اليوم: 31 مارس، 2012

الكرسي يتغير ولا يُغَير

الطموح العالي والحماس الوطني والرغبة في عمل جهد وطني في المؤسسات الحكومية يصطدم بالمنصب الإداري مرتين، المرة الأولى قبل تولي المنصب حيث يكون المتحمس الحريص الطموح موظفا عاديا لديه الحماس والرغبة والفكر والتأهيل، لكن القرار ليس بيده، وإحداث التغيير والإصلاح ليس من صلاحياته، وكل أمر يخص تلك المؤسسة أو الوزارة بيد المدير أو المحافظ أو الوزير، المهم أن الموظف الطموح المتحمس المفكر المؤهل لا يملك تفعيل أفكاره وتطبيق خطوات الإصلاح إلا بموافقة من المنصب وحامل لواء المسؤولية وهذا الأخير إما أن يتبنى بعض الأفكار وينسبها لنفسه (يسرق أفكار موظفيه) وفي ذلك غصة على الموظف واستغراب وإحباط واحتقار لمن يفترض أن يكون قدوة، لكن بعض الأفكار طبقت و استفاد الوطن منها. وفي ذلك عزاء لصاحب الجهد، إلا أن جل ما يتمناه المخلص لا يتحقق لأن تحقيقه ليس بيده.
وعندما يتقلد ذات الموظف الطموح المتحمس المفكر زمام المسؤولية وتصبح الصلاحيات كلها بيده، ويصبح بإمكانه تطبيق ما كان يحلم بتطبيقه من أفكار وإحداث ما كان يتمنى حدوثه من إصلاحات فإن كل الحماس يتحول إلى تهدئة وركود وكأن طاقة الحماس المتقدة قبل المنصب تحولت إلى طاقة محافظة على ذلك (المكتسب)، بل كأن الحفاظ على المنصب يكون بالركود وفي هذا تجن على الوطن وصدمة هي الكبرى للطموح!!.
ماهي تلك الخاصية في الكرسي التي تجعله يحول الحماس إلى برود، ويمتص شحنة الإخلاص المتقدة ويحولها إلى غلاف حماية من أجل البقاء، بل من قال إن لدى كرسي المنصب هذه الخاصية المشؤومة ؟!، إننا نظلم ذلك الكرسي الجماد، فالكرسي بمن يجلس عليه مثلما أن السيف بمن يحمله، بدليل أن جميع الكراسي التي جلس عليها غازي القصيبي غيرها ولم تغيره، رحم الله «غازي» وكل مخلص.