اليوم: 23 أكتوبر، 2012

لماذا نضرب بعضنا ؟

باستثناء الضرب من أجل تسهيل جريمة كالسرقة أو الاعتداء على النفس فإن الإنسان لا يضرب إنسانا آخر وهو في حالة طبيعية دون سبب، وفي الآونة الأخيرة أصبحت أخبار الضرب تتزايد في مجتمعنا وتتنوع وتحدث في مواقع ما كانت تحدث فيها من قبل فما هو السر.
طالب يضرب معلما ووالد طالب يضرب المدير ومريض يعتدي على طبيب وطبيب يضرب مريضا وحامل مريض يضرب طبيبا في غرفة الطوارئ وموظف يضرب رئيسه في العمل ووالد يعتدي بالضرب على الوكيل وموظف خطوط طيران يضرب راكبا ومريض يضرب ممرضة وأنواع وأشكال وأمثلة كثيرة أخرى جميعها تتحدث عن جدول من الضرب ما كنا نحفظه من قبل.
ما يحدث ليس تغيرا في طبيعتنا البشرية وليس بكل تأكيد تغيرا في معتقداتنا ولا أسلوب تعاملنا، ما يحدث هو نتيجة حتمية لعدم وجود سياسات وإجراءات دقيقة تحكم العلاقة بيننا وبين بعضنا في العمل والخدمات بحيث يحدد حق كل شخص وطريقة الحصول عليه وعقوبة عدم الحصول عليه ومنهج سلس وميسر للحصول على الحق والإنصاف في تلك الأماكن، وبالتالي أصبح الإنسان الهادي الرزين المؤمن بعدم أحقيته في الاعتداء على الآخر مضطرا لأخذ حقه (أو ما يعتقد أنه حقه) بيده وإنصاف نفسه بنفسه لعلمه أن الشكوى أصبحت لا تجد إنصافا ولا أذنا صاغية وفي ذات الوقت فإن التعامل في علاقات العمل والحصول على الخدمات لا تحكمه سياسات وإجراءات ونظم ثابتة ودقيقة ومعروفة بل هو رهن لمزاجية مقدم الخدمة سواء كان موظفا أو معلما أو طبيبا أو مسؤولا عن إدارة، وبالتالي فإن ما تحكمه المزاجية في التنفيذ تحكمه المزاجية في القبول.
أصبح لزاما علينا لكي نصبح مجتمعا حضاريا ونقلل من حالات الفوضى والاعتداء بالضرب أن نلغي كل مسببات الغبن ومعوقات الحصول على الحق وإلا فإننا سنستمر ننشر وننشر غسيل حالات الفوضى دون أن تتوقف عن الحدوث أو تتوقف عن الإساءة لوعينا وأخلاقنا ومعتقدنا النبيل.