الشهر: ديسمبر 2013

اخفضوا رواتب الأجانب وتعاقداتهم

انتفت تماما الحاجة لتقديم عروض مغرية للكفاءات الأجنبية للعمل في المملكة في المجالات الصحية والهندسية وعلوم الحاسب وغيرها من مجالات العمل التي كنا نحاول جادين تقديمها من أجل إغراء الأجنبي للعمل في السعودية بمنحه راتبا مضاعفا مرتين مقارنة بغيره من الدول بل وأربعة أضعاف مقارنة بغيره من دول آسيوية أو عربية أو حتى مع المؤهل السعودي.

السبب الرئيس هو أن دولا كبرى كثيرة تعاني ارتفاعا كبيرا متزايدا في نسبة العاطلين عن العمل وبالتالي فأنت أمام سوق عمالة العرض فيه يفوق الطلب بمراحل فلا داعي مطلقا للإغراء برواتب خيالية كما كنا نفعل سابقا وحاليا في المستشفيات والبنوك والشركات والمؤسسات التقنية المختلفة.

السبب الثاني أن العلوم والخبرات لم تعد قاصرة على هذه الدول فثمة كوادر وخبرات وطنية أحق بالإغراء والصرف والاستثمار فيها كما أن سوق العمل المتخصص والخبير أصبح يعج بالكفاءات العربية والآسيوية الأكثر تأهيلا وخبرة والأعمق علما وأكثر نشاطا من شخص أجنبي نتعاقد معه بمئات الآلاف من الدولارات وهو عاطل أو متقاعد في بلده!، وهذه حقيقة فكثير جدا من الأطباء والصيادلة والممرضات والمهندسين الذين نجلبهم برواتب فلكية هم في الأصل متقاعدون عن العمل بحكم سنهم، حتى أنني قلت ذات مرة إن مستشفياتنا تتعاقد مع ممرضات متقاعدات يحتجن إلى ممرضة وأذكر أنني تطرقت لضرورة خفض رواتب الأمريكيين ومن في حكمهم في هذه الزاوية في صحيفة (الرياض) في 12 ربيع الأول 1430هـ تحت عنوان (اخفضوا رواتب هذه الجنسيات) وهو الأمر الذي أصبح أكثر الحاحا اليوم من أي وقت مضى فلا سبب للمجاملات الآن.

إذا كانت الشركات الأمريكية بدأت في تسريح آلاف الموظفين مما جعل المعدل يفوق خمسين ألف موظف من الشركة الواحدة في أمريكا نفسها، فإن الفرصة أصبحت مواتية جدا لخفض رواتب الأجانب لأن الرواتب العالية حددت لهم سابقا، ليس على أساس ندرة المؤهل أو الوصف الوظيفي أو طبيعة العمل، بل على أساس سعر العمالة في سوق المصدر، بدليل أن الموظفين الآخرين يحملون نفس المؤهل ويؤدون نفس العمل وبنفس الوصف الوظيفي ولكن بنصف أو ربع أو عشر الراتب الذي منح للأجنبي.

إحالات وفاة

لحق رجل الأمن عواد السهلي بالفتاة الشابة زبيدة السليماني في نفس الأسبوع، وتوفي تغمده الله بواسع رحمته متأثرا بخطأ طبي (قطع في الحالب) حسب صحيفة الوطن 26 أكتوبر 2013م، وأحيلت قضيته إلى الهيئة الشرعية الطبية كما هي حال زبيدة ومن توفوا معهما في نفس الأسبوع.

ردود مديري الشؤون الصحية ومدير العلاقات في الصحة على اتصالات الصحف والقنوات الفضائية، كما هو الحال مع برنامج (يا هلا) حول زبيدة، أصبحت مقتضبة ومقننة وتقتصر على القول (الموضوع أحيل للهيئة الشرعية الطبية وهو من اختصاصها) وواضح أنه محاولة متفق عليها لإخراج وزارة الصحة من حرج الاعتراف بمسؤوليتها كرقيب مقيم للمستشفيات عن سوء أداء مستشفياتها والمستشفيات الخاصة، لكنها نسيت أن هذا بالنسبة للمتابع يعني أنها تحولت إلى جهة إحالة وفيات إلى الهيئة الشرعية الطبية، وهذا وربي عمل سهل ويسير لا يحتاج إلى كل تلك المليارات، ومدعاة للسؤال (وماذا عن دعم الدولة المالي الضخم غير المسبوق ؟! هل سيستخدم لطباعة ورق إحالة ؟!).

