اليوم: 2 فبراير، 2010

اعترافات صحافي «بايعها»

منذ صغري حاولت جاهداً إقناع من أعرفهم من متابعي المصارعة الحرة أنها مجرد تمثيلية واتفاق بين المصارعين لاستغفال الجمهور، لكن جهودي باءت بالفشل مع أن الخصم ما كان ليحني ذراعه عند توجيه لكمة خطافية لو كان يقصد أن يجعل أنف خصمه يتساوى مع شفتيه.
بعد سنوات بانت الحقيقة وخرج عدد من كبار المصارعين ليعترفوا في برنامج لاري كينج أن المصارعة الحرة الأمريكية كانت مجرد تمثيلية!، وجاء ذلك الاعتراف لسبب بسيط هو أنهم تقاعدوا وانتهت أدوارهم.
أنا كصحافي لم أتقاعد، ومن محاسن الصحافة أنها مهنة يزداد صاحبها تألقاً ويرتفع مستوى لياقته كلما كبر سنه، لذا فإن الصحافيين لا يتقاعدون، بل أن بعض من يتقاعدون من الوظيفة الحكومية أو الخاصة يتجهون مباشرة للكتابة حتى وإن كانوا يوماً ما من ألد خصوم الكتاب الصحافيين.
وأنا أرى أيضاً أنه ليس من مكارم الأخلاق الاعتراف بعد مغادرة الميدان، أو معاداة الزمان والمكان (اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضى) لذا فإنني لا بد أن أعترف أننا معشر الصحافيين خاصة الكتاب، شئنا أم أبينا، سعدنا أم حزنا، قبلنا أم استهجنا وسخرنا، نجد تعاملا خاصاً من بعض الموظفين لا يجده المواطن العادي!.
يسعى مسؤول لرضانا وقد أغضب الآلاف غيرنا، تفتح لنا الأبواب مشرعة وقد أوصدت أمام المئات ممن هم أحق منا، يبادر بالاتصال بنا هاتفياً من أقفل السماعة في وجوه غيرنا، يوظف من يشفع بأحدنا، وبالإجمال المختصر يسعى البعض لكسب رضانا.
ولكن إحقاقاً للحق فإنه لا يفعل ذلك إلا من لا يثق في نفسه، ولا هو بمقتنع لا بمقدرته ولا قدره، ويكفيه إرضاء القليل عن العمل لإرضاء الجميع، أما إذا كنت أكثر تفائلا فقل لأنها سلطة الصحافة، أو لأنه يريد أن يكفي نفسه ما يسميه شرنا.
المؤكد أن هذا الوضع لا يرضي قيادتنا فقد قالها خادم الحرمين الشريفين، صريحة واضحة عفوية لا تكلف فيها، قال وهو يتحدث عن انهيار سوق الأسهم «أنا يهمني الضعفاء أما التجار أو ما يسمونهم الهوامير فهؤلاء يكفيهم يربحون أو يخسرون وإن شاء الله رابحون».
نحن الكتاب الصحافييون هوامير مجتمع لا خوف علينا، وإن عانينا أحياناً، لكننا حقاً نكره هذا التعامل المميز.
أما لماذا أقول «بايعها» فلأن بعض الزملاء وعسى أن أكون أحدهم، والصحيفة التي أكتب فيها وبعض زميلاتها نعمل جاهدين على أن «نبيع» أسهم هذا التميز لكم بل للضعوف منكم وندعو الله مخلصين أن يعمل الجميع لإرضاء الكل.