الأمر لا يقتصر على انتشار مرض معد، وإن كان التوقيت يصادف ذلك، لكنني أعتقد، وأهل الذكر أدرى، أن ثمة فرقا كبيرا بين مريض في بيته يصارع المرض وحيدا ليس حوله إلا زوجه أو أبناؤه طيلة ساعات اليوم أو ليس حوله أحد، وحث الهدي النبوي الكريم على عيادته ومؤانسته والدعاء له ورقيته، وبين مريض يرقد في مستشفى يحيط به جهاز التمريض في كل الأوقات، ويتردد عليه الأطباء، ووقت زيارته محدد بساعات قليلة تكفي بالكاد زوجه وأبناءه ويتعرض لتدخلات طبية قد تجعله في وضع أو شكل لايحب أن يراه فيه عامة الناس، أو قد يعرضه للعدوى أو ارتفاع الضغط أو صعوبة الحديث والتنفس بما يتعارض مع سرعة شفائه.
ما أحاول الوصول إليه، بحذر تام، هو أن الإكثار من التردد على المريض في المستشفى تحديدا أمر قد لا يخدم المريض أو يريحه، بدليل أن الشائع الآن هو أن أغلب المرضى يحدد أوقاتا للزيارة أقل من الساعات التي يحددها المستشفى، أو يدعو عبر أقاربه بلطف وعلى استحياء إلى الاكتفاء بالاطمئنان عبر الهاتف، بل وصل الأمر إلى اكتفاء البعض بوضع ورقة تسجل فيها أسماء الزوار دون دخولهم على المريض من كثرتهم وهنا أصبح الأمر تسجيل حضور وتقدير أكثر منه عيادة مريض لمؤانسته.
من جانب الزائر أيضا فالأمر لم يعد يسيرا كما كان، فقد كانت البيوت متقاربة، مسافة سير بالقدم أما اليوم فإن زيارة مريض في مستشفى تستدعى شد رحال وسلك طرق مزدحمة وأخرى طويلة وخطرة، هذا خلاف سلك ممرات مستشفى يعج بأنواع البكتيريا والفيروسات والأمراض المعدية وأبخرة المضادات الحيوية التي إذا استنشقت مخففة اكتسبت البكتيريا مناعة ضدها تعرف بمناعة المستشفيات إذا توسعت أصبحت مناعة في محيط المجتمع تستعصي معها البكتيريا.
الناس تتحسس كثيرا من الخوض في أمر ورد فيه حث أو استحباب في الحديث والسنة النبوية الشريفة، مع أن دين الإسلام دين يسر وتغليب للمصالح و درء للمفاسد. لذا فإنني أرجو من علماء العلم الشرعي، وأهل الذكر والدعاة توضيح هذا الأمر وتكثيف التوعية حوله بما يغلب مصلحة كل الأطراف، المريض والزائر والمجتمع.