اليوم: 21 مايو، 2015

القاتل البريء

العظماء يبحثون عن الإنجاز العظيم، ويهوون الصعب، ويعشقون التحدي، وأهل الدين والصلاح يبحثون دوما عن تحقيق عمل يدوم أجره ومثوبته في الدارين الدنيا والآخرة وينطبق عليه وصف العلم النافع الذي ينتفع به الناس فيدوم أجره ومثوبته، فإذا ما كان الأمر يعنى بفئة ضعيفة لا حول لها ولا قوة تضاعف الأجر وعظمت المثوبة ــ بإذن الله.
لا أرى إنجازا أعظم ولا تحديا أصعب ولا علما أنفع ولا عمل خير أدوم من حل مشكلة المرضى النفسيين في هذا البلد الأمين، بتقديم رعاية صحية نفسية شاملة وكاملة تضمن تقديم طرق العلاج النفسي بإخلاص ودقة وشمول، والقيام بالمتابعة الدقيقة لأحوالهم أثناء العلاج والتأكد من تعاطيهم أدويتهم ومساعدة ذويهم على ذلك، وقبل هذا وأثناءه وبعده إيواؤهم في مصحات نفسية أسست على معايير علمية عالمية رفيعة، وإيكال أمرهم إلى من يخاف الله فيهم ممن لم يفشل في القيام بواجباته من قبل.
المريض النفسي يبقى مواطنا كامل الحقوق، مستحقا للرعاية الصحية التي كفلها له هذا الوطن المعطاء في نظامه الأساسي، ولم يقصرها (وهو النظام الشامل) على علاج الأمراض العضوية، ووالد المريض النفسي ووالدته وأقاربه وأهله هم مواطنون يعانون شديد المعاناة ويتعرضون لخطر عظيم من تواجده بينهم دون علاج!، بل كثير منهم قتل أو ضرب أو انتهك عرضه وهتك ستره دون ذنب لا للجاني ولا للمجني عليه، فالأول فاقد للأهلية مرفوع عنه القلم، والثاني ضحية لا حول له ولا قوة.
كل من ولي في السابق والحاضر أمر رعاية المريض النفسي فشل ولم يكن جادا، وبعضهم دلس بادعاء عمل شيء لم يعمله!!، وتجربة دماء شابة جديدة متحمسة ورسم استراتيجية وطنية خاصة بالرعاية الصحية النفسية بات مطلبا وهدفا لكل من ينشد الأجر والإنجاز العظيم وحل الصعب.