات، الى درجة أصبح معها دافع النقود لا يحلم باسترجاعها وكأن النقود داخل مفقود!!.

مرونة في الجباية تعقيد في التسليم

في الوقت الذي تحسنت فيه طرق تسديد الرسوم الحكومية بشكل واضح فأصبحت تتم عن طريق البنوك بل عن طريق جهاز الصراف وتم ربط التأكد من التسديد عن طريق الحاسب الآلي للإدارة المعنية فإن الإجراءات البيروقراطية لازالت تتحكم في عملية استرداد المبالغ الزائدة و المكررة من خزينة الدولة ممثلة في الإدارة التي حصلت على المبلغ.

خذ على سبيل المثال لا الحصر، إدارة الجوازات عندما قررت خلال فترة قصيرة تغيير طريقة التسديد الخاصة بكثير من الإجراءات مثل تجديد الإقامة أو استخراج التأشيرات وخلافها فإنها اعتبرت أن الإيصالات السابقة غير مقبولة ويجب التسديد من جديد بالطريقة المستحدثة على أن يسترد الشخص ما دفعه في الإيصال القديم.

أما كيف يسترد ما دفعه فإن الأمر غاية في التعقيد بل غاية في الغموض أيضاً ويستلزم مراجعة عدة جهات متفرقة ومتباعدة ومتناقضة الآراء، فمنهم من يفيد بأن الاسترداد يكون في صورة كوبونات مسبوقة الدفع “دمغات كما يقول المصريون الممعنون في البيروقراطية” تستخدمها عندما تحتاج إلى تسديد رسوم مستقبلية للجوازات وهذا أمر فيه الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول من سوف يستفيد من بقاء هذه المبالغ سنوات عديدة في البنوك؟! وما ذنب المواطن الذي هو في أمس الحاجة إلى ذلك المبلغ في وقته ولماذا يلزم بالدفع مرتين وعدم استرداد ما دفعه أولاً في حينه أو قبول الوصل القديم وتحويله مباشرة إلى حساب البنك الجديد ولماذا يجبر المواطن على وضع رصيد ربما لا يحتاج إليه؟! ولماذا يكون الدفع دائماً “بالكاش” والاسترداد دائماً بالمستندات؟! و لماذا لم تغير طريقة الدفع أولاً ثم بعد مهلة طويلة يبدأ عدم قبول الإيصالات القديمة على أساس أن مصلحة المواطن وراحته أولى من مصلحة وراحة البنوك؟!.

ومنهم من يفيد بأن المبلغ يمكن استرداده نقداً عن طريق وزارة المالية ولكن لا أحد يدلك على السبيل.

أحد المواطنين من متوسطي الحال طلب منه إعادة تسديد مبلغ تجديد إقامة خادمة بحجة أن الوصل قديم بعد أن تغير الإجراء من التسديد في بنك الرياض أو الراجحي إلى الحصول على مستندات من بنك الرياض وفعل لكنه عند مراجعته لاسترداد المبلغ طلب منه مراجعة أحد أقسام الجوازات في المبنى القديم حيث سلم المستند القديم وطلب منه المراجعة بعد ثلاثة أشهر ولازال يراجع هذه الإدارة أسبوعياً لأنه في كل مرة يطلب منه المراجعة بعد أسبوع، هذا وقد مضى أكثر من سنة كاملة ولا زال يبحث عن استرداد حقه!!.

أعتقد، والله أعلم، أنه من الخطأ الكبير أن تختلف آلية ومرونة وسهولة التسديد عن الاسترداد لأن في ذلك إيحاء بأن ثمة ضرس أعلى يأكل ولا يؤكل عليه وفيه منح سبب للمواطن للتحايل على التسديد وإتاحة فرصة لمن يريد أن يسترزق على حساب ضعاف المواطنين بأن يعرض عليهم استرداد المبلغ مقابل دفع أتعابه التي ربما تصل الى النصف على أساس المثل الجائر “اعقل حلالك بنصفه” فلماذا هذا الجور؟! لماذا؟!

