الشهر: سبتمبر 2013

مجتمع شغوف بالستر ولكن

لم أكن أرغب بالاستشهاد بإحصاءات مقال كتبته، لكنني أجد نفسي مضطرا لذلك طالما أن الهدف أسمى من أي تحفظات، فاهتمام القراء بما كتبته أمس عن رجل أعمال يملك مراكز للتسوق قرر تشجيع المستأجرين بخفض الإيجار لمن يستورد ملابس نسائية محتشمة للسهرات والحفلات، بعد أن ندر تواجدها، وعقده اتفاقات مع مصممين عالميين وصناع ملابس لتصميم وتوريد ملابس نسائية محتشمة، أقول إن اهتمام القراء وتجاوبهم كان ينم عن شغف وحاجة كبيرة لهذه الخطوة، فقد حظي المقال بالمركز الأول في الأعلى قراءة ضمن مقالات الكتاب، والمركز الثاني في الأعلى قراءة في الجريدة كلها، وتحقيق الأعلى قراءة لا يعني بالضرورة الموافقة والإعجاب، لكن أن يتفق عشرون تعليقا على الثناء على خطوة ذلك التاجر وتحقق التغريدة حول المقال أكثر من 750 إعادة تغريد (رتويت) خلال ساعات من النشر، وبتعليقات جميعها تثني على صاحب الفكرة وتدعو له وتؤيده، فإن ذلك يعني أننا أمام مجتمع شغوف بالستر والاحتشام، لكنه أجبر على قبول ما فرض عليه لعدم وجود البديل.

ليس لي لا منة ولا معروف في تحقق هذه الأرقام، فالفكرة منذ طرحها رجل الأعمال في (تويتر) وهي تحظى باهتمام الناس وتداولهم، وإن كان ثمة فضل فهو لصحيفة «عكاظ» وانتشارها وتبنيها للفكرة وطرحها في صحيفة ورقية، ولذا فإنني أرى في «عكاظ» ودراساتها واستفتاءاتها المكان الأنسب للتحاور حول سلوكيات كثيرة ربما فرضت على مجتمعنا وهو لها كاره.

لم نكن مجتمعا مدخنا وتسبب التقليد الأعمى بين الشباب وصغار السن في انتشاره، فأصبحنا الأكثر، والأقل حماية وجهود محاربة!!، وفرض الحلاق الأجنبي واللاعب الأجنبي انتشار قصات شعر غريبة لم نكن لنقتنع بها لو تركنا على سجيتنا وطبيعتنا، وفرض التقليد الأعمى وانتشار (الموديلات) على شبابنا بنطلون (طيحني) وملابس تحمل شعارات يرتديها الشباب دون معرفة دلالاتها التي قد تنافي الأخلاق وتعارض الشرع الحكيم.

مجمل القول إننا قد نجبر على سلوكيات إذا توفر بديلها هب غالبية المجتمع لتأييده مثلما حدث مع اللباس النسائي الساتر.

تاجر يستورد للنساء ثوب ستر فشجعوه

رجل أعمال صالح ــ وما أكثرهم ــ شرع في تنفيذ فكرة تشجيع المستأجرين في مراكز التسوق التابعة له على بيع الملابس النسائية الساترة للجسد، والتي تتميز بـ(موديلات) الاحتشام، بعد أن أصبح من الصعوبة في الأسواق الراقية أن تجد امرأة أو فتاة لباسا طويلا كاسيا يناسب مناسبات الزواج والحفلات!! ويعمل الرجل حاليا على عقد اجتماعات واتفاقيات مع شركات عالمية لتصميم وخياطة الملابس على تصميم وتنفيذ ملابس ساترة وتصديرها للمملكة.

أكبر دليل على أن رجل الأعمال هذا يبحث عن عمل صالح دائم لا ربح عابر أنه لم يحتفظ بالفكرة لنفسه، بل نشرها عبر حسابه في (تويتر) وطالب بتعميم الفكرة وتشجيعها، وقد شهدت وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة لتشجيع هذه الفكرة، وهو ما يدل على أن نساء وفتيات هذا الوطن ورجاله الغيورين يعانون أشد المعاناة من ظاهرة مجاراة الأسواق والمراكز التجارية، خصوصا فروع شركات الماركات العالمية المشهورة، للموضات العالمية القائمة على تصاميم قد لا تتوافق مع تقاليد مجتمعنا المحافظ!!، إلا أن البعض وبحكم ندرة البديل وتحت ضغط الوقت وموجة التقليد وعبارة (هذا هو المتوفر حاليا وكل الناس كذا) أصبح يرضخ ويتنازل مضطرا، وأحيانا تضطر الأم إلى إجراء تعديلات في الثوب ليتناسب مع الستر المطلوب.

أنا لم أذكر اسم رجل الأعمال هذا؛ لأن الأهم أولا هو اتضاح الصورة وإنجاح الفكرة ودعمها ومن ثم تكريمه تكريما يليق بخطوته، وليس أعظم تكريما لشهم وغيور مثله من تعميم الفكرة وإعادة مجتمعنا إلى سلوكيات الستر والتباهي بالأخلاق لا بالأجساد حتى في وسط نسائي!.