البطانة بين أهل الثقة وأهل العلم

عندما يغتني الرجل بالعلم ويحقق النجاح ويصبح علما عالميا في رأسه نار، ففي الغالب أنه يزهد في أي مكاسب أخرى من منصب أو جاه أو حتى رفاهية مبالغ فيها، وحين يزهد فعلا فإنه لا يجامل ولا يتزلف ولا يداهن ولا «يتمصلح» من المشورة.
العالم المصري فاروق الباز واحد من الأمثلة النادرة من علماء الأصل العربي الذي عانقت قامته قمم المجد العالمي، لكنه لم ينس وطنه ولا عروبته يحب للسودان ما يحب لمصر ويهوى للعرب إيجابيات الغرب.
في حواره مع قناة العربية في برنامج الحدث المصري يوم الخميس، قال الدكتور فاروق الباز كعادته دررا تخرج من محار ذهن صاف من مؤثرات المصالح الذاتية، ومما قال إن رؤساء مصر منذ جمال عبدالناصر يختارون أهل الثقة لا أهل العلم والخبرة والمعرفة ويقربونهم كوزراء ومستشارين وبطانة، لأن كل رئيس يريد من يثق فيهم وهذا لا يحقق المصلحة والنجاح، فأهل الثقة يوافقون رؤساءهم في كل شيء ويقولون لهم «أنتم تمام»، أما أهل العلم والخبرة والمعرفة فيقررون مايرونه متوافقا مع العلم والمعرفة وخبرة النجاح ولا يقبلون بما يخالف الحقائق العلمية والمنطق والتجارب الناجحة.
هذا العالم الذي حقق مكانة عالمية رفيعة لا يلمح أو يتحدث عن نفسه بل يشخص واقعا عربيا لو تغير لتغيرت أحوال العرب ومكانتهم، عن طريق اختيار البطانة الصالحة والمستشار الناصح الذي يدل على الخير وهو يعلمه ويعيه ولا يقتصر دوره على ترديد «الشور شورك» أو يتخبط بغير علم.
سأل محمود الورواري فاروق الباز قائلا ما قصة ذهابك إلى أحمد شفيق واستشارته لك في بعض الأمور؟!، فرد أولا أنا لا أذهب بل أدعى وأطلب وقد طلبني في فترة الحكومة المؤقتة وفي حضور عدد من الوزراء فعلقت على بعض الأفكار بالقول «ذا كلام فاضي ما ينفعش»، ولم أجامل ولو طلبني مرسي فسوف أذهب وهو رئيسنا المنتخب ويجب أن نمنحه فرصة الأربع السنوات، ونقول له «تعظيم سلام» وبعد فترته لو فشل «نشيله زي ما انتخبناه». قلت : بمثل هذه الصراحة والنصح المخلص المبني على علم تنهض الأمم.

اترك رد