اليوم: 1 أغسطس، 2011

عقولنا يا ابن همام

يعلم الله أنني لم أكن أتمنى أن يحدث لمحمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي ما حدث من اتهامات بالرشوة وشراء الأصوات وإيقاف مدى الحياة، بل إن نهاية رجل خليجي طموح بهذه الصورة ساءتني وأحزنتني كثيرا، ويعلم الله أنني لم أقتنع قط بما قيل عن مواقف الرجل من الأندية السعودية وفشل لاعبيها في الحصول على أفضل لاعب آسيوي أو الوصول للعالمية، أو مواقفه من الكرة السعودية وتعرضها لأخطاء تحكيمية، ذلك أنني مقتنع تماما أننا عندما كنا نستحق الإنجاز كنا نحققه رغم كل الظروف، وأننا عندما كنا نرد الماء برجال كنا نشربه رغم الصعوبات (لأن من ورد الماء برجال لا بد أن يشرب)، وأن ذات التحيز في التتويج والظلم التحكيمي الذي نشتكي منه آسيويا تشتكي من أكثر منه أنديتنا محليا دون حراك من الاتحاد السعودي لكرة القدم، ولعل هذا هو سبب تخلفنا مؤخرا، لكننا نجيد اختيار الشماعات لأخطائنا سواء ابن همام أو غيره.
إذا أنا لست ضد ابن همام وليس لدي موقف سلبي معه وحزنت لمصيره كونه رجلا خليجيا طموحا جدا، لكنني ضد الاستخفاف بعقلية الإنسان العربي واستغفال هذه العقلية، لأن هذا الإنسان لم يكن مغفلا قط وليس مغفلا ولن يصبح مغفلا بإذن الله، وقد أثبتت الأحداث ذلك وأن العيب هو في من يظن أنه مغفل، وهذا ما حدث من معلق رياضي اسمه يوسف سيف، أراد أن يصبح بين عشية وضحاها محاورا فذا يبحث لنا عن الحقيقة متشبها بكبار المحاورين في الإعلام الأوروبي أو الأمريكي الشفاف الذي يحترم عقلية المشاهد ويخاف منها، فأعلن كثيرا عن حوار حصري عبر قناة الجزيرة الرياضية مع ابن همام حول ما وجه له من تهم وإيقافه، ودار الحوار البارد الساذج الذي لا يحاول الاقتراب من الحقيقة ولو بسؤال، تصوروا أن سيفا سأل ابن همام أربع مرات هل دفعت رشوة أو هدية لأحد، وفي كل مرة يرد عليه بعبارة (أتحدى أي أحد يربط اسمي بهدية أو رشوة ولم يسفر التحقيق أن المبالغ التي استلمها الاتحاد الكاريبي جاءت مني)، ومع ذلك لم يقل المحاور الهمام لابن همام إن كل رشاوى العالم لا تسلم مباشرة ويسأله هل أهديت أو رشوت عبر وسيط؟!، ليتيح له الفرصة على الأقل لنفي ذلك علانية، لأنه السؤال المنطقي الذي يدور في خلد أي مشاهد مهما كان بسيطا أو يتوقع سيف أنه مغفل!!.
من حق سيف أو أي معلق رياضي محدود القدرات أن يحاول أن يصبح بطلا، ولكن ليس على حساب عقولنا ولا وقتنا ولا بالاستخفاف بالعقلية العربية، فإذا وعدتنا بحوار شفاف فليكن شفافا فعلا، وما يقال عن الرياضة يقال عن غيرها.