اليوم: 26 مارس، 2012

خدعوك فقالوا «في أمريكا»

أكثر ما أراه مراوغة هو دفاع البعض عن قصوره وأخطائه بالقول إنها تحدث حتى في الولايات المتحدة الأمريكية كناية عن شمول الأنظمة والعناية بأدق الأمور في أمريكا وهذا صحيح، لكن مقارنة شأن عندنا بمثيله في أي دولة متقدمة سواء أمريكا أو دول أوربا أو ماليزيا واليابان نوع من الاستغفال لأن المقارنة يجب أن تكون شاملة ومتكاملة ومستوفية لتشابه جميع الظروف المتاحة في البلد المتقدم الذي نحتج به.
الشؤون الاجتماعية مثلا تقول إن الهائمين (الهوملس) موجودون حتى في أمريكا لكنها لا تذكر أن الهائم في أمريكا تدرس أحواله من قبل عشرات الأخصائيين الاجتماعيين و عشرات الأخصائيين النفسيين وعدد من المؤسسات الاجتماعية والإنسانية وتتاح أمامه فرص الإيواء في دور اجتماعية أو مصحات وأن من يهيمون في الشوارع والأنفاق رفضوا كل تلك الفرص واختاروا الشارع لأن معظمهم من مدمني الكحول (الكحوليزم) ومع ذلك تصرف لهم إعانات للإعاشة.
المثال الآخر الأشد مراوغة عندما يكون الحديث عن الأخطاء الطبية لدينا وارتفاع معدلاتها غير المقبول ثم يأتي أحدهم فيقول إن الأخطاء الطبية في أمريكا تصل إلى نفس الرقم الموجود لدينا (حوالي 300 ألف خطأ طبي سنويا) ويتناسى قاصدا أن أمريكا لا تقارن بنا مطلقاً في هذا الصدد فأمريكا تسجل فيها أبسط الحالات الناجمة عن خطأ طبي فهم يسجلون حتى حالة حدوث الرعاف في الأنف إذا حدث بسبب خطأ بينما نحن لا نسجل إلا ما صاحبه شكوى أي أننا لا نسجل إلا مانجم عنه وفاة أو شلل أو فقد منفعة فأين وجه المقارنة؟!، ثم إن ثمة فارقا شاسعا في عدد السكان وبالتالي عدد التدخلات الطبية المنسوب لها ذلك الرقم، وفي أمريكا لا يثنى المتضرر عن الشكوى بل يشجع فيخرج المريض وخلفه ستة محامين نصفهم يتطوع برفع القضية عنه بينما يخرج من عندنا وخلفه ستة أطباء أحدهم يتوسل بعدم الشكوى والثاني يتوسط بقريب والثالث يهدد والبقية يحبطونه بعدم جدوى الشكوى، وفي أمريكا ثمة تعويضات مليونية رادعة للإهمال بينما عندنا يترك الطبيب مرضاه ويذهب لممارسة غير مشروعة في مستشفى تجاري وما يتقاضاه منه يغطي كل إهمال.