اليوم: 30 سبتمبر، 2012

تالا ضحية ذاكرتنا المهترئة

جعل الله تالا شفيعا لوالديها وثبتهما وجميع أخواتها، خصوصا أختها التي واجهت الصدمة الأولى وتتلقى العلاج من هولها.
تالا ليست الأولى التي تقتل على يد خادمة إندونيسية بنفس الطريقة (فصل الرأس عن الجسد)، ولست هنا لأذكر والدي وذوي الضحايا السابقين بمصابهم الجلل، الذي هو مصابنا العظيم، لكن من واجبي التذكير أن ذاكرتنا المهترئة هي أحد أسباب ما يحدث في مجتمعنا من فواجع قلما نسمع عنها في مجتمع آخر.
مشكلة ذاكرتنا أنها مجرد وعاء عاطفي يتفاعل ليوم أو يومين يفرغ خلالهما كم من ردود الفعل الوقتية كفيل بتفريغ إناء الذاكرة من محتواه دون أن نتخذ أي إجراء رسمي ذي قيمة لتلافي حدوث المزيد.
لا أحب، ولا أؤيد تصنيف الناس بناء على جواز السفر تلافيا للعنصرية المقيتة، لكن ثمة شيء اسمه البحث والإحصائيات والصفات السائدة ذات العلاقة بالتوزيع الجغرافي، ولا يمكن أن نتجاهلها لمجرد تلافي العنصرية أو التصنيف الجغرافي، فحتى منظمة الصحة العالمية تصدر الإحصاءات وتوزع أرقام شيوع الأمراض على أساس جغرافي.
نحن من حقنا أن نصنف العمالة التي ترد إلينا بناء على سلوك الغالبية، وعلى أساس بحث علمي وإحصاءات دقيقة، وننطلق منه، لكننا لم نفعل؛ لأننا لا نعتمد الإحصاء والتخطيط وإجراء الدراسات ونصدر بناء عليها القرارات، وذاكرتنا ضعيفة جدا وعاطفية ووقتية!!.
هل نملك الجرأة لوقف استقدام العاملات المنزليات من إندونيسيا بعد تكرر حوادث قتل الأطفال، سواء بالسم أو الحرق أو فصل الرأس؟! لا أعتقد، بدليل أننا وبتنفيذ حد الله في إندونيسية سابقا واتخاذ إندونيسيا موقفا من إرسال العمالة لنا تحولنا من الضحية إلى من ينقل البشائر بحل موضوع الاستقدام من إندونيسيا، حتى على مستوى إعلامي.
لقد أدى نحر تالا إلى إصابة أسرتها بالهستيريا والاكتئاب وقتل رب أسرة أخرى وإصابة أسرته بذات الوضع النفسي، وفي الوقت ذاته، فجع المجتمع أجمع ببشاعة الجريمة، ولا شك أن كل من في منزله خادمة إندونيسية ــ تحديدا ــ مذعور ولا يأمن على أطفاله، ومع ذلك لن نتخذ خطوة فاعلة، وسوف ننسى خلال أيام إلى أن تذكرنا فاجعة جديدة!!.