اليوم: 25 فبراير، 2002

أنقذوا المواطن من شروط الشركات

دون رقيب أو رادع أو حماية حقوق تقوم الشركات الخدمية أو التعاقدية بكتابة الاتفاقيات مع المواطنين وفرض شروط تخدم مصالح الشركة وتحمي حقوقها دون حفظ أي حق للطرف الثاني (المواطن).

جميع الاتفاقيات تعدها الشركات بطريقة متقنة وبالاستعانة بأمهر المحامين وتشترط على المواطن توقيعها للحصول على الخدمة الضرورية أو الاستفادة من أعمال الشركة أو تسهيلاتها المزعومة والتي تصب في صالح الشركة أصلاً عن طريق استثمار أموال هذا المسكين المضطر للتوقيع على ما تريده الشركة دون التزامها بأي حق شرعي أو نظامي من حقوق الطرف المغلوب على أمره.

لماذا يسمح للقطاع الخاص بإعداد اتفاقيات المصالح المشتركة بطريقة أحادية تخدم شروطُها طرفاً واحداً، وتحمي حقوق طرف واحد ولا تتيح أدنى فرصة للطرف الثاني بحفظ حق نظامي أو دفع ظلم قد يقع؟!.

شروط الاتفاقية تكرر عبارة تحتفظ الشركة بحقها في كذا، ولا تلتزم الشركة بكذا، ولا يعتبر البند الفلاني ملزماً للشركة بكذا، وتخلي الشركة مسؤوليتها عن هذا وذاك في حين لا تتيح هذه الاستمارة أية فرصة للمواطن بالمطالبة بأبسط حقوقه المنطقية.

أي استغلال هذا وأي سماح بهذا الاستغلال يمكن قبوله على كافة المستويات والمسؤوليات، ولماذا لا تكون هذه الاستمارات مسبقة الصنع من إعداد جهات حكومية محايدة ذات نفوذ وسلطة وضمن نظم منصفة للطرفين وعادلة تتمشى مع الحقوق التي يضمنها الشرع وواضحة بحيث يسهل الاحتكام بها وفضّ المنازعات بناء عليها بما يرضي الله أولاً ثم الطرفين؟!.

إن الاتفاقيات بشكلها الحالي تجسد موقف الذي يريد الاستحواذ على كل شيء، فالشركات الكبرى رغم قوتها المالية المستمدة من استثمارات المواطن الضعيف تريد تجريده من أي حق وتعريض ماله للخطر بقوة الشروط التي يوقع عليها مضطراً، فلماذا يسمح بهذا؟!.

عيب الكتابة عن مثل هذا الموضوع أنه يحتاج إلى أمثلة لإيضاح المقصود، وعيب إيراد الأمثلة أنه يوحي بالتخصيص في حين أن الوضع عام وشائع، ومع ذلك سوف أورد أمثلة دارجة وواضحة مؤكداً أنها على سبيل المثال لا الحصر فالأمثلة أكثر من أن يتسع المجال لذكرها.

خذ على سبيل المثال شروط البنوك التي يوقّع عليها المتعامل في شراء وبيع الأسهم عندما يرغب في استخدام خدمة الشراء والبيع بالهاتف فبرغم أن استمارة الاتفاقية الأصلية تحدد أنه عند حدوث اشتباه أو خلاف حول تنفيذ أمر هاتفي فإنه يرجع إلى التسجيلات الهاتفية التي يحتفظ بها البنك، وهذا جيد ومنصف، إلا أن البنك يجبر المتعامل على توقيع إقرار جانبي ينص على أن للبنك الحق في التصرف بتنفيذ عمليات بيع أو شراء دون الرجوع إليه، وهذا الإقرار يلغي بنود الاتفاق الأصلي، فما الفائدة من الرجوع للتسجيلات إذا كان البنك سيستخدم ورقة التخويل بالتصرف دون الرجوع للعميل إذا وقع النزاع فهذا الإقرار وضع لحماية طرف واحد هو البنك!!.

المثال الثاني (دون حصر) هو بنود اتفاقيات شركات التقسيط فبرغم وضوح الاتفاق الأصلي بأن يسدد العميل الأقساط بمقدار معين وخلال فترات محددة ويتحمل أعباء التأخير في شكل نسب كبيرة إلا أنه يجبر على توقيع إقرار ينص على أن لشركة التقسيط الحق في الحصول على كامل المبلغ في أي وقت تشاء!!. فما هي فائدة صفقة التقسيط غير المريح ونسب الفوائد الكبيرة التي يتحملها المشتري، وضمانات الكفالة الغارمة المتعددة طالما أن للشركة حق استقطاع كامل المبلغ في أي وقت؟!.

إن جميع اتفاقات البنوك والشركات الخدمية من كهرباء واتصالات وإنترنت وخلافها هي اتفاقات عرجاء تخدم طرفاً واحداً هو التاجر فهل حان الأوان لصياغة جديدة منصفة؟!.