يحسد الناس الأصم عندما يعتقد أحد الأشخاص أن صوته جميل وهو عكس ذلك، فيغني في حضور جماعة فيحسدون من لا يسمع ويقولون بصوت واحد (يا بخت الأصقه)، وهيهات أن يفهم المغني قصدهم فسيظنه مديحا ويستمر، ففي ظني أن المغني بصفة عامة ناقص عقل مقارنة بأصحاب العقول الرزينة فقد اختار أن يتفرج عليه الآخرون وهو يصدر أصواتا ويعتصر وتتغير ملامح وجهه ليعلو صوت غنائه والناس تتفرج بين مستمتع ومستاء ومعجب وناقد، وهو في ظني ناقص عقل مقارنة بعلية القوم الذين لا يفعلون ما فعل والعقلاء الذين لا يقبلون أن يصبحوا فرجة للناس.
ويأبى الحر أن يسلم رأسه أو يحنيه إلا للحلاق !!، ومن شيم الرجال الأحرار أن يكون مستقلا يعيش بكرامة ويختار أن يبيت جائعا على أن يسلم رأسه أو يحنيه لأحد كائنا من كان إلا والديه حيث انحناءة العز والشرف.
وأجزم أن كثيرا من الأحرار الذي يرفض تسليم رأسه أو الانحناء لغير والديه يشمئز حتى من تسليم رأسه للحلاق ويطول عليه مقام الانحناء ويكرهه، لذا فلسان حاله يقول (يا بخت الأصلع) فرأسه لا يسلمه حتى للحلاق !!.
الشيء الذي لا يمكن معرفته أو الجزم به هو تفسير حالة وعقل وطريقة تفكير من يقبل تسليم رأسه لغير والديه والحلاق ويتقبل المهانة من أجل مصلحة دنيوية وقد خلق عزيزا، ويقبل العبودية من أجل إشباع شهوة مال وقد ولدته أمه حرا، فالآلية التي تحدث بها هذه المهانة وفسيولوجية المخ والإرادة التي تتقبلها يصعب فهمها أو حتى تحليلها نفسيا، فنسأل الله أن يزيدكم ويزيدنا بها جهلا، فهذا النوع من البشر لا بد أنه يعاني خللا في توازن قوى الكرامة والمصلحة !!.