الشهر: نوفمبر 2012

لم يقتلها لأنه داعية !!

لا أحد يقبل الجريمة التي اقترفها والد الطفلة لمى بتعذيبها أيا كانت درجة التعذيب، ولا أحد يقبل أن تمر حادثة قتلها أو قتل أي نفس دون عقاب رادع ولا أحد يقبل ما يحدث من عنف يتعرض له الأطفال والنساء والطلاب والطالبات، ويجب أن نتحرك جديا لتفعيل برنامج الأمان الأسري بإيكاله لمتخصصة تعمل فعلا كل ما من شأنه تنفيذ البرنامج بفاعلية للحد من إيذاء الأطفال والنساء، وأظن جازما أننا حتى اليوم لم نوفق بتسليم ملف البرنامج الوطني للأمان الأسري لمن هو جدير به من الأخصائيات الاجتماعيات المؤهلات، فلا زلنا نعتمد على اجتهادات طبيبة أمراض معدية لا تجربة لها ولا خبرة ولا تأهيل في مجال الشأن الاجتماعي.
الجانب الآخر الهام في حادثة قتل البريئة لمى هو تركيز الأخبار والتقارير المتلفزة خاصة تقرير قناة العربية أول أمس الأحد على تعريف الوالد القاتل بأنه «داعية»، وهذا أمر قد يسيء للدعاة الحقيقيين المؤهلين علما وخلقا وعقلا، خاصة أن الأخبار لا تستطيع الإفصاح عن الاسم فتكون الإساءة عامة، هذا من جانب، ومن جانب آخر يبرز السؤال الهام وهو: على أي أساس صنف القاتل على أنه داعية حتى وإن وعظ مرة أو عشرا في برامج تلفزيونية، وهذه قضية أزلية عندنا فالبعض يطلق اللقب «شيخ، داعية، راق، عالم شرع» متى شاء ويحجبه عن من شاء.
وفي كل الأحوال فإنه لم يقتلها لأنه داعية ولا لأمر يتعلق بالدعوة إلى الله، بل إن ما فعل، إذا ثبتت عليه التهمة، أمر بشع يبعده كل البعد عن صفات الداعية الملم بتعاليم الدين الإسلامي السمح الذي يركز على الرحمة وحماية النفس.
ثم إن ثمة أمرا آخر هاما أغفله من عرف القاتل على أنه داعية، وهو أن الحديث النبوي الشريف الوارد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.. الحديث»، قد نفى صفة كمال الإيمان عن من يرتكب هذه الكبائر حين فعلها، فكيف نصف من يقتل بأنه داعية؟!.

ما عندك أحد

ثمة إجراءات سهلة غير مكلفة، ولا تحتاج إلا لإخلاص وجدية، لو طبقناها لصححنا الكثير من الأوضاع السيئة التي يشتكي منها الناس وتتسبب في حالة تذمر دائمة وركون إلى الإهمال والتقاعس.
من أمثلة تلك الإجراءات الرقابة، وعندما نقول الرقابة، فإن البعض يذهب إلى التفكير في صعوبة الرقابة الدائمة الشاملة والحاجة إلى عدد كبير من الأفراد والإمكانات والأدوات التي تتناسب مع حجم الأجهزة المترهلة، فيدب فيه اليأس قائلا: (تراقب مين ولا مين؟!)، والحقيقة أن الرقابة من الأشياء التي تنطبق عليها قاعدة (ما لا يدرك كله لا يترك جله)، وهنا تبرز أهمية الرقابة العشوائية غير المرتبطة بوقت ولا جدولة دائمة مكلفة، إنما تعتمد على عنصر المفاجأة وانتقاء عينة عشوائية وإخضاعها للرقابة والفحص، بحيث يشعر كل موظف أو جهاز أو حتى وزارة أنه قد يفاجأ يوما ويقع تحت طائلة المساءلة والفحص.
هذا النهج الرقابي غير المكلف لا ينجح دون أهم مقوماته، وهي العقوبة الرادعة المؤلمة التي لا تقبل المراهنة ولا تتيح أدنى تفكير في المجازفة، فمن تكتشفه الرقابة العشوائية يعاقب عقوبة رادعة تجعل غيره لا يفكر ولو مجرد تفكير في ارتكاب المخالفة.
ما ينقصنا حقا هو تلك العقوبات الرادعة التي لا تقبل استثناء ولا شفاعة ولا مماطلة ولا أخذا أو ردا، أما الرقابة العشوائية فسهلة وممكنة، وهي بالمناسبة مطبقة في كثير من الدول المتقدمة، ولكن فيما يخص السلوك اليومي للأفراد، أما المؤسسات والوزارات فتخضع لرقابة مؤسسات ومساءلة برلمانية وشعبية لا أظننا مؤهلين لها قريبا وربما نحتاج إلى وقت.
ليتنا نبدأ بتطبيق رقابة عشوائية (على قدنا)، ولكن بمصاحبة عقوبات رادعة على المؤسسات والوزارات، تماما مثلما تتعامل دول سبقتنا، مع الثقة في الفرد، فإذا خانها ووقع فإنه (وقع وما حدش سمى عليه)، كمن يحتال على دفع الضرائب أو يغسل الأموال أو حتى يركب النقل العام دون تذكرة، لا يسأل الجميع عن هذه الأشياء، لكن إذا سئل صدفة ووجد مذنبا فهو في عداد الخاسرين.
بأسلوبنا الحالي ننتظر رقابة شاملة، والمخالف يردد (خالف ترى ما عندك أحد).

