اليوم: 6 أكتوبر، 2004

تربية الوزير

في ندوة “المصداقية بين الأداء الحكومي والأداء الصحفي” أبدى وزير التربية والتعليم د. محمد بن أحمد الرشيد عدم قناعته بما ذهبت إليه ورقة بحث “علمية” تعتمد على احصاءات ونسب ودراسات قدمها أستاذ جامعي هو الدكتور علي بن شويل القرني “استاذ الإعلام” في أعرق جامعة سعودية هي جامعة الملك سعود.
ومأخذ الوزير على الورقة انها تشير إلى تنامي الاتجاه الإيجابي في الصحف وهو ما يخالف وجهة نظر الوزير إلا إذا كان المقصود جانب الأخبار فقط فوزير التربية والتعليم يرى ان وزارته تتلقى نقداً سلبياً مركزاً “يتعامى” عن الإيجابيات وخاصة في مقالات الرأي أ. هـ رأى الوزير.

من هنا اتضح جانب جديد يضيف إلى ما نعرفه ان وزير التربية والتعليم لا يرفض الرأي الآخر الذي لا يؤيده وحسب بل ويرفض البحوث والاحصاءات والدراسات التي تخالف أمانيه ورغباته.

أبو أحمد هو وزير أكثر الوزارات استغلالاً لصفحات المحليات السبع في كل صحيفة كانت موضع دراسة الدكتور علي بن شويل القرني خاصة في نشر مشاريع الأحلام وأخبار الزيارات وافتتاحات الاحتفالات للجوائز العائلية وكلمات الوزير السنوية بل نصف الشهرية أحياناً ومع ذلك يرى الوزير ان الصحافة سلبية تجاه وزارته حتى وإن كانت الدراسات العلمية الاحصائية ترى عكس ذلك.

هذه مصادرة ليست للرأي الآخر وحسب بل للبحث والدراسات الدقيقة وأخشى على الوكلاء ومديري العموم والمديرين والمعلمين والطلاب أن يتأثروا بهذا النهج الذي يصادر الرأي الآخر والدراسات اما رؤساء الأقسام والمشرفون التربويون فقد حذرهم معاليه مباشرة في لقاء بهم تم قبل أيام مما يكتب في الصحف ملمحاً إلى عدد من الكتاب السعوديين ومطالبا إياهم بالرد على هؤلاء الكتاب وكأنه يتحدث عن الباري عطوان أو “سعد الاسماء المزيفة” وهذا فيه مصادرة لتفكير شريحة هامة في هيكل التعليم لها ذكاؤها وقدراتها على تقييم ما يقال ويكتب هم المشرفون التربويون وهم ليسوا في حاجة لمن يوجههم لو لم يعجبهم ما يقرأون أو لم يسعدهم ما كتب!!، ثم لابد قياسا بعقليتهم الناضجة أن يتساءلوا بصوت خافت: “ولماذا لا تردون أنتم؟!”.. و”أين قبول الرأي الآخر الذي تحثون عليه في خطبكم؟!”.

ماذا يريد الوزير منا ككتاب؟! هل يريدنا أن نقول إن مشروع “وطني” نجح وطبق ولم يتوقف دون معرفة الأسباب وهو المشروع الذي تمنى معاليه في أحد لقاءاته المتلفزة أن يستمر ليرى مشروع “وطني” وقد أصبح حقيقة واقعة واستمر ولم يستمر المشروع.

هل يريدنا أن نقول ان الطلاب يدرسون في مدرسة هشام بن عبدالملك على “كنبات” كتلك التي في مكاتب الوزارة وهم يجلسون على بساط كذلك الذي سمعنا عنه في الكتاتيب؟! هل يريدنا أن نقول ان الكتب متوفرة وهي لم تصل بعد؟! هل يريدنا أن نقول إن “فقاعة” تعليم الانجليزية للصف السادس الابتدائي لم تنفجر بعدم حضور المعلم؟! هل يريدنا أن نقول ان الطفل سعد بدر الدكان هو الذي دهس الشاحنة داخل المدرسة؟! هل يريدنا أن نقول ان نفسية المعلمين لم تتأثر بوجود إداريين على كادرهم رغم انهم لا يمارسون التدريس ويعملون في مكاتب مكيفة لها خصوصية؟! هل يريدنا أن نقول ان الوزارة تعاني من شح الميزانية والمخصصات وبعض المكاتب كلف الملايين من الريالات في حين لا تتوفر دورات مياه مناسبة للاستخدام الآدمي في المدارس.

يا معالي الوزير شق هذه الوزارة أكبر من أن يرقعه إعلام أو صديق أو قريب أو مشرف تربوي والغريب انكم لا ترون هذا الشق والأغرب انكم لا تريدون منا أن نراه، وإذا رأيناه تريدون منا أن نسكت وإذا لم نسكت فنحن خصوم للوزارة يعاتب على ما نكتب القريب والصديق والندوات والبحوث!!