اليوم: 10 فبراير، 2010

السعودة بـ «سوبرماركت» تدعمها الدولة

استعجال الفشل أمر يتعارض مع الإصرار والطموح والبحث عن النجاح، والتسليم بالفشل أخطر من الفشل نفسه، لأنه قد يوحي بقصد استهداف النجاح، أما تكرار المحاولات الواحدة تلو الأخرى بتلافي أسباب الفشل فهو الدلالة على توفر قصد النجاح.
سعودة المحلات التجارية الصغيرة أو (البقالات) المنتشرة داخل الأحياء وفي الشوارع الصغيرة والكبيرة، تجربة حاولناها جاهدين وجادين، لكنها استعصت علينا، ولا نقول فشلت (أعاذنا الله من الفشل)، والصعوبات التي واجهتنا كانت تكمن في الفرد السعودي الذي حاولنا مساعدته بإحلاله مكان الأجنبي، فهذا الفرد استعصى عليه القيام بنفس جهد ومثابرة الأجنبي إما لعدم معرفته بأساليب البيع والشراء واستعجاله الربح وخوفه من المجازفة أو لعدم تفرغه لفتح الدكان بنفس الساعات التي يستطيعها أجنبي ليس لديه ارتباطات عائلية، أو لعدم تحمله للتعامل مع تجار الجملة الذين يفضلون استسلام الأجنبي ويخشون منعة المواطن أو لأن المواطن بدأ مالكا للبقالة ومديرا لها ثم أجبرته الأسباب المذكورة آنفا إلى توظيف الأجنبي كعامل مساعد، وما لبث العامل أن أغراه بدخل شهري ثابت مقابل اسمه الجميل ودون أن يتواجد رسمه الأجمل إلا عند الحاجة أو تواجد الرقيب وحينها لكل حضور ثمنه.
أذكر عند بدء تطبيق السعودة في البقالات وفرض تواجد السعودي أنني كنت أستمتع بشراء حاجيات الفطور من أكثر من (بقالة) وأدخل أنا والصغار من أبنائي لكي يروا البائع السعودي ونتحدث معه (من يدري فقد يصبح أحدهم أذكى من والده ويمارس الربح والتجارة بدلا من الصحافة والخسارة!!)، وكنت أسأل الباعة عن أحوالهم، وكان أكثرهم يشتكون من مراقبي البلدية!! (يبدو أن الأجنبي يشره المراقبين) لذا كنت دوما أطالب برفع رواتب المراقبين حماية لنا ودرءا لفسادهم.
ما هي إلا أشهر معدودة واستعصى استمرار السعودة (لا أحب كلمة فشل) لذا فإنني أنقل والرأي لكم اقتراحا ساقه لي خبير فطن متخصص محترف في المحاسبة هو صديقي حمد بن محمد الحبيش مدير الشؤون المالية بشركة الغاز والتصنيع الأهلية وملخصه أن تدعم الدولة مجموعات من الشباب يشتركون في إنشاء (سوبر ماركت) في كل حي أو شارع ويتمثل الدعم في شكل قروض حسنة وتسهيلات تأسيس هذه المشاريع الصغيرة مقابل ضمان توظيف شباب سعودي (فقط) وتواجد ملاك المنشأة فعليا بالاسم والرسم في إدارة المتجر وأن يتولى السعوديون فقط جميع تعاملات (سوبرماركت) الحي هذه، بدءا بالإدارة ومرورا بالمحاسبة والعمالة وانتهاء بإيصال الطلبات إلى المنازل، وفي رأي الأستاذ حمد الحبيش صاحب الاقتراح فإن غياب الأجنبي تماما يحقق أمرين هامين هما السعودة 100 في المائة وعدم حصول التمويه بتواجد أجنبي متستر عليه، أنا أعجبتني الفكرة وأرى أنها تستحق الدعم مهما بلغت التضحية والمرونة والتنازلات، فما رأيكم؟ وما رأي صاحب الصلاحية.