أفصح يا وزير الماء

تصدرت أزمة مياه الشرب في الرياض الصفحة الأولى لجريدة (الرياض) يوم أول أمس الجمعة في خبر نقله الزميل عبدالسلام البلوي، مفاده أن لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة بمجلس الشورى رصدت سوقا سوداء لعمالة وافدة ترفع أسعار مياه الشرب، مما أجبر ذوي الدخل المحدود على شراء مياه غير نقية ولا صالحة للشرب ومخصصة لأعمال الإنشاء والبناء، وأن لجنة الشورى ستطالب وزارة المياه والكهرباء وشركة المياه الوطنية بأن تفصح وتعالج بشكل عاجل أسباب الانقطاع في تدفق الماء بالشبكة العامة.
معالي وزير المياه والكهرباء وكذلك شركة المياه الوطنية سبق أن أصدروا وعودا بعدم حدوث أزمة مياه تماما مثلما وعد مع شركة الكهرباء بعدم حدوث انقطاع للكهرباء وحدث انقطاعات طويلة ومنهكة وقاتلة.
شخصيا لا أرى أهمية لـ «الإفصاح» عن أسباب الانقطاعات ولا أسباب نشوء السوق السوداء من الأجانب التي ترفع أسعار الصهاريج الزرقاء فتلك أسباب معروفة!!.
الأهم هو إفصاح الوزارة عن أسباب تركيز جل طاقتها وجهودها وحملاتها، وإعلاناتها الملونة، على الترويج لتركيب المرشدات التي صرفت عليها الوزارة أموالا طائلة وصرفت أكثر منها على الترويج لحملة تركيبها، مما أشغلها عن دورها الرئيس وهو توفير تدفق المياه ومنع حدوث الأزمات فما جدوى تركيب مرشدات على صنبور لا يصل إليه الماء؟! ،خاصة أن المواطن الذي ينقطع عنه الماء بالأشهر لا بد أن يحاول أن يطيل أمد بقاء مخزونه، ومهمة الوزارة الرئيسة هي ضمان تدفق الماء لكل الناس بعدل وتوازن ودون انقطاع، وإذا حققت ذلك ولم يبق من مهامها إلا الترشيد فإنه يجب أن يبدأ بأهم قنوات الاستنزاف وهي مواسير العشرين بوصة التي تغذي الاستراحات والمزارع والمسابح.
السؤال الذي يجب «الإفصاح» عن إجابته هو هل يبيع ذوو الدخل المحدود مرشداتهم ليحصلوا على قيمة صهريج الماء من السوق السوداء؟! أم أن الوزارة ستقدر تجاوبهم بتركيب المرشدات وتسير لهم صهاريج مجانية حتى لا تنسد فتحات المرشد من ملح مياه الأعمال الإنشائية المالحة التي يشترونها بدم قلوبهم.

