اليوم: 19 أغسطس، 2013

عقلية الفقمة في تصغير اللقمة

ما زلنا نفتقد للتخطيط السليم المبني على الإحصاءات والأرقام المستهدفة التي تحسب الحساب للزيادة في عدد السكان والتوسع العمراني وزيادة عدد الطلاب وزيادة عدد الخريجين، وكل ما يتعلق بالأرقام والإحصاءات رغم توفرها وسهولة إخضاعها للمعادلات والعمليات الحسابية الحاسوبية!!.

تخيل ما شئت من أمثلة المشاريع والإنشاءات، وستجد أن غالبيتها ــ إذا لم يكن كلها ــ لا تنتهي إلا وقد أصبحت لا تستوعب نصف الأعداد المستهدفة!!، وهذا هو السبب الرئيس في جل مشاكلنا.

انقطاع التيار الكهربائي تعزوه شركة الكهرباء لارتفاع الأحمال وزيادة الاستهلاك، بينما الحقيقة أن الأحمال وعدد وقدرة المولدات لم تأخذ في الاعتبار زيادة عدد السكان والتوسع العمراني المعروفة أرقامه سلفا!!، ثم يتم تحميل المواطن، أو المشترك بصفة أعم، مسؤولية ذلك الإخفاق بالتلميح لرفع التعرفة والحد من الاستهلاك وتحديد أوقات كي الملابس وتشغيل المكيفات وربما الطبخ!!، والشيء نفسه تماما يحدث مع الماء والوزارة واحدة!!.

لم تكن مشكلة استيعاب الجامعات الكبرى للطلاب إلا أحد أمثلة سوء التخطيط، وكذا استيعاب المستشفيات (حتى الجديدة منها) لا يحسب أدنى حساب للأرقام والإحصاءات، وليست المطارات من الجامعات والمستشفيات ببعيدة، وكذا ملاعب كرة القدم ودور الرعاية الاجتماعية بأنواعها، حتى ثلاجات الموتى واجهنا فيها مشكلة الاستيعاب، فلا تكاد تكفي ضحايا الأخطاء الطبية رغم معرفتنا بتزايدها، والمساحات المحددة للمقابر لا تستوعب عدد الموتى رغم علمنا بأعمار أمة محمد ــ صلى الله عليه وسلم.

إذا، فالأرقام و الإحصاءات متاحة، لكن التخطيط لا يعتمد على الأرقام ولا يحسب حساب المستقبل البعيد، ويبدو لي أن كل وزير يريد أن يفصل الإنجاز على فترته وينهيه بلقمة صغيرة لا تسمن ولا تغني من جوع المستقبل، ليأتي من بعده ويضطر للتوسع، وهذه مشكلة قرار الرجل الواحد، وهي مشكلتنا الكبرى، فمشاريع البنية التحتية والمشاريع الدائمة يجب أن لا يترك القرار فيها لرجل واحد مؤقت.