أول أمس وأثناء مشاركتي في برنامج الرئيس على قناة لاين سبورت، حول مشكلة خريجي الدبلومات الصحية ذكرتني أجواء وشخوص واستوديو البرنامج وعبارة أحد الخريجين العاطلين (لا تنسونا بعد حلقة هذا البرنامج كما نسينا سابقا)، ذكرتني ببرنامج 99 على القناة الأولى السعودية عندما ناقشنا قضية موظفي الجمارك (أسود حراسة المنافذ من كل الشرور) ومعاناتهم من حرمانهم من كثير من الحقوق الوظيفية والخدمات الضرورية من مكافأة مستحقة وإسكان مناسب و تأمين صحي وعلاج إصابات من الوسائل الحية التي يستخدمونها (الكلاب أعزكم الله) وقبل هذا وبعده تعامل وظيفي يليق بشباب يبذل الغالي والنفيس لحماية هذا الوطن وساكنيه الذين هم أغلى من كل غال ونفيس.
تلك الحلقة كانت ساخنة ومؤلمة ومفاجئة لي شخصيا مما سمعته من مواقف وشكاوى أسود الجمارك من عرينهم، سواء منهم سياس الوسائل الحية أو موظفو منافذ الجمارك البرية والبحرية والجوية وشكواهم من عدم الترسيم وعدم توفير متطلباتهم واحتياجاتهم ومطالبتهم بتصوير العضة للحصول على التعويض أو مشاركة بعض رؤسائهم لهم في مكافأة الضبطيات وطرفة صرف شيك الثمانية وثمانين هللة!!، و كانت الحلقة أيضا مبشرة ومطمئنة ومثار إعجاب لما عرض فيها من مشاهد إعجازية في طرقهم وخبرتهم في اكتشاف حيل المهربين، ومدعاة لتعامل أفضل.
بعد حلقة 99 (الخط الأول الجمارك السعودية) التي مضى عليها أكثر من سنتين، تابعت أمور (أسود الجمارك) لعدة أشهر وعلمت أن ما طرح في البرنامج وهز مشاعر الجميع لم يغير إلا نزرا يسيرا من التعامل معهم، ويعلم الله أنني لم أنسهم وإن شغلت بهموم غيرهم، لكن الشيء بالشيء يذكر ومن حقهم علينا أن نطمئن عليهم مثلما أنهم مصدر اطمئنان لنا فنقول: رجال الجمارك كيف حالكم الآن؟!.
اليوم: 25 ديسمبر، 2012
استنزاف المال والجهود!!
رويدا.. رويدا، بدأت تتضح بعض أسباب سير بعض المشاريع سير السلحفاة وتأخرها، وأحيانا كثيرة استحالة إنجازها وعدم تحقق الوعود السابقة، فبعد أن أصبح توفر المال والتمويل للمشاريع ليس عذرا ولا يشكل عائقا؛ بفضل ميزانية خير تلو الأخرى، ورصد مبالغ هائلة للمشاريع التنموية، ودعم مالي غير مسبوق، بدأت الأسباب الحقيقية وراء تأخر الإنجازات الوطنية تتضح تباعا.
أحد هذه الأسباب الذي لا يمكن تجاهله ولا بد من الاعتراف به ووضع العوائق أمامه وسن التشريعات التي تقطع دابره هو الأهواء التنافسية السلبية، ومحاولة إثبات الذات على حساب المال العام وجهود العاملين ونفسياتهم، فقد كثر الحديث عن مسؤول جديد يلغي أو يجمد كل المشاريع والخطوات التي بدأها سلفه، ويريد أن يبدأ من جديد ليثبت خطأ من سبقه أو يسجل حضورا له هو، حتى وإن كان المشروع هو ذات المشروع، والطبخة هي ذات الطبخة، والطبق هو نفس الطبق، لكنه يعيد إعداده من جديد لكي يوهم الجميع أنه أحد منجزاته الجديدة، وهذا استنزاف للمال العام وإرهاق للعاملين، وهم بالمناسبة أكثر من يشتكي من هذا السلوك وينتقده ويتألم له.
في مقال الأمس، استشهدت بمشروع تنظيم البسطات في أمانة مدينة الرياض، وقبل ذلك استشهد عدد من الزملاء وأنا بمشاريع أخرى كثيرة أعلن عنها واحتفل بها ولم تتحقق للسبب ذاته.
ليس أدل على غرابة هذه المشكلة (التي أراها نفسية صرفة) من أن بعض من كان ينتقدها قبل توليه المسؤولية مارسها حرفيا، وأشهد الله أنني عايشت النقد والممارسة.
لا بد من موقف حازم وحاسم يحول دون إلغاء أي مسؤول جديد لمشاريع من سبقه، وإلزامه بالبدء من حيث انتهى تماما كسباق التتابع، وحبذا لو أضيف إلى القسم (وأن لا ألغي المشاريع البناءة لمن سبقني)، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.