الخيال الواسع متاح، ولك أن تتخيل لو أن شخصا يصوب من نافذة منزله بندقية يصيب بها المارة وبدلا من أن تنهي الشرطة ممارساته تكتفي بالقول (على أهل الضحايا مراجعة الشرع لأخذ حقوقهم) هل يعقل هذا ؟! أو يستقيم ؟!. هذه حال الوزارة عندما يقتصر تحركها بالإحالة للهيئة الشرعية الطبية.

ليس هذا وحسب بل إن الوزارة تسهم في تفاقم الأخطاء الطبية وتزايدها حينما تقر بحصول مستشفياتها أو مستشفى خاص مثل الذي قتل د. الجهني وصلاح الدين جميل وزبيدة السليماني على شهادة الاعتماد سواء من (JCI)  أو (سباهي) بينما تلك المستشفيات لا تحقق أبسط معايير السلامة والحذر من ارتكاب الأخطاء.

سيارة الوزراء لم تصطدم بالشورى ودهست (نزاهة)!!

الله يرزقهم، هكذا علينا أن نقول ونحن نقرأ خبر صحيفة (الوطن) عن رفع الحد الأعلى لبدل سعر سيارة الوزير ومن في حكمه لأن اي شيء اخر لو قلناه عبر (تويتر) أو (الفيسبوك) في هذا الخصوص سلباً أو انتقاداً يدخل ضمن تهمة الحسد والحسد أمر مكروه!!.

أنا شخصياً لم أحسدهم في (تويتر) ولا (الفيسبوك) على السيارة!!، أنا حسدت من صرّح بالخبر على ذكائه وفطنته ونباهته وإحساسه بأهمية توقيت التصريح!!، وما قد يحدثه من استفزاز لمشاعر بقية المواطنين فإما أنه مفرط في الذكاء!!، أو أنه مفرط في الثقة!!، وعدم الخوف!!، الخوف من الحسد طبعاً!!.

أنت تصرّح عن رفع الحد الأعلى لبدل سيارة الوزير لمواطنين ليس لهم لا سيارة مجانية من أي نوع ولا حد أدنى ولا أعلى لبدل شراء سيارة!!، وليسوا وزراء وربما ليسوا موظفين أصلاً!! فهم من فئة (فاقد الشيء) وفاقد الشيء أحرى بإصابة واجده بالعين!!، فبدلاً من أن ينطبق المثل أو القاعدة (فاقد الشيء لا يعطيه) فإن فاقد السيارة المجانية هنا قد يعطيك (عين) تقلب سيارتك فتضيع ال ٣٠٠ ألف (الحد الأعلى) ويصبح حد أعلى سقف السيارة سافلها (فتحدها) بأبخس الأثمان أو تبيعها  تشليح!! هذا إذا لم تذهب أنت في خبر (كان) وزيراً ، أي باختصار أنا خايف عليهم وعلى سيارتهم من العين لأن العين حق!!.

الحسد الثاني الذي ربما أحسد القرار عليه هو أنه لم يمر على مجلس الشورى لأنني أعرف أن أعضاء الشورى يرفضون دائماً، ويصوتون ضد كل ما يتعلق بـ(الحد الأدنى) سواءً لراتب التقاعد أو راتب السعودة في القطاع الخاص أو مخصصات الضمان الاجتماعي، وبالتالي فإنهم من المؤكد سيصوتون ضد (الحد الأعلى) لقيمة سيارة المرتبة الممتازة 250 ألف ريال والحد الأعلى لقيمة سيارة مرتبة وزير 300 ألف ريال، فكلها (حدود) سواءً أدنى أو أعلى!!، إلا أن سيارة عضو الشورى ربما ينطبق عليها الحد الأعلى للمرتبة الممتازة وهنا ستختلف وجهة نظر وتصويت ممثل الشعب كثيراً!!.