راعي الصحة

المصداقية في التعامل في كل العلاقات والتعاملات الإنسانية مطلب أساسي لكسب الثقة، وعندما يتعلق الأمر بالصحة والمرض فإن الأمر أكثر أهمية وخطورة، حتى الطفل لو قلت له إن الإبرة العلاجية لن تؤلمك ثم أوجعته فإنه لن يصدقك مستقبلا حتى في وضع سماعة على صدره. تذكرني وزارة الصحة في تعاطيها مع فيروس كرونا بقصة راعي الغنم ولكن بشكل معكوس، فتلك القصة الوعظية التي كانوا يدرسونها لنا لنتعظ تقول بأن راعي الغنم كان يصرخ مستنجدا بأن الذئب هجم على غنمه فيهب أهل القرية لنجدته فيكتشفون أنه كان يمزح أو يكذب وكرر ذلك فعندما هجم على غنمه الذئب حقيقة واستنجد لم يتجاوب الناس معه لأنهم لم يصدقوه. على العكس فإن وزارة الصحة عندما هونت من أمر خطورة انفلونزا الخنازير على المملكة عطفا على استعدادها للوباء واحتياطاتها له وخطتها التي قالت إن دول الخليج اعتمدتها كقدوة ثم اتضح أن الخطة لا تعدو عبارة (خليك بالبيت) وحدث ما حدث من تعاط مع المرض، فإن من الصعب على المواطن أن يطمئن إن (كرونا) لايشكل خطرا حتى ولو كان كذلك، وكأن الصحة قالت وكررت القول لم يهجم الذئب وهو يفترس فعلا فلما لم يهجم الذئب أصبح الناس يخافون شبح الحمل الوديع!!. مواقف وزارة الصحة وتصريحات مسؤوليها عن القبول في أقسام الطوارئ وتوفر سرير لكل مواطن والتقليل من أرقام ونتائج الأخطاء الطبية وتوظيف خريجي الدبلومات الصحية وتوفر الأدوية والتبريرات المتناقضة لعدم تطبيق نظام التأمين الصحي (بلسم) وعدد حالات ووفيات انفلونزا الخنازير، جميعها مواقف تجعل المواطن لايصدق أن (كرونا) سيعبر بسلام.

قالوا وقلنا

•• قالوا: تدخل ميكانيكي لإغلاق سرعة ناقلات الوقود والغاز!!.
• قلنا : بعد أن وقع الفاس بالرأس!!.
**
•• قالوا: نائبة وزير التربية والتعليم تفتتح ورشة الجودة لتعزيز الكفايات التربوية.
• قلنا: الحاجة أكبر لافتتاح ورشة سمكرة الكفاءات الإدارية!!.
**
•• قالوا: مسنة كورية جنوبية تتعلق بانبوب غاز في الطابق الخامس في سيئول متوهمة بدخول لصوص والدفاع المدني ينزلها بسلام.
• قلنا: لو كانت عندنا «نزلوها» الدفاع المدني بتقنية الرش بالماء!!.
**
•• قالوا: الشورى يقر افتتاح مكاتب نسائية بفروع الأحوال المدنية ويسقط توصية البصمة بديلا لكشف وجه المرأة!!.
• قلنا: وإذا كشفت عن وجه الشورى فهل تجد له بصمة!!.
**
•• قالوا: الغاز في الأحياء ينتظر عود ثقاب.
• قلنا: أشياء كثيرة تنتظر عود ثقاب ولا أحد يتحرك إلا بعد خراب مالطا.
**
•• قالوا: اعتماد 800 حضانة أطفال لمنسوبات تعليم عسير.
• قلنا: اللهم اجعل تالا شفيعة لوالديها.
**
•• قالت إحدى شركات الألبان ارتفاع أسعار منتجاتنا سببه زيادة مدخلات الإنتاج.
• قلنا: ونحن سنزيد مدخلات المقاطعة!!.
**
•• قالوا: المدارس الأهلية تقاضي التأمينات!!.
• قلنا: هذا إذا قيل لك شين وقوي عين بس من مقوية؟!
**
•• قالوا: وزارة الصحة تطمئن المواطنين بعدم خطورة (كرونا).
• قلنا: بعد إنفلونزا الخنازير تطمينات الصحة ما تطمئن!!.

