اليوم: 26 يوليو، 2015

خسائر وطنية لسوبر لندن

قرار إقامة كأس السوبر السعودي في لندن بدلا من الرياض أو أبها أو الطائف اتخذ وتم تبريره من اتحاد كرة القدم بمبررات جميعها مادية غير مقنعة، وتكرارها جعل منها سبعة مبررات، والحقيقة أنها لا تعدو مبررين فقط فقط فقط (ترويج للاعب السعودي ودخل أكبر للاتحاد والناديين)، ومع أنه قرار اتخذ وبدأ الموسرون في إجراء حجوزات السفر والتباهي بشراء التذاكر، فإن الكلام عنه ليس ــ كما يقول المثل الشعبي ــ (حكي في الفايت نقص في العقل)، فما زال في العقلاء أمل أن يدركوا أن ثمة خسائر سبع تفوق كل مكسب مادي.
الخسارة الأولى هي التضحية والولاء للمنتخب التي يقدمها دائما وغالبا أغلبية ساحقة هم الشباب من ذوي الدخل المحدود الذين تطالبهم رعاية الشباب في كل مشاركة للمنتخب بالحضور ومؤازرته والتضحية بالوقت والمال وأحيانا السفر لتشجيعه، فكيف تريد مني حضورا ومؤازرة وتضحيات وهتافات، وأنت تحرمني من حضور مناسبة كروية في وطني لهدف مادي يخدم ناديين وترويج للاعبين يتقاضون أصلا الملايين وقل عطاؤهم للمنتخب بسبب ملايين الأندية؟!.
الخسارة الثانية تفويت الفرصة على المستثمر الكادح من أبناء الوطن بحرمانه من الاستفادة من مناسبة كروية بدءا بسائق الأجرة، ومرورا ببائع الأعلام، وانتهاء بالفنادق والمطاعم والمدينة السياحية التي يمكن أن تقام فيها؛ مثل مصايف المملكة (أبها والطائف وغيرها).
الخسارة الثالثة تكاليف الطيران والسكن بلندن والمعيشة فيها التي سيتكبدها المهووس، بحضور المباريات سواء كان ميسور الحال أو مستدينا.
الرابعة خسارة الأرواح التي ستنجم عن ممارسة نفس المشجع المتهور إذا فرح في الرياض لنفس السلوكيات إذا فرح في لندن، فإن أسرع مات وأمات، وإن فحط قتل أو قتل من لا يتوقع تفحيطا، وإن ركض في شوارع مدينة تجري فيها المركبات عكس اتجاه العالم فمدهوس لا محالة من سيارة قادمة من اليمين وهو يتوقعها من اليسار! هذا لمن ركض أما من عبر الشارع ماشيا وهو (سارح الذهن) بسبب فوز أو خسارة فمدهوس من اليمين أيضا.
الخامسة خسارة السمعة إذا ارتكب مشجع مراهق سعودي نفس الحماقات التي يرتكبها بعد مباريات الديربي في وطنه (الجمهور الإنجليزي يرتكب أكثر منها وفقد سمعته بسببها لكنه يعرف حدوده قانونا).
السادسة خسارة السفارة السعودية في لندن وإشغالها بمتابعة قضايا الجماهير مع الفنادق وأصحاب المحلات والإنجليز والسلطات، وقد لا يكون العيب فينا لزاما وسوف تعلمون.
السابعة أن الترويج السليم الوطني للاعب السعودي يكون عبر حثه على الإخلاص لشعار المنتخب والوصول بالمنتخب إلى نهائيات كأس العالم ثم الترويج لذاته، وليس باستعراض لاعب تخاذل مع المنتخب وهبط به للمركز ١٠٩ عالميا في ملعب لندني عبر مباراة نادٍ!!.

ممرض جازان يطير بجناحين

لفت نظري، في حوار مدير عام الشؤون الصحية بجازان أحمد السهلي، تركيزه الشديد على أن الرواتب التي تمنحها وزارة المالية للأطباء المتعاقدين (الأطباء فقط) لا تشجعهم على العمل في المناطق الجبلية، وأن وزارة المالية هي السبب في استقالة (الأطباء) وعزوفهم عن العمل في المناطق الجبلية ــ على حد قوله.

هذا التخصيص المتحيز لفئة محددة من أعضاء الفريق الصحي، هم فئة الأطباء، هو ما ذهبت إليه في كثير من المقالات والحوارات المتلفزة، وأشرت إلى أنه تحيز دهور مستوى الرعاية الصحية لدينا، في مرحلة سابقة، حيث كان لتلك المرحلة آثار سلبية جدا على كادر العاملين في المجال الصحي واللوائح المرتبطة بذلك الكادر، والتي كانت تركز على منح المميزات للأطباء دون سائر أعضاء الفريق الصحي رغم أهمية كل عضو في منظومة الرعاية الصحية وعدم الاستغناء عنه ولا يجوز التقليل من أهميته بالتقليل من حقوقه ومميزاته مقارنة بعضو آخر من الفريق.