عموماً حد سيارة الوزير لم يصطدم بمجلس الشورى!! وهنا سؤال عريض وهام: لماذا لم يستشار الشورى؟!!، سؤال يمكن لـ(نزاهة) أن تسأله، لكن رئيس نزاهة في الممتازة وله سيارة سيرتفع حدها إلى 250 ألف!!.

تدرون بس؟! مالنا إلا العين والعين حق على كل ما ليس بحق، (صكوهم) عين على الذكاء والتوقيت والسرعة وعدم الاصطدام بالشورى ودهس (نزاهة)!!.

فعلها علي العلياني ويشكر

قلت في مقال الخميس الماضي إن الوطن أنتج مقدمي برامج ومحاورين أفذاذا لا يدعون فرصة للضيف لأن يقول ما يشاء دون معارضته بسؤال عندما يقول ما يستدعي التوقف والتساؤل الوجيه حتى لا يحسب على المحاور أنه فوت فرصة فيها موضع أخذ ورد أو قد تفسر كاستغفال للمشاهد، ومثل هؤلاء المحاورين الأفذاذ لا يعنيهم توجه القناة بقدر ما يعنيهم احترام عقل المشاهد واحترام أنفسهم.

لم أرغب في ذكر أمثلة لهؤلاء لأنهم كثر ولله الحمد وأكثرهم لم يحافظ عليهم تلفزيوننا العزيز وفرط فيهم، لكنني هنا سأذكر مثالا لاصطياد الضيف ولا أقصد أن أستشهد بالزميل علي العلياني وحيدا لكن الموقف صادف توقيت المقال.

كان برنامج (ياهلا) يناقش عضو مجلس الشورى د. عيسى الغيث حول مشروعه لتعديل نظام غلق المحلات التجارية وقت الصلاة بحيث يستمر بعضها مفتوحا وقت الصلاة.

أثناء الحوار تطرق د. الغيث لنظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال ما نصه «هي ليست توصية بقدر ما هو مشروع تهيئة لتعديل نظام، فنظام مجلس الشورى في فقرته المعدلة من المادة 23 يتيح لأي عضو من أعضاء مجلس الشورى تقديم مشروع نظام مقترح أو تعديل فقرة في نظام نافذ وبناء على ذلك نحن أعضاء مجلس الشورى لم نطلع على النظام حتى الآن، فالمسألة ليس فيها شفافية حتى الآن ولا أدري لماذا؟ وأنا أنتظر المتحدث الرسمي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليبين لماذا لم ينشر النظام وقد صدر من مجلس الشورى لكن المشكلة أين النظام؟! ولماذا مرت عدة أشهر والهيئة لم تطلعنا على النظام لنقترح التعديل؟! مع أن رؤوس أقلام النظام صدرت في مجلس الوزراء لكن أين النظام لماذا لم تطلعنا الهيئة عليه؟!»، واسترسل د. الغيث مستغربا فقال «تخيل أعضاء شورى ولا نطلع على تفاصيل النظام!!».. انتهى.

هنا قاطعه المحاور علي العلياني قائلا «جت على الهيئة؟ فيه أنظمة كثيرة صدرت ولم تعلن، هل تطلعون على الأرقام المالية والميزانيات؟!».

ثم تمسك د. عيسى الغيث بترديد «نحن نتحدث الآن عن الهيئة»، فرد العلياني «نحن نريد أن تكون شجاعتنا على كل الجهات».

الزميل علي العلياني هنا لعب دور المحاور المحايد بصرف النظر عما يردده البعض من موقفه من الهيئة، أو حتى موقف القناة منها، ليس هذا فحسب بل عارض الاستغراب غير المبرر من د. الغيث بقوة واستنكار قد لا يفعله الناطق الرسمي لهيئة الأمر بالمعروف لو تواجد.

هذا ما قصدته بالمحاور المحايد الذي لا يقبل ترك فرصة لسؤال واعتراض، شكرا علي العلياني وكوكبة المقدمين المهنيين الذين أتمنى أن يعود بعضهم لتلفزيوننا المحلي.