متى؟

المشاكل الإدارية المتراكمة في بعض الوزارات كثيرة وغالبيتها تتعلق بشريحة لا بأس بها من المواطنين، لكن التفاعل مع تلك المشاكل المتراكمة في هذه الوزارات ضعيف بل يكاد يكون مؤجلا رغم أن الشكوى تزداد ويرتفع صوتها عبر كل وسائل الإعلام التقليدية والحديثة.
ليس من مصلحتنا أن نتجاهل الأصوات التي تطالب بحق ضائع أو إجراء مهمل رغم توفر الحلول والإمكانات خاصة الإمكانات المالية في هذه الأعوام الحالية، أعوام لاعذر لكم.
على سبيل المثال، إلى متى سنترك البديلات المستثنات يصرخن في كل حدب وصوب دون مجيب مع أن مطالبهن مستحقة لاغبار عليها وحجتهن واضحة ومقنعة وتم تعيين نائبة لوزير التعليم (امرأة) يفترض أن تجتمع بهن وتتوصل إلى حل، لكنها لم تفعل، ولم يتم الرد عليهن فتحولت قضيتهن إلى قضية عامة وربما عالمية.
نفس الشيء يقال عن حملة الدبلومات الصحية الذين دفعوا الأموال ومع ذلك أحبطوا لعدة سنوات بسبب آراء واجتهادات شخصية ولا تزال مشكلة عدم توظيفهم قائمة وتستخدم في مزايدات ووعود لأهداف إعلامية بينما شكواهم قائمة وكان يفترض التعاطي معها بجدية وعدل.
المرضى الذين يبحثون عن علاج وقبول في المستشفيات الحكومية ولا يجدونه لأبنائهم أو والديهم ويطالبون بذلك عبر وسائل الإعلام ويتعرضون لاستغلال المستشفيات الخاصة لدفع مبالغ طائلة مع أن التأمين الصحي كان ولازال حلا يبحثون عنه فلا يجدونه بسبب مصالح وعناد.
كل هذه أمثلة لشكوى عامة لا يجب أن تكون بين المواطن والوزارات المكلفة بخدمته فمتى يقوم كل بمسؤولياته وينهيها.

هوية الشؤون قبل هوية المرأة

الشورى يوافق على إلزام المرأة السعودية على استخراج بطاقة الهوية، هكذا كتب الخبر في الصحف، وهكذا خرج القرار تماما مثل مطالبة الشؤون الاجتماعية للمرأة المعلقة أن تثبت أنها مطلقة لتحصل على الضمان الاجتماعي، والوزارة تعرف أن تعريف المرأة المعلقة هو: امرأة حرمت من تواجد الزوج وقيامه بمسؤولياته، وحرمت من الحصول على ورقة الطلاق لتعيش حياة أسرية أخرى، وأن وزارة الشؤون الاجتماعية يفترض أن تتولى أمرها، وتحصل لها على حقها الاجتماعي الضائع لكن الوزارة لاتقوم بهذا الدور في وقت لاتزال فيه نسبة كبيرة من النساء معلقات ومحرومات من الحصول على ورقة طلاق، ثم يأتي من يقول بإلزام المرأة على الحصول على بطاقة الهوية الوطنية!!،أليس علينا أن نحدد هوية وزارة الشؤون الاجتماعية أولا.
إننا حينما نقول إلزام المرأة على الحصول على الهوية كأننا نقول إجبار المعلقة على الحصول على صك الطلاق، وفي ذلك تعذيب لها أكثر مما هي معذبة، ونحن بذلك نفترض أن القلة من النساء اللاتي يطالبن بالبطاقة واللاتي لا يرغبن في استخراجها هن الصورة السائدة، بينما الواقع أن الحرمان من الخدمة الاجتماعية، والحصول على الحق الاجتماعي أمر واقع. كأننا نقول إجبار اليتيم على أن لا يضرب في دار الرعاية، وإجبار المريض على أن يجد سريرا، وإجبار من لم يجد خبزا أن يأكل الكيك.
ليتنا نحسن صياغة القرارات لتحديد الأولويات. فالأولى في ظني هي إجبار وزارة الشؤون الاجتماعية على تحديد هويتها، والرقي بخدماتها لمستوى طموح الوطن والشورى.

انفجار خريص رحمة بالمعلمات

لا جدال أن الجهات المسؤولة لدينا لا تتحرك نحو تطبيق الاحتياطات إلا بعد حدوث صدمة قوية، فبعد حدوث حادث إليم نتيجة إهمال تجد تفاعلا صوتيا وورقيا في شكل تصريحات وتعاميم ووعود كلها تتحدث عن (منع) ذات الشيء المحدد الذي تسبب في الحادث، ولكي نكون أكثر واقعية فإن ردة الفعل التي تتلو حدوث خطأ فادح أو مصيبة ناجمة عن غياب الاحتياطات أصبحت أضعف.
أذكر منذ عشرات السنين بعد حادثة حريق طائرة الترايستار، والحديث عن راكب كان يحمل موقدا صغيرا أن التركيز في التفتيش قبل صعود الطائرة كان على (معك دافور)!!.
وبعد سقوط مدرسة جلاجل بدأ الاهتمام بالمباني الآيلة للسقوط، والغريب المضحك حد البكاء أن التركيز كان على مدارس البنات؛ لأن الذي انهار مدرسة بنات وكأن مدارس الأولاد لا تسقط!!، أو لا تجد الاهتمام إلا حين تسقط واحدة مشابهة لها تماما حتى في جنس الضحية!!.
حادثة انفجار صهريج الغاز في الرياض يفترض أن تجعلنا نعيد كل الحسابات في أمر سائقي صهاريج الغاز (هذا حسب طبعنا القديم)، لكنني أشك أن يحدث هذا بالشكل الجاد الحازم، بدليل أن سيارات نقل المعلمات تقتل سنويا عددا يفوق وفيات انفجار صهريج خريص ولم يتفاعلوا معها!!.
أتمنى أن يكون حادث الصهريج رحمة بمن بقي من المعلمات، فيجعلنا نقتنع ونعيد النظر في كافة الاحتياطات التي تتعلق بسلامة الأرواح وفرض الاحتياطات وتطبيق الحزم الشديد المعروف والمطبق في العالم الأول.