المباحث كشفت المستور

جهود وإنجازات رجال المباحث قديمة بقدم الوطن، ولكن ما تغير هو إدراك الناس لدور هذا الجهاز الفذ العظيم، بعد أن تحققت حماية الوطن والمواطن والمقيم بجهوده والأجهزة الأمنية الأخرى، خاصة فيما استجد من محاولات متوالية كنا نحن الأكثر تميزا في اجتثاثها مقارنة بدول العالم حتى أصبحنا مثالا يحتذى في دحر الإرهاب.
ويجب ألا ننسى الخطوة الرائدة لرئاسة الاستخبارات العامة عندما تبنت أول مؤتمر من نوعه في مجال تقنية المعلومات والأمن الوطني، ودعت له الجميع من الداخل والخارج لتؤكد أن هذا الجهاز منفتح على المجتمع، ليس فقط للتعريف بأدوار الجهاز أو تحقيق تقارب مع أفراد المجتمع ولكن عن طريق عقد مؤتمر عالمي تعليمي وتثقيفي وعلى درجة عالية من المهنية التي لم تصل إليها جهات أكاديمية هذه مهمتها.
المؤتمر عقد في الفترة 21 ــ 24 ذو القعدة 1428هـ الموافق 1ــ 4 ديسمبر 2007م، ولو رجعت لتلك الفترة ستجد أن كما هائلا من الحديث كتب وقيل عن رئاسة الاستخبارات العامة خلال مدة محددة لا تزيد عن أسبوعين، ثم توقفنا، مع أن عمل هذا الجهاز وإنجازاته وانفتاحه على المجتمع لم يتوقف بل هو في ازدياد.
لقد تابعت ودققت فوجدت أنه مر أكثر من سنتين على ذلك الحدث المهم، حدث مؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني توقفت خلالها جميع وسائل الإعلام عن الحديث عن رئاسة الاستخبارات العامة أو حتى عن متابعة توصيات ذلك المؤتمر.
حسنا، عمل رئاسة الاستخبارات العامة ورجالها الأفذاذ لم يتوقف بل لا أظن أن حجم العمل والجهد بلغ مبلغا أكبر منه في هذا العام والعام الماضي قياسا بالأحداث وتسارعها وتعدد أساليب قوى الشر ومحاولاتهم، وغني عن القول إن النجاح كان أكبر من كل الأحداث، بدليل فشل كل محاولات المساس بأمن هذا الوطن.
هذا يقودنا إلى نتيجة مهمة جدا، وهي أن الإنجازات الحقيقية للأجهزة الحكومية يجب ألا تقاس بما يكتب ويقال في وسائل الإعلام، بل أكاد أجزم أن أكثر الأجهزة العامة ظهورا في الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع هي أقلها إنجازا على أرض الواقع، كما أن من نافلة القول إن وسائل الإعلام تشجع على شيوع هذا السلوك في الأجهزة العامة والخاصة فهي تسلط الأضواء على من يبحث عن الأضواء بصرف النظر عن الاستحقاق، وتخفق في متابعة إنجازات من لا يتحدثون عن أنفسهم، والدليل رئاسة الاستخبارات العامة فقد أشرعت أبواب الانفتاح على الإعلام والمجتمع ثم انشغلت بعملها المضني، فأنشغل عنها الإعلام وهجر أبوابها المشرعة.

عرفه المسلمون بالحق وعرف غيرهم أن الحق دينه

بالنسبة لمن يعتنقون دين الإسلام ويؤمنون به إيمانا قاطعا لا شك فيه، فإن أمر معرفتهم بأنه الحق لا يحتاج إلى استدلال بمن اتبع الحق، لذا فإنهم يؤمنون بأن الرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال، فهو معروف أصلا لديهم، والرجل عبد الله بن عبد العزيز عرف لدى كل المسلمين بالحق واتباع هدي الدين الحق فأصبح بالنسبة لكل المسلمين مطلبا لتحقيق العدالة والمصالحة والسلام وملاذا بعد الله عندما ندر الملاذ الأمن والمأمون، فهم يدركون جيدا أن من اتبع الحق والتزم به لا بد وأن تضمن عنده الحقوق، والرئيس الأفغاني حامد كرزاي لم يكن أول من يقطع المسافات طلبا لهذا الملاذ، وإن كان هو الحديث فقد سبقه عرب ومسلمون كثر، والمؤكد أنه لن يكون الأخير، فالحق ثابت ومعروف، ولكن من يعرفون به ويلتزمون بهداه ندر وجودهم، وعبد الله بن عبد العزيز أثبت بمواقفه ومواقف بلاده أنه أبرز من في ساحة الحق، وأن بلده الأمين ليس قبلة للمسلمين في صلاتهم الموقوتة وحسب بل وجهة لطالب الحق في كل وقت.
بالنسبة لغير المسلمين فإن استطلاع يجريه مركز أبحاث بيو الأمريكي تخرج نتائجه بأغلبية ساحقة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ ليحصل على المرتبة الأولى بين القادة الأكثر شعبية وتأييدا في العالم الإسلامي، وعندما تختاره الغالبية العظمى ممن شملهم الاستطلاع كأكثر قائد إسلامي يحظى بثقة في قدرته على اتخاذ القرارات والخطوات الصحيحة بشأن القضايا العالمية، فإن هذا يعني بالنسبة لشعوب العالم أجمع أن هذا القائد المسلم خادم الحرمين الشريفين إنما يتصف بمبادئ وأخلاق وهدي دين عظيم هو الإسلام، دين المحبة والإخاء والعدل والسلام، الدين الصالح لكل زمان ومكان وأمل البشرية في العدل الحقيقي والسلام الدائم.
وبذلك فإن حصول خادم الحرمين الشريفين على هذه المكانة الأولى في قلوب المجتمع الدولي أجمع، وللمرة الثانية إنما توجه رسالة لشعوب العالم بأن من دينه الإسلام ومن التزم بتعاليمه الحقة ومبادئه العظيمة وطبقها في تعاملاته بكل صدق وإخلاص، هو من تملك قلوب الأمة وتربع على عرش القلوب.
هذا هو عبد الله بن عبد العزيز عرفه المسلمون بالحق وعرف غير المسلمين أن دينه الحق.