اليوم: 10 أغسطس، 2011

تنوعت الوفيات

لا يمكن تشكيل لجنة أن يقنع أحدا في كل شأن، بل إن التصريح بتشكيل لجنة بعد كل مصيبة بات يستفز الناس أكثر من المصيبة نفسها، ووزارة الصحة مازالت تظن أن الناس المكلومين المقهورين الغاضبين لفقد فلذة كبد أوقريب أو حبيب، ينتظرون على أحر من الجمر التصريح بتشكيل لجنة للتحقيق في السبب ليشفي غليلهم!! و يزول قهرهم!! و يذهب عنهم الغضب!!، وهذا وهم كبير، وجهل بأحوال الناس، فالأخطاء المؤدية للوفاة لم تعد أخطاء طبية تحتمل تحقيق لجنة لمعرفة مصدر الخطأ الطبي، هل هو إهمال أم خطأ أم مضاعفة، لقد جد سبب خطير أصبح ظاهرة وهو الوفاة بسبب إهمال إداري، وتقاعس غريب يتمثل في عدم التفاعل مع الحالات التي تستدعي النقل السريع من مستشفى غير متخصص إلى آخر مختص بالحالة، وجدير بإنقاذها بمشيئة الله، وحالة الطفلة ريما(9 سنوات) التي توفيت في بريدة بعد أن تركت أكثر من عشرين يوما في مستشفى للنساء والولادة!! رغم حاجتها للعلاج في مستشفى متقدم (ليس مستشفى توليد) ، ليست الحالة الوحيدة ولن تكون الأخيرة ، فمثل قضيتها حالة عامة لا ينفع معها تشكيل لجنة!!، فما عسى اللجنة تبحث عنه في وضع إهمال إداري شاع بشكل غير مسبوق؟!!.
وإذا كانت مأساة ريما والعشرات غيرها في أقل من شهر تتمثل في عدم النقل من مستشفى لآخر، فإن مصيبة أريج التي نشرتها (عكاظ) أول أمس تتمثل في عكس ذلك حيث أجريت لها أكثر من عشرين عملية في أكثر من مستشفى حكومي وعدة مستشفيات خاصة وبأيدي مختلفة لعلاج خطأ طبي أساسه إهمال إداري فقبل أن تصرح الوزارة بتشكيل لجنة كان يفترض تدخل لجان سلامة الإجراءات منذ العملية الأولى الفاشلة، و توقيع الأقارب الذي يتحجج به الطبيب المخطئ يفترض أن يسبقه شرح لاحتمالات الفشل، وربطه بظروف المريضة، فهل الطبيب لم يعرف طولها وعدم تناسب الوزن مع الطول إلا بعد وفاتها؟!!، إنها الحجج التي تجمع للجان ويخدع بها الأقارب والإعلام والمتعاطفون بعد الخدعة الكبرى المتمثلة في اجتياز المستشفيات لمتطلبات الاعتماد، ومن أهم معايير اعتماد المستشفى توفر إجراءات لجان الوفيات، والممارسة الجيدة الآمنة وأخلاقيات المهنة، و سلامة المريض وحقوق أقاربه واطلاع المريض على كل الاحتمالات وغيرها كثير.
إن تصريح تشكيل اللجنة لم يعد وسيلة تنفيس، والأهم هو علاج الإهمال الإداري الذي بات سببا آخر لارتفاع نسب الوفيات، لا يقل عن الإهمال الطبي وغياب الإجراءات السليمة الآمنة.