قالوا وقلنا

** قالت (عكاظ): رسالة الثانوية 12 غيبت الطالبات وهن حاضرات بسبب خطأ في النظام.

* قلنا: لأن الغياب صار هو الأصل والحضور استثناء في النظام!!.

**

** قالوا: انتشار مقطع فيديو لمجموعة شباب يتحرشون بعدد من الفتيات في مجمع بالظهران.

* قلنا: للفتيات دور في تعريض أنفسهن للتحرش، وقديما قالوا (الذئب لا يأكل إلا التالية من الغنم).

**

** وقالت (عكاظ): تحليل مقطع فيديو (المتحرشين) في مجمع بالظهران.

* قلنا: سيكتشفون إن وحدة من البنات تشوت يمين!!.

**

** قالت (عكاظ): زبيدة ضحية أخرى للأخطاء الطبية فقد توفيت بعد عملية استئصال زائدة دودية!!.

* قلنا: تعددت الأخطاء والسبب واحد.

**

** قالت (سبق): ضبط 100 شاحنة تنهب الرمال في الدمام.

* قلنا: ليت ما ينهب إلا الرمال!!.

**

** قالوا: الهيئة تضبط معملا للخمور في منطقة مجارٍ ودوريات أمن الرياض تضبط آخر وسط العاصمة!!.

* قلنا: سنضبط ونضبط ونضبط طالما لم نضبط عقوبة رادعة غير التسفير!!.

**

** قال المذيع: أعضاء الشورى يحضرون لمستشفانا بالبشوت!!.

* قلنا: يمكن لأن مستشفاكم لا يهتم إلا بالبشوت!!.

تلفزيونيا .. البقاء لمن لا يختلف

مثلما أنتج هذا الوطن الكثير من المتميزين في مجالات الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب والصيدلة، أنتج متميزين في إدارة الحوار الإعلامي بمهنية وحياد، قد يكون لقناة موقفها وخطها، لكن المقدم الناجح والمحاور المهني المحايد لا يقبل مطلقا أن تمر عليه عبارة تستوجب السؤال ولا يسأل، أو عبارة قد توحي باستغفاله أمام المشاهد وتستوجب توقفا ولا يتوقف؛ لأنه يدرك بحكم ذكائه ومهنيته أن العبارة ترن في أذن نسبة كبيرة من ملايين المشاهدين الأذكياء، وتثير في عقولهم تساؤلا سوف ينتقدون المحاور وينتقصون من ذكائه ومهنيته وحياده لو لم يتوقف عندها.

للأسف، مقدمو البرامج والمحاورون الأفذاذ من هذا النوع ينتجهم غالبا التلفزيون المحلي، لكنهم لا يستطيعون الاستمرار فيه ولا يحافظ عليهم، فيتسربون لتلفزيونات وقنوات فضائية أخرى، ويبدو الأمر ــ للوهلة الأولى ــ بسبب فارق الأجر، لكن الحقيقة أنه بسبب فارق الهامش المتاح للمحاور في إحراج ضيفه، فتلفزيوننا العزيز جبل على تفضيل المحاور الذي يوافق كل ما يقوله الضيف، ولذا فإن القنوات الفضائية التجارية طارت بأرزاقها من البرامج الحوارية الجذابة التي تناقش قضايا الوطن والمجتمع من النواحي الخدمية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية، وفازت بأبرع المحاورين وأكثر الحوارات جرأة، بينما تشهد قنوات التلفزيون المحلي كسادا في هذا الصدد، مع أنها الأصل في اكتشاف المحاور وعدم المحافظة عليه.

أعتقد أن أهم ملف يجب أن يتبناه معالي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون عبدالرحمن الهزاع سريعا، وهو الرجل المعروف بديناميكيته وبراعته في إيجاد الحلول والتغيير الإيجابي، هو هذا الملف، لكن للمحاور متطلبات أهمها المرونة وعدم المجاملة وفرض وقبول الحياد بين المسؤول والمتلقي.

