كذبة تصفية الحسابات

يكاد تبرير الفشل يسير معنا في مراحل عمرية، نتعلمه ونتشربه كثقافة أو عذر للإلتفاف على حقيقة القصور والتقصير، حتى أصبح من النادر أن تجد من يقول فشلت لأني قصرت أو أخطأت.
البداية كانت مع أول مراحل العمر الدراسي، فكم من فاشل في بداياته مع الدراسة برر أهله فشله بأنه (معيون)، فلم يعد يطيق الدراسة، لقد أصابته عين جعلته يكره المدرسة أو لا ينجح في الاختبارات، والعين حق لكنها يمكن أن تصدق لمن كان متميزا ناجحا باقتدار ثم أخفق، أما أن يعان من يخفق في الاستيقاظ للمدرسة أو يبدي فشلا مبكرا بالرسوب في الدور الأول ثم النجاح (بالدف) في الدور الثاني فهذا سيحسد على ماذا؟ّ!.
المبتعث إذا غرق في ملاهي البلد الجديد وانبهر بملذاته وأدمن (الرفعة) بدلا من تحقيق الرفعة، ونقل فؤاده ما استطاع من الهوى في بلد يرفض تعدد الزوجات ويقبل تعدد الصديقات، وفشل في الحصول على الشهادة التي ابتعث للحصول عليها فإنه يعود وقد جهز مبرر الفشل في الحصول على الشهادة العليا بالترويج لأن المشرف على الرسالة (استقعد له) لأسباب دينية!!، ويح ذلك المشرف فهل رأى في صاحبنا ما يدل على دين؟!، بل ويحك لقد أصبت طحال الحقيقة وليس كبدها تحديدا فثمة أسباب دينية لكنها بالتأكيد ليست من المشرف.
الزوجة لا تستيقظ ولا تطبخ ولا تعتني بأطفالها وتترك كل هذا للقادمة الجديدة (الخادمة) أي أنها رضيت بالشريكة بل بالبديلة في حياتها المنزلية، ثم لا تستغل وفرة الوقت في تعويض زوجها عن نقصها كربة منزل باكتمالها كعشيرة وشريكة حياة، فإذا أشرك معها غيرها اتهمته بأنه (زير) نساء، لم نسمع زوجة قالت إن زوجها تزوج عليها لأنها كانت (ثلاجة) رجال.
الزوج الذي يقضي ليلته في استراحة وإذا عاد بعد ثلاثة أشواط من كرة الطائرة لم يكلف نفسه بالاستحمام أو تفريش أسنانه لإزالة شيء من آثار فحل البصل، إذا انتهى به المطاف بفرار زوجته اتهمها بأنها (دلوعة) لم نسمع زوجا اعترف بأن زوجته قد سئمت النوم قرب فوهة بالوعة.
ثقافة تبرير الفشل خطيرة ومعدية وسريعة الانتشار، وإذا انتشرت تفشل معها كل اللقاحات، ألا ترى أن الوزير عندنا إذا قصر وانتقدته الصحافة صور كل منتقديه على أنهم يصفون حسابات، مع أن تصفية الحسابات لا يمكن أن تتم في العلن!!، أي تصفية حسابات تكون عبر كلام منشور؟!، إما أن يكون حقائق دامغة أو نظريات يسهل إثبات عكسها وتفنيدها بكلام ينشر في نفس المكان، كما كان المسؤول يعقب في الزمن الجميل (نرجو نشره في نفس المكان من جريدتكم الغراء)، لم يكن أحد في الزمن الجميل يدعي أن كل من ينتقده يصفي حسابات، لأن ثقافة التبرير لم تنتشر بعد ولأن المسؤول كان ناجحا في دراسته ولم يصنعه غيره.

رأي واحد على “كذبة تصفية الحسابات

  1. ثقافة تبرير الفشل خطيرة ومعدية وسريعة الانتشار، وإذا انتشرت تفشل معها كل اللقاحات

    من اروع ماقرأته لك . و أكيد كمجتمع أحيانا يجعل البيئة مناسبه لهكذا تبريرات . للأسف القليل من يملك القوة والصراحة على الإعتراف بالفشل .

اترك رداً على عبدالمالك العسيريإلغاء الرد