القتل شبه العمد .. الدية لا تكفي

كثرت صور إهمال قيمة النفس البشرية وعدم الاحتراز من إهدارها وعدم الحذر من التسبب في قتلها!!، فأصبح تعريض حياة طفل أو شيخ كبير أو كفيف للموت بسبب الإهمال وعدم تلافي أسباب الوفاة أمرا شائعا وكثير الحدوث، وهذا لا يمكن تفسيره إلا بأن العقوبة أصبحت في هذا الزمن لا تتناسب مطلقا في قيمتها المادية مع تكلفة أخذ الحيطة والحذر من حدوث الوفاة، خصوصا مع غياب أو نسيان الوازع الديني الذي هو أهم من العقوبة المادية والغرامات أو الدية، والمتمثل في أن من قتل النفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وعندما يغيب هذا التحذير والتنبيه الديني الرباني عن ذهن الإنسان بسبب جشع مادي ومحاولة توفير نقود، فلا تتوقع منه أن يتذكر قيمة الإنسان إلا بتذكير مادي وخسارة نقود تعادل ما أنساه تلك القيمة الدينية والتحذير الرباني.
الدية التي فرضها الإسلام على من قتل غير متعمد، لا اعتراض على قيمتها وتناسبها مع العصر وقد تم تعديلها بما يتناسب مع قيمة ما نسبت إليه من عدد الإبل، ولست في مقام من يناقشها، ورحم الله أمرءا عرف قدر نفسه، لكن تلك الدية فرضت على من أزهق نفسا دون قصد كمن دهس إنسانا بسيارته خطأ ودون إهمال أو استهتار بالنفس البشرية، وهو حادث قد يحدث من أب نحو طفله.
أما ما أنا بصدده هنا فهو اقتراح عدم الاكتفاء بالدية في الحالات التي زادت مؤخرا بسبب إهمال واضح بل ومحاولة توفير مادي في أمر الاحتياط والحذر، وضرورة فرض غرامة حكومية لا مجال للعفو فيها عن من تسبب في قتل نفس أو أكثر بسبب إهمال في تلافي القتل كمن يحفر مشروعا ولا يحيطه بسياج أو يتسبب في سقوط طفل في بيارة أو القاتل مستهترا بـ (التفحيط) أو من ينقل ركابا ولا يوفر سبل السلامة أو من ينشئ حضانة أطفال أو ملاهي أطفال ولا يحتاط لسلامتهم.
كل تلك مجرد أمثلة لم تعد الدية كافية لردع استهتار أصحابها ولا بد من غرامة حكومية تردعهم.

اترك رد