إخراس الإعلام والجلد الأملس

في الوقت الذي كنا نطالب فيه بتفعيل الأوامر للجهات الحكومية بضرورة التجاوب مع ما يرد في وسائل الإعلام من نقد وملاحظات، وفي الوقت الذي كنا نأمل فيه أن تستفيد تلك الجهات مما يرد في وسائل الإعلام من تنبيهات وكشف للعيوب، وأن تقول للوسيلة الإعلامية الصريحة الجريئة: رحم الله من أهدى إلي عيوبي، فوجئنا بأن بعض الجهات الحكومية والمؤسسات تطالب بوقف صحيفة أو قناة أو معاقبة كاتب أو مقدم برنامج.

في الأمثال الشعبية المحلية، يعبر عن الشخص الذي يتمادى في التهاون وعدم الانصياع للأوامر والتعليمات بالقول (إن فلانا استملس جلده)، بمعنى أن التغاضي عن تهاونه واستهتاره وكثرة مخالفاته دون معاقبته أدى به إلى التعود على التهاون والاستهتار ومخالفة التعليمات، لأنه وجدها طريقا ناعما لا خشونة فيه!!.

أعتقد أن الأمر نفسه هو ما يحدث مع تلك الوزارات والمؤسسات، فهي لم تكتف بعدم التجاوب، بل حينما وجدت أن عدم التجاوب لم يسبب لها أية متاعب (استملس) جلدها وأصبح أملس، واستمرأت ما تفعل، حتى وصل بها الأمر إلى استنكار أن تنتقد أو توجه لها الاتهامات وتكشف عن عيوبها الأغطية والستار.

من حق كل جهة أو وزارة أن تعترض على النقد، لكن ذلك لا يكون بالمطالبة بإيقاف وسيلة إعلامية أو برنامج، بل بالرد على اتهامات القناة أو البرنامج في ذات الوسيلة الإعلامية، أو غيرها، ومقارعة الحجة بالحجة وتفنيد ما ذكر (كل ما ذكر)، لا أن تتشبث بجانب واحد أو نقطة اشتباه وتترك جل ما ورد من ملاحظات جوهرية ثم تطالب بإخراس الإعلام!.

اترك رد