اليوم: 6 فبراير، 2002

تجارة موظف الدولة!!

يمنع النظام وبشدة أن يمتلك الموظف الحكومي متجراً أو مؤسسة أو يفتح سجلا تجاريا، أي أن عليه أن يختار بين أن يتفرغ للعمل الحكومي أو أن يتحول للتجارة بالاستقالة أو التقاعد.

نظام رائع وهام وربما يبدو للوهلة الأولى أنه يهدف فقط لتفرغ الموظف الحكومي للمسؤولية المناطة به وضمان عدم انشغاله بأعمال خاصة حتى خارج وقت الدوام على أساس (ماجعل الله لرجل قلبين في جوفه) فمهما ادعى التوفيق بين مسؤوليات العمل الحكومي وأعماله الخاصة فإنه لابد أن يميل لمصلحته ويخرج وقت الدوام ويفضل مصالحه الخاصة على حساب مصالح الناس وعمل يتقاضى عليه أجرا مجزياً.

الأنظمة والأحكام واللوائح في هذا الصدد تهدف إلى أكبر من مجرد التفرغ بل لتلافي سلبيات كثيرة قد تنجم عن الجمع بين عمل حكومي وعمل تجاري خاص ومنها على سبيل المثال لا الحصر استفادة المؤسسة التجارية من تسهيلات ونفوذ المسؤولية الحكومية عن طريق الموظف نفسه أو علاقاته بحكم وظيفته وهو أمر متوقع عندما نؤمن أن النفس البشرية ضعيفة وتأمر بالسوء!

هذا النظام مثله كغيره عرضة للتحايل عليه بطرق خفية يصعب كشفها، مثل تغيير اسم المالك والاختفاء خلف اسم ابن أو أخ أو صديق حميم موثوق، وهذا من أشكال التحايل أو التستر التي يصعب كشفها أو إثباتها إذا اكتشفت ولا يمكن المطالبة بكشفه فمن المستحيل على أية جهة رقابية مهما بلغت أن تسعى لفضح مثل هذا الاختفاء إلا إذا شاء الله له أن يفتضح بخلاف بين الشركاء أو فضيحة مالية أو خلافه.

وحسب علمي فإن نظام المنع هذا لم يطرأ عليه أي تغيير أو تساهل أو مرونة ولذا فإنني أستغرب أن تتحول هذه الممارسة من العمل في الخفاء بخوف وخجل إلى التبجح والإعلان دون خوف ولا حياء.

قد يعلم الناس أو بعضهم أن هذه المؤسسة أو تلك تتبع لفلان أو يساورهم الشك في هذه التبعية من واقع بعض المعطيات، لكن أن يقوم الشخص نفسه وبكل بجاحة وعدم حياء بالتحدث عن مؤسسته وحثِّ زملائه في الدوائر الأخرى على دعمها وتشجيعها والتعامل معها كل هذا وهو على رأس العمل فهذا ينم عن استهتار وجهر بممارسة خاطئة وحث للغير على سلوك نفس المسلك الخاطئ بل ربما وصل الأمر إلى أن يخاطب زملاءه خطيا طالبا إعطاء التسهيلات لمؤسسته وتوزيع بطاقات تعريف بشخصه كمرجعية لهذه المؤسسة!

ولا أعتقد أن أمن العقوبة يلعب دورا هنا لعلمي أن الدولة أعزها الله جادة كل الجد في محاربة مثل هذه المخالفات لكن النفس تنجذب للممارسة الخاطئة بفعل تزيين الشيطان لها سوء العمل حتى يوصلها إلى درجة من الإمعان في الخطأ تشعر بعده أن ما تفعله أمر طبيعي ومألوف ومقبول إلى درجة الجهر بالاثم مما يجعل الشخص لا يستتر إذا ابتلي ويتبنى “مشورة” الشيطان دون شعور أو حس أو خوف حتى يقع وسوف يقع! !