في الوقت ذاته، كان لذلك التفريق (ولا يزال) آثاره السلبية على درجة المحاسبة فيما يخص الالتزام بالدوام وحدوث الأخطاء الطبية ومنح الصلاحيات المتخصصة، فمحاسبة طبيب لا يلتزم بالدوام والحضور لأداء عمله تختلف عن محاسبة أخصائي المختبر أو الأشعة، وفي الوقت ذاته إعطاء مؤشرات بأن دور الطبيب أهم!!، وهنا تناقض واضح، فالأكثر أهمية (افتراضا) يجب أن تكون محاسبته أكبر!!.

في المحاسبة على الأخطاء شاهدنا كيف عوقب فني بنك الدم في قضية رهام وفصل (فصلا) دون تثبت، وكيف يحاسب من يقتل بعملية ختان! أو زائدة دودية، وفي منح الصلاحيات شاهدنا كيف استقال مدير عام بنوك الدم بسبب التدخل في اختيار نوعية الكواشف وطريقة تحليل أكياس الدم وهو مجاله وتخصصه.

هذه أمثلة تطرقنا لها في حينها، وأوضحنا أنها تأتي بسبب إدارة الأطباء وتحيزهم للطبيب (فقط)، والآن وفي زمن وزارة غير الطبيب، والتي نرجو أنها تسير في اتجاه تصحيحي وإن كان بهدوء وبطء، يأتي مدير صحة جازان ليتحدث عن ضرورة أن تتولى المالية جذب الأطباء للعمل في المناطق الجبلية، وكأن بقية الفريق الصحي يصعدون للجبال طيرانا وبأجنحة أو بمصاعد خاصة! وكأني بالممرض (مثلا) في المناطق الجبلية يطير بجناحين!.

الرعاية الصحية عمل فريق جماعي، يا سعادة المدير، وروح عمل الفريق تستوجب العدالة في تقديرهم دون تفرقة ولا تمييز، خاصة من قائدهم الذي يفترض أنه إداري محنك.


العالمية عندنا صعبة قوية!!

لا أدري لماذا نسمح لوكلاء الشركات وممثلي الخدمات العالمية أن يستخفوا بنا أيما استخفاف فلا نحصل على المميزات والتسهيلات التي يحصل عليها العميل في أي مكان في العالم؟!.

التلاعب والمخالفات والتقصير يأتي من الوكيل أو ممثل الشركة لدينا والذي يحاول جاهدا التقتير في تقديم الخدمات والتسهيلات بدليل أنك بمجرد أن تشتكي للشركة العالمية الأم تحصل على حقك مع اعتذار وهدية ترضية، لذا فإنني أنصح كل من يواجه مشكلة مع اسم تجاري عالمي أن يتجه بالشكوى على الشركة الأم عبر وسائل التواصل السهلة جدا (إيميل، فيسبوك، تويتر…الخ).

في السابق، وقبل أن تنشط وزارة التجارة في مجال حماية حقوق المستهلك، كنا نعاني خدعة كبيرة من وكلاء السيارات في الحصول على مميزات الضمان، فضحها ناشط حماية المستهلك رالف نادر في حوار أجريته معه منذ حوالي ثلاثين سنة في جريدة الجزيرة قال فيه كلاما خطيرا عن استغلال وكلاء السيارات لنا، لكن دون أن يتحرك أحد آنذاك، مع أن الوكلاء يحصلون على الربح الأعلى عالميا بحكم رمزية الجمارك وارتفاع الأسعار دون رقيب ولا تدخل، وارتفاعها أكثر مع ارتفاع أسعار العملات وعدم انخفاضها مع انخفاض ذات العملة، وبالمناسبة جشع وخداع وكلاء السيارات لازال مستمرا ولكن بصور أخف من السابق.

الآن نعيش خدعة كبيرة وقصورا عظيما في الخدمات والتسهيلات العالمية فيما يخص الحصول على الضمان العالمي الشامل والصيانة للأجهزة التي نشتريها من الخارج ولها وكلاء وفروع شركات هنا، وخدمات سيئة جدا من ممثلي شركات التوصيل العالمية، عرضنا لبعضها في مقالات سابقة، حتى وكلاء شركات الأدوية العالمية عندنا لا يوفرون الأدوية الأساسية ذات السعر القليل رغم أهميتها ولا يوفرون الأدوية الخاضعة للمراقبة مثل الأدوية النفسية والمهدئة والمخدرة لمجرد أنهم لا يريدون تكلفة أنفسهم عناء جردها ومراقبتها ومسؤولياتها.

مشاكلنا مع قصور الخدمات العالمية تطول وتطول ولابد من وقفة صادقة تجعلنا مثل الناس.


