اليوم: نوفمبر 4, 2012

مفاجآت التساهل والتهاون

الخطأ العظيم الذي ارتكبناه بحق ضحايا انقلاب ثم انفجار ناقلة الغاز في طريق خريص يفترض أن يجعلنا نفيق من سبات التهاون في تطبيق احتياطات السلامة ومنع مخالفتها بتشديد الرقابة على التقيد بها وتغليظ العقوبة لمن يتهاون بتطبيقها سواء نجم عن ذلك التهاون حصول حادث أو لم يحدث.
ما حدث لم يكن أمرا سهلا فقد تم التساهل بالأرواح والممتلكات وأمن الوطن عند تسليم مفاتيح ومقود ناقلة مادة شديدة الانفجار بل سلاح دمار واسع لسائق أجنبي فاقد للأهلية في التعاطي مع قيادة الشاحنة رغم إدراكه لخطورة ما بداخلها بدليل سرعة تصرفه لإنقاذ نفسه.
ما حدث ليس حادثا عابرا أو قضاء وقدرا كما سيحاول المتسببون فيه تصويره، بل هو متلازمة استبعاد حدوث الخطر وعدم اتخاذ الحيطة ولا الإخلاص في الرقابة والدفاع المدني هو المسؤول عن كل ذلك فأين الرقابة على المتعاطي مع مواد شديدة الانفجار وأين اكتشاف تساهل الشركات في استخدام عمالة رخيصة وغير مدربة في التعاطي مع ما يهدد أرواح جماعة من الأبرياء وأمن البلد؟!، كل ذلك كان غائبا فحدث ما حدث لأن الدفاع المدني لم يعقلها ويتوكل.
السؤال الأهم هو هل الوضع الحالي المتهاون يخبئ لنا مفاجآت أخطر؟!، ماذا عن التعاطي مع مصانع المواد الكيميائية الخطرة والنفايات الطبية والصناعية الملوثة وهل سيتقاذف مسؤوليتها الدفاع المدني مع الأرصاد كما حدث مع كوارث السيول.

انفجار خريص الإهمال والقصد

أن تستقدم شخصا وتسلمه مفتاح سيارة عادية صغيرة وتزج به في ميدان قيادة السيارات في المدينة دون تدريب طويل وشامل حتى وإن كان يقود السيارة في بلده ويحمل رخصة قيادة، فإن في ذلك إجراما في حق نفسه وكل من يرتاد الطريق، فالسيارة مهما صغر حجمها هي سلاح قاتل، وهذا أمر معلوم للجميع ولا جديد فيه إلا يوم جديد من الإهمال والتهاون واستبعاد حدوث الكارثة وعدم أخذ الحيطة من خطر متوقع. أما عندما تقوم شركة الغاز أو شركة النقل المتعاقدة معها بتسليم سائق جديد غير مواطن موثوق (معروف برجاحة العقل والقدرات ومجرب) وتنطبق عليه بعد ذلك شروط عديدة يفترض أن يعدها ويتأكد منها الدفاع المدني وجهات الأمن، أقول عندما تسلمه مفاتيح ناقلة غاز سريع الاشتعال، ودون أن يكون هناك نظام وقيود دقيقة مرتبطه بالدفاع المدني والجهات الأمنية تتثبت من تسليم هذا السلاح المدمر لشخص مؤهل وموثوق، فإن هذا يدل على أننا نمارس إهمالا كبيرا، ونجازف مجازفة دفعنا ثمنها غاليا بعملة الأرواح، أرجو أن لا يخرج من يحمل شركة الغاز أو متعهدها المسؤولية الكاملة عما حدث، فالمسؤولية تكمن في خلل شامل في الاحتياط والتهاون بالخطر، وإلا كيف يسمح بإيكال استلام وقيادة شاحنة دمار شامل لسائق مستقدم حديثا، ولم يحدد لذلك نظام صارم يحتاط للإهمال والقصد معا.