اليوم: 29 أغسطس، 2011

الشهرة بالبول.. العتب على الإعلام

لا شك أن الشهرة إحدى الشهوات الإنسانية، لكنها ليست ككل الشهوات الغرائزية السائدة في كل البشر مثل شهوة الطعام وشهوة الجنس، فشهوة الشهرة يصاب بها البعض ويسلم منها كثير من الناس، أعرف علماء وأساتذة جامعات وأطباء وباحثين أبدعوا في مجالاتهم، لكنهم لا يحبون الظهور الإعلامي ولا يشتهون الشهرة، ويقتصرون في نشر إنجازاتهم العلمية والطبية ونتائج بحوثهم المميزة على المجلات العلمية المتخصصة التي لا يقرأها إلا المتخصص من أقرانهم، وهؤلاء يتعب الصحافي في الحصول منهم على خبر ينشره أو إنجاز يتحدث عنه، فهم كمن يتصدق في الخفاء ويحرص على أن لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ومشكلة مجتمعنا أن التعرف فيه على الكفاءات واستكشاف المواهب يتم عن طريق الإعلام فقط، أي أن من لا يعلن عن نفسه لا يجد الفرصة الوظيفية التي يستحقها، وكأن هؤلاء الذين يعملون وينجحون في الخفاء وصل بهم حد الزهد بالشهرة إلى التنازل حتى عن حقهم في منصب يتناسب مع قدراتهم وتميزهم والخسران هو المجتمع، لكن المجتمع هو أيضا المخطئ، فهو من أخطأ طريقة الاستكشاف واعتمد على الإعلام وما ينشر، والإعلان عن الذات ومن يشتهيه ولم يعمد للبحث عن من يحمل صفات أخرى إضافة إلى الكفاءة العلمية وهي إنكار الذات والعمل من أجل العمل والاعتزاز بالنفس وانتظار التكريم لا البحث عنه.
الإعلام يتحمل المسؤولية الأكبر في خلق وسط مناسب أو مكان لإشباع شهوة الشهرة دون ضوابط تؤكد (على أقل تقدير) أن من يشتهي الشهرة يستحقها أو لديه المؤهلات التي تخوله للظهور على حساب من صام عن تلك الشهوة، خصوصا بعد أن أصبحت شهوة الشهرة نزوة، بمعنى أن ثمة من يريد أن يشتهر ولو بمخالفة صريحة أو سلوك مشين أو مخالفة للجماعة في أمر ثابت، أي أنه لا يتحدث عن إنجاز حققه علميا أو طبيا أو بحثيا ولكن على طريقة خالف تعرف، وهذه وربي شهوة شاذة تذكرني باستشهاد الشيخ الدكتور عبد العزيز الفوزان (حفظه الله ونفع بعلمه) بالرجل الذي بال في الكعبة، وعندما قيل له قاتلك الله لم فعلت ذلك، قال أريد أن أشتهر.