اليوم: 11 يونيو، 2013

شرطة ورومانسية و (كلاشنكوف) تجي كيف؟!!

لا يمكن لشخص مثلي أن يجد العذر أو يبرر لشاب أو شيبة حل مشكلته مع مطعم بالتهديد بالسلاح، أي سلاح، حتى لو رشاش ماء فما بالك برشاش كلاشنكوف؟!، ولا يمكن أن أفعل ذلك لعدة أسباب: منها أن استخدام العنف أو التهديد بالعنف لإنهاء أي مشكلة ليس إنهاء بل بداية مشكلة أكبر، وهذا ما حدث فعلا!!، ومنها أنني ككاتب يفترض أن أدعو لتغليب الوعي وليس الاستسلام لحالة اللاوعي وهي الحالة التي تتلبس المعتدي بالسلاح (أي سلاح) حينما يحاول الانتصار لنفسه أو أبنه أو شقيقه!!، ومهمتنا كإعلام توعية العامة و تذكيرهم ونصحهم لا التبرير لهم، إذاً لا يمكن لأحد أن يفسر ما سوف أكتب أنه تبرير لشخص يحاول حل مشكلة أو خلاف حول سعر وجبة طعام بإطلاق أعيرة نارية لا من رشاش ولا من بندقية هوائية (أم صتمه)!!.

مهمتنا كإعلام وطني محب أكبر من مجرد توعية العامة وتذكيرهم، لذا فإن علي أن أذكر قسم العمليات بدوريات الشرطة بحي السويدي جنوب غرب الرياض أنهم لو تجاوبوا مع البلاغ الهاتفي الأول الذي صدر من حضور الخلاف على قيمة وجبة الرز بالدجاج وحضروا لفض الخلاف (ولا أقول حله، لأن حل تحديد أسعار الوجبات بيد غيرهم)، فإن حضورهم السريع كان سيمنع تفاقم الخلاف وتعدد أطرافه ولجوء شقيق الشاب العشريني لاستخدام رشاش كلاشنكوف لتخويف زبائن مطعم رومانسي!! فثمة تعارض وتناقض كبير بين الرومانسية وصوت إطلاق الرصاص بمثل الفارق الكبير بين خسارة الشاب (مطلق النار) لمستقبله وحريته، كثمن لاستسلامه للغضب، وخسارة شقيقه لحفنة من الريالات هي فارق ثمن الدجاجة المختلف عليها.

كما أن الشرطة لو استجابت للبلاغ الأول لوفرت الجهد الضخم الذي بذلته في البحث الجنائي المضني للوصول لمن أطلق النار ثم فر!!.

هل يعقل أن يعيش مجتمع عيشة طبيعية وشرطة الرياض لا تتجاوب للبلاغات إلا إذا حضر رشاش الكلاشنكوف، وشرطة جدة لا تبحث عن شاب مفقود أو طفل مختطف إلا بعد طرح قضيته في برنامج تلفزيوني فيتحول (الإهمال) عشرة أيام إلى (إهتمام) عشر دقائق ثم نصفق لهم ولتجاوبهم؟!

بقي أن أذكر بأن الخلافات اليومية البسيطة بين المتعاملين في الشوارع والمتاجر والمطاعم لو وجدت قنوات سريعة للشكوى و اقتصاص الحق وحلول صلح ذات البين لما تحول خلاف بسيط إلى جريمة كبرى تشغل السلطات والرآي العام!!.

قناعة المواطن

قلت، مرارا وتكرارا، وفي أكثر من مناسبة وأكثر من برنامج تلفزيوني، أن المواطن السعودي سقف مطالبه ليس مرتفعا وسهل التحقيق.

وعندما نقول المواطن السعودي، فنحن نعني المواطن في كل موقع وكل وسيلة إعلامية، حتى في (تويتر)، حيث لا يوجد سقف ولا رقيب غير الذات، فإن المغرد السعودي المعروف يغرد بمطالب لا تتعدى خدمات جيدة وإخلاص مسؤول واهتماما بمطالب يومية، لكنه ــ وللأسف ــ لا يجد التجاوب المطلوب ولا قيام بعض المسؤولين بواجباتهم المفروضة دون مطالبة، وبالحد الأدنى المطلوب من العطاء لواجبات المسؤولية.

من أمثلة هذه القناعة أن المواطن يطالب بحق منحه له الوطن بأنظمة وأوامر صريحة وملزمة للموظف، وتستمر مطالبته سنوات، فإذا تحقق مجرد التجاوب مع مطالبه امتن وأشاد وشكر ونسي تقصير المسؤول الذي هو مجرد موظف يفترض أنه قدم تلك الخدمة التي لا منة فيها إلا للوطن منذ مدة وفي وقتها، وصحفنا تحفل بتصاريح الامتنان.

المواطن السعودي ــ كمقدم برنامج ــ يمتن كثيرا ويشيد بجهة تفاعلت مع قضية واحدة طرحها في برنامجه، وينسى أن عدم قيام تلك الجهة بمسؤولياتها نحو ذات القضية قبل طرحها على الهواء هو ــ في حد ذاته ــ تقصير تلام عليه ولا تشكر!!، وأن عدم قيامها بمسؤولياتها تجاه مئات أو آلاف القضايا المشابهة التي لم تطرح تلفزيونيا هو تقصير لا يقارن بالتجاوب مع حالة واحدة.