أعلنت وزارة الصحة بالصوت والصور الصحفية توزيع 400 ألف جهاز منزلي لتحليل مستوى السكر في الدم على المواطنين، كمرحلة أولى عبر مراكز السكر، تليها مرحلة ثانية عبر مراكز الرعاية الصحية الأولية لم يعلن عن عدد أجهزتها التي ستوزع على مرضى السكري ــ شفاهم الله، وشفى كل مريض بمرض عضوي أو نفسي.
ومن منطلق حب هذا الوطن والتحيز لمصلحة المواطن، وهما أمران لا مزايدة عليهما، وعلى أساس حقائق نعرفها بحكم التخصص والتجربة، من واجبنا أن نبين لكم وللوزارة حقائق إن كان لا يعرفها من تبنى هذه الخطوة فتلك مصيبة، وإن كان يعرفها ويخفيها فالمصيبة أعظم!!. وبالمناسبة، فإن تلك الحقائق تقوم على أساس تجاري اقتصادي بسيط يعرفه الآن غالبية عامة الناس، ناهيك عن الصيدلي أو أخصائي المختبر أو المتخصص في التسويق فلا عذر بجهل!!.
تلك الأجهزة التشخيصية التي تعتمد على (كواشف مستهلكة) هي هنا ما يعرف بشريط تحليل السكر (ستريبز) غالية الثمن تقوم الشركات المنتجة لها بتقديمها (مجانا) لأي جهة صحية أو قطاع صحي حكومي أو تجاري على أمل (لاحظ على أمل) أن تجبر الجهة (أو يجبر المريض) على شراء أشرطتها باهظة الثمن!! لأن ربحها الحقيقي يعتمد على المريض المسكين الذي سيبحث عن أشرطتها في الصيدليات، وكلما وزعت من الأجهزة المجانية أكثر رفعت سعر الشريط!!.
تتراوح قيمة علبة بها 50 شريط تحليل بين 100 و185 ريالا سعوديا، تزداد كلما راج الجهاز، ولا تكفي العلبة المريض الملتزم بالتحليل الذي يطلبه طبيبه إلا أسبوعين، مع التقشف، ولكم بحسبة بسيطة معرفة مبيعات الشركة لـ400 ألف جهاز في سنة!! (رقم فلكي)، ولاحظ أنني قلت (جهاز) وليس مريض، فبعض الأسر يشتركون في جهاز واحد وعلبتين شهريا لكل مريض!!.
إذا التزمت الصحة بشراء (شرائط) التحليل وصرفها للمريض فتلك أيضا مصيبة؛ لأنها هنا تحد نفسها بشركة بعينها، وإذا لم تلتزم (وهذا هو الواضح) حسب شكاوى المرضى فالمصيبة أكبر جدا؛ لأن المريض من سيتحمل العبء.. وعليكم الحساب.