مكافأة المنصب الحلوب

قلت ذات يوم لقائد إداري محنك لماذا تكافئون المديرين الكبار بمبالغ كبيرة بينما صغار الموظفين يحصلون على أقل مبلغ مع علمكم أنهم من يبذل الجهد الأكبر ويقتصر جهد رؤسائهم على التوجيه والمتابعة، وكنت أقصد في المناسبات الهامة كحفل تدشين مشروع أو افتتاح آخر أو غيرها من المناسبات الوطنية التي تسعد الجهة الحكومية بإتمامها وتحتفل بذلك وتصرف مكافآت لكل من شارك فيها، تعتمد غالبا على أساس الراتب فيذهب أهل المناصب العليا الحلوبة بالأجور ولا يحصل الموظف الصغير إلا على مبلغ يسير لا يوازي ربع جهده المقارن بجهد رئيسه.

واصلت الحديث للقائد المحنك صاحب القرار النافذ والهيبة الشديدة فقلت : يا أخي طبق سياسة الهرم المقلوب في هذا الأمر تحديدا فكبار الموظفين أقل حاجة وأقل استحقاقا للمكافأة من صغار الموظفين، فنظر إلي نظرة خلت معها أنه شعر بتبجحي وتطاولي على هيبته الإدارية، وكان مهابا فعلا، وقال ماذا تقصد بالهرم المقلوب ؟! قلت ببساطة الموظف الصغير يحصل على أعلى مكافأة بغض النظر عن راتبه وقياسا بعمله وجهده الذي بذل ويحصل الموظف الأكبر على أقل مكافأة أو مجرد خطاب شكر والشكر كثير !!.

ولأنه قائد إداري واثق وصاحب قرار ومحنك فقد صرخ في وجهي، وما أجملها من صرخة، صرخة صاحب القرار، وقال (على بركة الله، اعتمدنا الفكرة).

تذكرت هذا الموقف وأنا أقرأ في (سبق) خبر قائد كشفي تنازل عن مكافأته البالغة 10800 ريال لأبنائه الكشافين المشاركين في معسكرات الخدمة العامة لحج هذا العام 1434هـ في الفرقة 135، حيث لم يحصل الكشاف إلا على 1585 ريالا، مؤكدا أنهم عملوا أكثر منه وكان دوره التوجيه والمتابعة.

أتمنى أن ينظر في أمر المكافآت والانتدابات فيتم حسابها بطريقة تنصف من يعمل أكثر وليس من منصبه وراتبه أكبر.

رحلتي مع «الخمر المحلي»

لم يكن حادث مروري أو حادثان سبب التفاعل مع خطورة الخمر المصنع محليا كما يظن البعض، فقد استشعرت الخطر مبكرا وبحكم التخصص العلمي حاولت جاهدا التوعية بخطورته:

في عام 2005 كتبت في جريدة الرياض وقلت إن مقاطع تصنيع العرق تستخدم إلى جانب النفايات القذرة من الفاكهة المتعفنة وأواني الزبالة والمواسير الصدئة والأيادي الملوثة والمواقع التي غالبا ما تكون دورات مياه تعج بالصراصير ويختلط فيها ماء الحمام بماء الاستحمام، تستخدم إلى جانب هذا كله إضافات سامة شديدة الخطورة على العصب البصري وخلايا المخ وخلايا الكبد وتسبب السرطان.

إنهم يستخدمون مواد بديلة للكحول الإثيلي الذي يخضع لرقابة مشددة في بلادنا ولله الحمد فيضعون بدلا منه مادة (البايردين) التي تستخدم كمذيب صناعي وفي صناعة المواقد وهي مادة تؤدي مباشرة إلى تكسر خلايا الكبد وثبت قطعا أنها من المواد المسرطنة.

كما أنهم يستخدمون الكحول الصناعية والكحول المثيلي (ميثانول) وهو النوع السام من الكحول ويسبب تلف العصب البصري وفقدان البصر التام بعد حين كما أنه يسبب تليف الكبد بسرعة كبيرة ومنهم من يستخدم كحول التعقيم في المستشفيات (الأيزوبروبايل) وهو سام جدا وله تأثير مباشر على خلايا المخ والكبد والكلى ويسبب الفشل الكلوي بعد فترة قصيرة من الاستخدام وبصورة مفاجئة. وغني عن القول إن تأجير الدور العلوي من الجسد وهو المخ يعتبر من أخس الأفعال سواء كان المستأجر نقيا أو ملوثا فالمسكر في حد ذاته قتل لنعمة العقل فإذا ما صاحبه قتل للجسد فلا غرابة.

