هدف المياه تسلل

وزير المياه والكهرباء ظهر في حملة إعلامية مكثفة يحمل أكياساً زرقاء وبعض أدوات الترشيد وقال إنها ستوزع مجاناً على المواطنين لتسهم في ترشيد استهلاك المياه وتحدث عن كل واحد منها بإسهاب وبشرح أقرب إلى النواحي الفنية السباكية منه إلى الاستراتيجية المدروسة وكان واضحاً أن تلك الأدوات لا تكفي لعشر سكان مدينة واحدة حيث كانت الأرقام “أرقام الكميات” في خانة مئات الألوف في بلد يقارب تعداده العشرين مليوناً، فكان واضحاً ان الأدوات كانت إعلامية أكثر منها عملية وأن هدف الحملة التحضير لما ذكره الوزير في حواراته المتلفزة سواء في القناة الأولى أو قناة المجد أو غيرها وهو زيادة تعرفة استهلاك المياه والتي صورتها معادلة المشروب الغازي مع صهريج الماء، وبمناسبة هذه المعادلة لدى تساؤل بريء وهو أن كثيراً من المواطنين يشتري صهريج الماء بصفة اسبوعية وبمبالغ تصل إلى 300ريال وذلك بسبب عدم وصول الماء إلى أحياء في وسط مدن كبيرة أو بسبب انقطاع الماء لفترات طويلة جداً أقول وبالله التوفيق في هذه الحالة هل ستعوض وزارة المياه والكهرباء ذلك المواطن عن ما دفعه بسبب تقصير الوزارة؟! وهل سيكون التعويض في شكل نقود أو ما يعادلها من المشروبات الغازية؟!
ثم لماذا كان معالي الوزير حنوناً بشركات الكهرباء عندما اقترح عليه بعض المتصلين رفع تعرفة الماء بنفس النسبة التي تخفض بها تعرفة الكهرباء المبالغ فيها جداً فقال ان شركات الكهرباء تشتكي ولديها مشاكل(!!) وهل وصل بنا الأمر إلى الإصغاء لشكوى الشركات وصرف السمع والنظر عن شكوى المواطن؟! هل هذه هي أدوار الوزراء اليوم؟!

ثم ان معالي الوزير في جميع لقاءاته التلفزيونية المصاحبة للحملة تحاشى التطرق للمسابح كشكل من أشكال الهدر وعندما سئل في قناة المجد في برنامج “ساعة حوار” عن مقال كتبه الفقير إلى عفو ربه محدثكم في هذه الزاوية بعنوان “الترشيد ليس فرض كفاية” قال انه لم يقرأ المقال فما كان من المحاور إلا أن أخبره بفحواه وكان رد معاليه: انه “حسب علمي” فإن الاستراحات والمسطحات الخضراء لا تسقى بماء التحلية وإنما من الآبار وانتهى رده هنا، وأنا حسب علمي أيضاً ان الوزير يفترض ان يعرف ان ثمة استراحات تسقى من ماء التحلية وأن عليه إذا أراد للحملة أن تكون ناجحة أن يذكر كل أوجه الهدر وليس السيفون والصنبور فقط.

ثم انه “وحسب علمي” ان المزارع تسقى من ماء الآبار وأن الحد من الأنشطة الزراعية كان سببه الرئيس ترشيد المياه وتوفير مخزون مائي فكيف نبرر غض الطرف عن هدر الماء في استراحات ومسطحات خضراء بالقول انها تسقى بماء الآبار وهو ذاته نفس الماء الذي انعكس ترشيده على الزراعة، مع أني اؤكد ان بعض الاستراحات التي أشرت إليها تسقى بماء التحلية.

في هذا الزمن بالذات يفترض في المسؤول أن يكون صريحاً وشفافاً ويتجه لمرمى الهدف مباشرة وإلا فإن هدف الترشيد سيكون “تسلل” إلى موضوع زيادة التعرفة بينما يفترض ان نتحدث عن التعرفة في مناسبة أخرى وبنفس الشفافية والاتجاه المباشر للهدف، وأن نأخذ في الاعتبار المطالبة بتزامن رفع تعرفة الماء مع خفض كبير في تعرفة الكهرباء، لأنه إذا كانت قيمة صهريج الماء في التعرفة تعادل قيمة علبة مشروب غازي فإن تكلفة إنارة منزل شعبي صغير شهرياً بالتعرفة الحالية للكهرباء تعادل قيمة شراء ماطور كهرباء (مولد) عمره الافتراضي يزيد عن عشرين سنة.

اترك رد