مفاجآت التساهل والتهاون

الخطأ العظيم الذي ارتكبناه بحق ضحايا انقلاب ثم انفجار ناقلة الغاز في طريق خريص يفترض أن يجعلنا نفيق من سبات التهاون في تطبيق احتياطات السلامة ومنع مخالفتها بتشديد الرقابة على التقيد بها وتغليظ العقوبة لمن يتهاون بتطبيقها سواء نجم عن ذلك التهاون حصول حادث أو لم يحدث.
ما حدث لم يكن أمرا سهلا فقد تم التساهل بالأرواح والممتلكات وأمن الوطن عند تسليم مفاتيح ومقود ناقلة مادة شديدة الانفجار بل سلاح دمار واسع لسائق أجنبي فاقد للأهلية في التعاطي مع قيادة الشاحنة رغم إدراكه لخطورة ما بداخلها بدليل سرعة تصرفه لإنقاذ نفسه.
ما حدث ليس حادثا عابرا أو قضاء وقدرا كما سيحاول المتسببون فيه تصويره، بل هو متلازمة استبعاد حدوث الخطر وعدم اتخاذ الحيطة ولا الإخلاص في الرقابة والدفاع المدني هو المسؤول عن كل ذلك فأين الرقابة على المتعاطي مع مواد شديدة الانفجار وأين اكتشاف تساهل الشركات في استخدام عمالة رخيصة وغير مدربة في التعاطي مع ما يهدد أرواح جماعة من الأبرياء وأمن البلد؟!، كل ذلك كان غائبا فحدث ما حدث لأن الدفاع المدني لم يعقلها ويتوكل.
السؤال الأهم هو هل الوضع الحالي المتهاون يخبئ لنا مفاجآت أخطر؟!، ماذا عن التعاطي مع مصانع المواد الكيميائية الخطرة والنفايات الطبية والصناعية الملوثة وهل سيتقاذف مسؤوليتها الدفاع المدني مع الأرصاد كما حدث مع كوارث السيول.

انفجار خريص الإهمال والقصد

أن تستقدم شخصا وتسلمه مفتاح سيارة عادية صغيرة وتزج به في ميدان قيادة السيارات في المدينة دون تدريب طويل وشامل حتى وإن كان يقود السيارة في بلده ويحمل رخصة قيادة، فإن في ذلك إجراما في حق نفسه وكل من يرتاد الطريق، فالسيارة مهما صغر حجمها هي سلاح قاتل، وهذا أمر معلوم للجميع ولا جديد فيه إلا يوم جديد من الإهمال والتهاون واستبعاد حدوث الكارثة وعدم أخذ الحيطة من خطر متوقع. أما عندما تقوم شركة الغاز أو شركة النقل المتعاقدة معها بتسليم سائق جديد غير مواطن موثوق (معروف برجاحة العقل والقدرات ومجرب) وتنطبق عليه بعد ذلك شروط عديدة يفترض أن يعدها ويتأكد منها الدفاع المدني وجهات الأمن، أقول عندما تسلمه مفاتيح ناقلة غاز سريع الاشتعال، ودون أن يكون هناك نظام وقيود دقيقة مرتبطه بالدفاع المدني والجهات الأمنية تتثبت من تسليم هذا السلاح المدمر لشخص مؤهل وموثوق، فإن هذا يدل على أننا نمارس إهمالا كبيرا، ونجازف مجازفة دفعنا ثمنها غاليا بعملة الأرواح، أرجو أن لا يخرج من يحمل شركة الغاز أو متعهدها المسؤولية الكاملة عما حدث، فالمسؤولية تكمن في خلل شامل في الاحتياط والتهاون بالخطر، وإلا كيف يسمح بإيكال استلام وقيادة شاحنة دمار شامل لسائق مستقدم حديثا، ولم يحدد لذلك نظام صارم يحتاط للإهمال والقصد معا.