اليوم: 3 أغسطس، 2011

محمد الدرة السوري

وأنا أشاهد الصورة التي هزت العالم وفيها أم سورية تنكب على فلذة كبدها المضرج بالدماء، تذكرت على الفور والد محمد الدرة الذي انكب على فلذة كبده قبل أن يخترق جسده الرصاص محاولا حمايته بنفسه، وتساءلت هل ستهون مصيبة تلك المرأة على والد محمد الدرة مصيبته، على أساس أن من عرف مصائب الناس هانت مصيبته؟!، فمحمد الدرة غدرته رصاصة صهيوني محتل في حال هيجان لمقاومة المحتل فحزن والده وحزن كل ذي إحساس معه، لكن يبقى فارق كبير في درجة الحزن والألم يتعلق بمن قتله، ففي حالة محمد الدرة لا يضاف هذا الفارق لأن القاتل عدو متوقع، الأصل في العلاقة معه يا قاتل يا مقتول، بينما في حالة تلك الأم وفلذة كبدها فإن الألم المضاف كبير جدا عليها وعلينا، فتلك الرصاصة التي غدرته كان يفترض أن تتجه إلى محتل في الجولان أو بكثير من التفاؤل محتل للقدس!!، والحزن أكبر لأننا لا ندري من أين يبدأ الحزن هل على حال الطفل ووالدته أم على التساؤل عن حال من قتله وكيف وصلت به الحال إلى هذه القسوة، والمرارة أكبر لأن ظلم ذوي القربى أشد مرارة، وهذه الظروف كلها من دواعي تهوين مصيبة والد محمد الدرة على نفسه لأنه سينشغل بالمصيبة الكبرى لتلك الأم وهذه الأمة.
ثمة سؤال أثارته في ذهني صورة الأم السورية المنكبة على فلذة كبدها المغدور وهو (هل من أطلق تلك الرصاصة ورسم تلك الصورة الحزينة الأشد قهرا من صورة محمد الدرة كان ضمن من غضبوا أو تظاهروا بالغضب والألم لمقتل محمد الدرة؟!!)، إذا كان الجواب بنعم فكيف سنثق مستقبلا بمشاعر العرب نحو بعضهم البعض؟!، وإذا كان الجواب بلا فكيف نأمن على العرب من العيش في كنف من لا يحمل ذرة مشاعر؟!.
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، فالواضح أن مصيبة مرتكب هذه المجازر ضد ذوي القربى ليست مصيبته في مال فهو وريث مال وسلطة وليست في علم فهو عالم ولا في صحة فهو شاب صحيح البدن، إن مصيبته غياب الوازع الديني الإيماني الذي يجعله يخاف انتقام الخالق الجبار المصور الذي انتقم ممن رسموا صورا مشابهة شر انتقام.