متى نوقف القتل الجماعي؟!

وسائل النقل الجماعية أيا كانت مقاعد يجلس عليها الأبرياء وقد توكلوا على الله وائتمنوا القائمين عليها على أرواحهم وسلامتهم.

وهل أكبر من النفس البشرية أمانة؟!

والمؤتمن ليس السائق فقط بل كل موظف في شركة النقل ومن باب أولى كل قائم على أحد أعمال الشركة كبر مركزه أم صغر.

التأكد من قدرات السائق أمانة والتأكد من امكانيات المركبة أمانة في أعناق المسئولين عن وسيلة النقل الجماعي ولا أقصد بالضرورة شركة النقل الجماعي المعروفة بل كل وسيلة نقل من طائرة أو قطار أو حافلة أو سفينة تماماً مثلما أن التأكد من سلامة الطريق مسئولية وأمانة عظمى في أعناق ادارة السلامة في كل من المرور ووزارة المواصلات.

وإذا كان سائق المركبة العادية عند استهتاره يعرض نفسه وبعض الآخرين للخطر فإن قائد وسيلة النقل الجماعي عند استهتاره يعرض عشرات بل مئات الأرواح لموت أو إعاقة أو اصابة.

ولأنني من كثيري ارتياد طريق الرياض سدير السريع كنت ولازلت أشعر بألم شديد وخوف أشد عندما أشاهد حافلة ضخمة تتجاوز من اليمين وبأعلى سرعة ممكنة لهذه الناقلة دون أدنى احتراس لأن مجرد انعطاف السيارة المجاورة إلى اليمين يعني نهاية عدد كبير من الأرواح.

المرور والدوريات وأمن الطرق ربما حفظوا عن ظهر قلب رقم جوالي فبمجرد ما تتجاوزني حافلة مسرعة بهذه الطريقة اتصل بأحد أو كل هذه الجهات مبلغاً ولكن إحقاقاً للحق لم أفرح ولو لمرة واحدة برؤية حافلة من هذا النوع وقد أوقفت للمعاقبة أو حتى المساءلة واحقاقاً للحق فإن أغلب من يرتكب هذا السلوك الخطير هم سائقو حافلات شركة النقل الجماعي بل أن المرور أو الدوريات عند تبليغهم يكون الرد غالباً “كلهم كذا هذا طبعهم”.

ليس المهم لماذا يستعجل أو يستهتر سائق وسيلة نقل جماعية بل المهم جداً لماذا لا نردعهم؟! لماذا لا نتعامل مع هذا السلوك على أساس أنه سبب لقتل جماعي؟! ما الفرق بين موت مائة نفس بشرية في طائرة أو حافلة أو سقوط عمارة؟!

منذ أيام حدث ما كنا نخشاه وما كان متوقعاً وما لم نفعل شيئاً للوقاية منه، وتوفي 17راكباً وأصيب 22في حادث مروع على طريق ديراب!!

لا أود استباق التحقيق واتهام سائق ربما انتقل إلى رحمة ربه أو أصيب لكن ما نقلته لنا جريدة “الرياض” من صور للحافلة وطريقة تحطمها لا يمكن أن يحدث لو كانت المركبة تسير بسرعة معقولة مع عدم إهمال جانب الطريق والمخالفة في التجاوز وخلافه.

ليس هذا هو السؤال المهم فقط فالأهم متى سنتحرك لوقف هذا القتل الجماعي في وسائل النقل الجماعي غير الطائرات؟!

وخسرنا شرطياً ومجرماً

اشتهر بالشجاعة والإقدام ومحالفة التوفيق له أثناء ملاحقاته للمجرمين في رؤوس الجبال وتميز بحبه لعمله وإخلاصه له إلى درجة المجازفة بالنفس في سبيل اعتقال قاتل هارب وكثيراً ما حالفه النجاح رغم صعوبة المهمة في الجبال أو الوديان أو وسط الغابات.