شيخ الدخل

يعجبني كثيرا في حضوره الذهني واستدلاله بالأحاديث وآراء علماء الشرع مما يشير لوجود رصيد من علم شرعي لا أستطيع تقييمه لأنني لا أملك أدوات تقييم العلم الشرعي، (حدي أقيم العلم الصيدلاني وعلم الأدوية والسموم)، له مشاركات تلفزيونية وآراء وحجج وطريقة عرض تعجبني، لكنني أيضا لا أستطيع تسميته شيخا لأنني لم أعرف بعد المعايير والمقاييس التي بناء عليها يمكن إطلاق لقب (شيخ) على الشخص!!، إذا كان للحية دور فهو ملتح لكنني لا أعتقد أن اللحية وحدها تكفي للحصول على اللقب فلابد أن يكون الشخص عالما بل من الراسخين في العلم الشرعي وعميقا في علوم الفقه بما يؤهله للفتوى، ومعايير أخرى لا أعرفها جميعا ولا أملك القدرة على القياس بها والحكم بناء عليها.
شباب الجيل الحالي، المشهور بالنكتة والتعليقات الساخرة، إذا شكوا في (مشيخة) شخص، أي حقه في تسميته بالشيخ، يقولون: فلان هل هو شيخ فعلا أم مجرد (شيخ دخل) وهو قائد نوع من العصافير المهاجرة.
كان يقدم نفسه في الأحاديث الجانبية على أن له دورا ومشاركة في جلسات المناصحة والمحاجة، وإن صح ذلك فمثل هذا لابد أن يجمع بين العلم والقدرة على الإقناع ووزن الكلام وقبل ذلك وبعده وزن المواقف وتحديد موقفه.
قابلته في مناسبة فإذا به يبادرني بما يشبه المزح قائلا: أراك دائما في كتاباتك شديدا في تأييدك للإسلاميين!، قلت كلنا مسلمون وأنا أؤيد الإسلام وأرد على من يحاول المساس بثوابت الدين أما الإسلاميون فتصنيف يعني أن بيننا غير إسلاميين وإن صح فواجبنا تفنيد ادعاءاتهم.
أصبح أكثر جدية وقال (انتبه والله وتا الله إنهم يصفقون لك ثم لو حدث منك زلة أو لم يعجبهم لك جملة انقلبوا عليك! أنا جربتهم)، عندها شعرت بأنه هو في حاجة لمناصحة فقلت: ولماذا يهمك تصفيقهم ليكن هدفك إرضاء ربك وقل واكتب ما يرضيه عنك، واثبت على ذلك، ومالك وتصفيق أو استهجان جماهير الفريقين؟!.
يردد كثير من أدعياء الليبرالية الإقصائيين الذين لا يقبلون مخالفا لهم مثل هذه الظنون والشكوك بأن من يخالفهم إنما يبحث عن جماهيرية وتصفيق، ولا يجب أن يكترث لهم أحد فهي حجة العاجز، أما أن يصل الأمر أن تأتي ممن يصنف نفسه شيخا فأكبر دليل على أنه (شيخ دخل).

دعاة نجوم! وقنوات تستفز

يبدو أننا نعاني فراغا كبيرا أو تفريغا عميقا تستغله قوى الشر والإرهاب والتطرف، هذا التفريغ الخطير سببه انشغال الدعاة الجدد بالنجومية وجمع المتابعين في (تويتر) ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى عن واجبهم الأهم وهو توجيه وتوعية النشء والشباب بأمر دينهم وخاصة في المفهوم الحقيقي للجهاد وتوضيح المتشابهات ودحض حجج وادعاءات من يمارس التغرير بصغار السن والكبار، تماما مثلما حدث منذ سنتين عندما استهوت بعض الدعاة الجدد دعاية (ببلي) (لمعرفة وجهة نظري التي لا أفرضها طالع إن شئت مقالي في هذه الجريدة بعنوان ببليكم بلوى يا أشباه الدعاة في الاثنين (٢٢/٤/٢٠١٣م)، في الوقت نفسه واكب هذا التقصير من بعض الدعاة ممارسة قنوات فضائية محسوبة علينا ومقدمي برامج سطحيين وممثلين أقرب للمهرجين وبعض من الكتاب لاستفزاز الشباب في أمر دينهم والإساءة لثوابت وأمور لا خلاف فيها، هذان العاملان تقابلا فأحدثا عصفا أو (عاصوفا) أحدث الفراغ الذي استغله الإرهاب.
وحدها وزارة الداخلية السعودية التي نجحت في محاربة الإرهاب بشتى صوره ومصادره، لأنها نهجت نهجا سليما ومخلصا وذكيا جدا، وإنجازها الجديد لم يقف عند حد اكتشافاتها الأخيرة التي أحبطت مئات المخططات لزعزعة الأمن وإزهاق الأرواح وقتل الأبرياء، بل مر الإنجاز وهو في طريق النجاح على إنجاز إضافي لا يقل أهمية وهو إثبات ما ذكرت آنفا من أن الدعاة الجدد انشغلوا عن واجباتهم بنجومية (تويتر) والإعلام والقنوات وبعض الأقلام مارست استفزازا لا تحمد عقباه.
إذا أردنا أن نصحح الوضع فلا بد من أن يتفرغ الدعاة جميعا لواجبهم الدعوي ويستغلوا علمهم ومتابعتهم المليونية في توضيح الشبهات ونصح الشباب وتوعية المجتمع تماما مثلما فعل علماء المناصحة خلف الكواليس وبحثا عن الأجر، وأن نوقف عبث السفهاء ممن همهم السخرية من أمور دينية وعلوم شرعية يجهلونها والإنسان عدو ما يجهل.