في 2006 أضفت مؤكدا: لأننا حتى في مجال التوعية نستورد المعلومة من الخارج والمعلومات حول المخدرات والتدخين متوفرة عالميا لكن العرق المحلي والإضافات الخطيرة التي يحتويها لا يمكن استيراد المعلومات عنها ويجب أن تكتب محليا وذكرت أن العرق يصنع محليا ولا تصنع عبارات التوعية وطنيا! لتوضيح المخاطر والأضرار التي ذهب ضحيتها الكثيرون.

وفي 2008 اقترحت وبناء على ما يسببه الكحول من أضرار اجتماعية بالغة وخطيرة يسببها المخمور وتنعكس على المجتمع أجمع في شكل حوادث جنائية أو أخلاقية أو مرورية فإن الحملة على الكحول يجب ألا تقل عن شراسة الحملة على المخدرات عامة سواء في التوعية أو العقوبات.

واقترحت تأسيس جمعية متخصصة متفرغة لمكافحة الكحول.

في 2010 أضفت معلومة قلت إنها غير مؤكدة وهي أن بعضهم وجد في براميلهم جرذان ميتة، وهذه حقيقة، ولكن هل استخدمت في إحداث تسريع التخمر أم أنها سقطت (سكرانة) داخل البرميل؟ هذا ما لم يثبت لدي بعد.. (اليوم ثبتت المعلومة).

في 2012 أعدت التحذير من خطورة العرق المصنع محليا ومن خطورة تزايد مدمني الكحول وخطرهم على المجتمع والوطن ومع ذلك أعتبر نفسي مقصرا مقارنة بحجم الخطر.

بقي الآن أن تقوم الجهات المعنية باتخاذ الإجراء الواقي والقرار الرادع وإلا فإن علينا أن نتحمل النتائج.

«ساهر» لا يوقف المخمور!!

شواهد كثيرة تشير إلى أننا يجب أن نقف وقفة أكثر حزما وأشد عقوبة مع الخمر وتعاطي الكحول وتصنيعه والتعامل مع مدمن الخمر علاجيا واجتماعيا ونفسيا ورقابة شديدة وقبل هذا وذاك حماية للناس من شره مروريا واجتماعيا وفي الشارع والحي.

ليس من قبيل الصدفة أن يتم القبض على خمسة عشر مخمورا دفعة واحدة في حادثة قبض واحدة، وليس من قبيل الصدفة أن يتم اكتشاف مصنع خمور مخبأ في منطقة تصريف «مجاري» ويتكون من مئات الجوالين، وعدة تصنيع كاملة، وآلاف من قوارير مياه الشرب الفارغة جاهزة للتعبئة والتوزيع.

وليس من قبيل الصدفة أن يقتل مخمور خمس أنفس زكية وهو يقود سيارته دون رقيب ولا متابعة مرورية وقائية تمنع تعريضه حياة غيره للخطر قبل وقوع الفأس في الرأس.

يجب أولا أن نعترف أننا نواجه مشكلة حقيقية كبرى مع الكحول سواء المهرب من الخارج والذي يبذل رجال سلاح الحدود ورجال الجمارك جهودا جبارة لمنع دخوله ولابد من زيادة دعمهم وتشجيعهم ماديا ومعنويا، أو الذي يتم تصنيعه في الداخل بطريقة التقطير (العرق المحلي) والتي تتم بمنتهى القذارة وبإضافة مواد كيماوية خطرة جدا على المخ والكبد والكلى وقد كتبت عن ذلك كثيرا بصيغة علمية وبحكم التخصص في الصيدلة، وهذا النوع يبذل أسود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهودا جبارة في اكتشافه والتخلص منه وتسليم العمالة التي تتولى صنعه للجهات الأمنية، ولابد من مزيد من الدعم والتشجيع لجهاز الهيئة معنويا وماديا وكف الشر إعلاميا لتمكينهم من الاستمرار في أداء هذا الدور الهام جدا مع أدوار أخرى لا تقل أهمية.

