خلل أم خليل

إما أننا نعاني من خلل حقيقي في علاقة الجهات الحكومية بالمستثمر يقوم على تدليل القطاع الخاص على حساب الحكومة والمواطن المستفيد من الخدمة.
أو أننا نعاني من خلل في مفهوم تشجيع ودعم المستثمر!!.

أو ان ثمة شيئاً ما يدور ويحدث يصعب علينا تقبله!!.

بالأمس القريب اشتكى عدد من ملاك المستشفيات الأهلية أو مستشفيات القطاع الخاص وبطريقة تنم عن تبجح ومفاد تبجحهم ان المستشفيات الحكومية تنافسهم على (زبائنهم) من المرضى بافتتاحها عيادات مسائية تجارية تستقبل المرضى بأسعار منافسة لما تقدمه مستشفيات القطاع الخاص (تلك المستشفيات التي أمضت دهراً وهي تفرغ جيوب المريض وتستنزف كل مصادر دخله!!).

وتجاهل ملاك تلك المستشفيات ان الأصل ان يتوفر العلاج المجاني لكل مواطن في مستشفيات الدولة أعزها الله وانهم إنما يقتاتون فيما يخص المواطن على نتائج ازدحام المستشفيات الحكومية وعزوف المستشفيات الحكومية التابعة للقطاعات الأخرى غير وزارة الصحة عن علاج غير منسوبيها.

كما فاتهم أو تجاهلوا ان من حق منشآت الدولة ان تستثمر في الخدمات المقدمة للمقيمين ومنها الرعاية الصحية كما أن من حقها أن تقدم الخدمة بمقابل للمواطن الذي يرغب في الحصول على خدمة صحية استثنائية من مستشفيات حكومية متقدمة يثق فيها وفي اهدافها وأخلاقيات العمل بها.

الغريب أن تلك المطالبة رغم فجاجتها لم تواجه التوبيخ الذي يفترض أن تواجَه به بل قوبلت بلين شديد غير مستحق!!.

ويبدو ان ذلك اللين وتلك المجاملة شجعا فئة أخرى “مقصرة جداً” من المستثمرين على مطالبة لا تقل غرابة فهاهم ملاك مراكز ومعاهد التدريب في لقائهم مع محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني يشتكون بأن مراكز خدمة المجتمع بالجامعات تنافسهم في مجال التدريب بطرح برامج تدريبية!!.

هذه المراكز والمعاهد الأهلية التي تصاعدت رائحة فشلها وتركيزها على الربح المادي دون الجودة بل دون أدنى جهد ومحاولة لتقديم ما يوازي ما تحصل عليه من شباب استلف مبالغ تكاليف التدريب ليفاجأ بأنه دفع قبل ان يدخل وتخرج كما دخل “غير مؤهل”. أقول هذه المراكز تريد أن توقف نشاط مراكز خدمة المجتمع التابعة للجامعات ليرمى لها المجتمع برمته وقد أصبح صيداً تنفرد به وتنهش لحمه وتتركه عظماً غير مفيد ولا مستفيد.

الأغرب من المطالبة ان محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني رغم انه كان في لحظة تذكر لما عبر عنه من إساءتهم للتدريب بشكل مخجل وعدم التزام معاهدهم بالمعايير التي أنشئت من أجلها وأن ملاكها يطغى عليهم الجانب المادي. إلا أنه لم يستكثر عليهم مثل هذه المطالبة بل طمأنهم أن خدمة المجتمع لا تطبق برامج موازية تنافس برامج المعاهد!! ولو حدث ان البرنامج كان موازياً لما تقدمه المراكز الأهلية فإنه لا ينفذ!! وفيما يخص التدريب الصيفي ومنافسة وزارة العمل للمراكز الأهلية في هذا النشاط أكد انه تم اعتماد 50% من المتدربين في الصيف وتم توجيههم للمراكز والمعاهد الأهلية!! وهو تدليل عجيب يصعب فهمه!!.

كأن ثمة موافقة على حماية هؤلاء المتاجرين بكل شيء، ليس حمايتهم جمركياً أو بتوفير الدعم الحكومي والقروض وحسب بل حمايتهم من المراكز الحكومية التي تقدم خدماتها التدريبية على أساس أخلاقي يهدف إلى الرفع من مستوى وتأهيل ابناء هذا المجتمع.

أليس هذا التدليل غريباً؟! وهل هو خلل في الواقع أم المفهوم أم الفهم؟! بل هل مشكلتنا تكمن في خلل أم خليل؟!.

الخلل أمره سهل حيث يمكن إصلاحه إذا وجدت العزيمة والنية، المشكلة تكمن في الخليل الذي لا تنفع معه لا عزيمة ولا نية ولا مستوية!!.

اترك رد