منذ أيام قلائل ودع صغاره ليستقبل مهمة جديدة، ملاحقة قاتل وافد خطير فر من وجه العدالة إلى رؤوس الجبال، بحث عنه كثيراً ووجده وقبض عليه دون أن يصيبه واستطاع رغم نحول جسده أن يحكم القبض على مجرم خطير قوي البنية ويقتاده من علو جبل إلى سفحه فالجسد النحيل كان يضم بين أضلاعه الصغيرة المتقاربة قلباً صلباً لا يعرف الخوف.

وصل بالمجرم إلى سيارة الدورية منتشياً بانتصار قوى الأمن على بؤر الفساد وطلب من رفاقه الإمساك بالمجرم ريثما يخرج القيد لتكبيله، إلا أن المجرم كان يحتفظ بخيار أخير لم يكتشفه أحد فقد أخرج مسدساً يخبئه داخل ملابسه ووجّهه للقلب الشجاع ففجره ونثر دماءه في تجويف صدر طاهر كان وعلى مدى 23سنة يفح شهيقاً وزفيراً بحب الوطن والإخلاص له.

استشهد وكيل رقيب علي بن يحيى عيسى بعد أن أمضى كل هذه السنين يتولى المهام الصعبة ويطارد المجرمين ويعتقلهم قبل مشارف الحدود كما ذكر الخبر الذي نشرته جريدة “الرياض” نقلاً عن مراسلها في جازان الزميل عبدالله السروري في يوم الثلاثاء 21رمضان 1423هـ. وصادف أن ينشر الخبر بعد يوم واحد من مقال مطول في هذه الزاوية “بصوت القلم” وصفتُ فيه موقفاً شجاعاً يفتقر للحيطة والحذر شاهدته لرجل أمن جازف بنفسه منفرداً وفي مكان معزول في القبض على وافد من جنسية اشتهر المجرم منهم بخطورة بالغة.

ذكرت في ذلك المقال تحت عنوان “حتى لا نخسر شرطياً” ان الشجاعة وحدها لا تكفي وأن هؤلاء الرجال في أمس الحاجة إلى تدريبهم على أخذ الحيطة، فالحذر جزء هام من الشجاعة لأنه سبيل إلى الانتصار على المجرم وإحكام القبض عليه.

أشرت أيضاً إلى ضرورة أمر المشتبه به بالانبطاح أرضاً “أيا كان” وتفتيشه جيداً وطلب التعزيز عند أول رفض أو مقاومة.

هذه بديهيات، فلست عسكرياً ولا منظّراً في هذا المجال الذي له رجاله وفرسانه وأساتذته لكنني أرى أننا نفتقد للكثير من إجراءات الحيطة ونعتمد على شجاعة وإقدام هؤلاء الرجال ليس في مجال الشرطة فقط بل حتى في مجال الإطفاء والإنقاذ وضبط مخالفات الغش التجاري وملاحقة رجال الجوازات للمتخلفين، كل هذه المهام التي تشترك في عنصر المجازفة وتعدد الاحتمالات ومنها الخطر المفاجئ والمباغتة نحتاج فيها إلى التدريب على وسائل حماية النفس أولاً واتباع إجراءات احترازية أساسية تحفظ عن ظهر قلب ويجب الالتزام بتطبيقها بل ان مخالفتها تستدعي المحاسبة على أساس حماية الشخص من نفسه فالشجاع قد يعرض نفسه الغالية للضياع وهو وإن كان يرخص بها فهي تبقى غالية نحزن ونخسر لفقدها.

كل شيء بقضاء ومقدر ومكتوب لكن حبيبنا الشهيد وكيل رقيب علي بن يحيى عيسى كان بينه وبين حفظ روحه الطاهرة وإسعادنا بالقبض على مجرم هارب أن يفتشه جيداً ويحترز من غدره وهذا ما يجب أن نزين به شجاعة أفراد الأمن. انه التدريب الذي يجب أن يصقل تلك القدرات الخارقة لدى مواطني هذا البلد.