المرور يجب أن يعيد النظر في أدائه الذي تراجع كثيرا ميدانيا وأصبح يعتمد على التقنيات الحديثة مثل: كاميرات الرصد والتصوير وتسجيل المخالفة (ساهر) وهذا أسلوب فاعل في الرصد و جباية الغرامة، لكنه لا يغني عن مراقبة سلوك قائد المركبة في الطرق، وإيقاف من يقود بطريقة غير طبيعية ثم فرض عقوبة صارمة رادعة على من يقود وهو بحالة غير طبيعية سواء (مخمور أو متعاطي مخدر) حتى ولو لم يرتكب حادثا وليس بالتراخي المعمول به حاليا. طالما أننا نطبق أساليب دول متقدمة في الرصد والتغريم مروريا فعلينا أن نطبق ذات الصرامة في التعاطي مع من يقود مخمورا.

خمس أنفس زكية وقاتل غير زكي

إذا أحب الله عبده أنزل فيه البركة حتى بعد موته وبطريقة موته، وأظن أن عبد الملك الدحيم الشاب العائد للتو من أداء فريضة الحج وأخواته الأربع بإذن ربهم مباركين حتى في طريقة موتهم الأقرب للاستشهاد، فقد شاء الله أن يلقى ربه طاهرا مطهرا بعد أداء فريضة الحج مباشرة، وأن تكون وفاته وأخواته الأربع بسبب سيارة يقودها شخص في حالة غير طبيعية حسب (عكاظ) وحسب تأكيد قائد مرور شمال الرياض الرائد فهد الشقاوي، لـ «سبق»، الذي أكد أن قائد السيارة الفورد كان يسير بسرعة جنونية وهو بحالة غير طبيعية؛ وذلك من خلال محضر الاستشمام والشهود والتحليل الطبي في مدينة الملك سعود الطبية ومن المضبوطات التي وجدت في السيارة.

لقد وجه الشهداء الضحايا الخمسة بوفاتهم بهذه الطريقة رسالة للمجتمع والوطن والجهات الأمنية تنبه إلى خطورة تعاطي الكحول، وأن تحريمه جاء بسبب ما يحدثه من ضرر كبير يمر بكل المحرمات التي ترتكب بزوال العقل حتى يبلغ قتل النفس التي من قتلها فكأنما قتل الناس جميعا، بل وصل الأمر مع تعدد وسائل القتل، من سلاح رشاش و سيارات أشبه بالقذائف، أن أصبح القتل جماعيا ولأنفس متعددة.

من بركات ابن و بنات الدحيم، تغمدهم الله بواسع رحمته وألهم والدهم ووالدتهم المفجوعين الصبر والثبات، أن وفاتهم بهذه الطريقة وبذلك السبب قد تقود إلى حماية آلاف الأنفس بسن تشريعات ونظم وعقوبات رادعة لكل من يقود سيارة أو يحمل سلاحا وهو في حالة غير طبيعية، إضافة إلى عقوبة تناول المادة وارتكاب المحرم ومخالفة الأنظمة.

ومن بركاتهم أيضا أحياء وأمواتا أنهم أثبتوا أن التعاطي الإعلامي وفي مواقع التواصل الاجتماعي مع فقدان النفس البشرية يشهد كيلا بمكيالين!!، وحسب الأهواء، فهؤلاء الضحايا الخمسة والطفلان المصابان كانوا مسالمين، ولم يفروا من جهة رسمية وسالب أرواحهم مؤكد شخص مستهتر مسرع في حالة غير طبيعية حسب تصريحات رسمية وشهود ومع ذلك لم تتحرك لقتلهم ذات الأقلام وتطالب بوقف القتل بالمسكر ولأ نفس المغردين فيذرفون دموع الإنسانية الممتزجة بمطالبات بإلغاء جهاز حكومي، بل وحتى في أداء واجب العزاء اكتظت المقبرة بكل صادق في مواساته ومواقفه، وتكاسل عن تقديم العزاء من هدفه المتسبب لا الضحية.