الشهر: ماي 2015

الصحة ليست محرقة

ليس صحيحا أن وزارة الصحة تحرق من لا يهمل أو يتساهل أو لا يجيد الإدارة فيلقي بنفسه في التهلكة!!، بل لأنهم كانوا إذا غاب عن الدوام طبيب تركوه وإذا غاب موظف السنترال أو الصادر والوارد أقاموا عليه أقصى عقوبة!!.
أغلب مشاكل المواطنين مع الصحة وشكواهم ومقاطع الفديو التي يتألمون من خلالها لا يدخل ضمن أسبابها نقص في الإمكانات أو العدد والأجهزة والآلات ولا حتى توفر السرير، إنما أهم أسبابها غياب الطبيب الاستشاري الحكومي عن موقع مسؤولياته وتواجده أثناء وقت الدوام الرسمي صباحا وظهرا وعصرا ونهارا جهارا في مستشفى خاص أو أهلي يمارس عملا غير مشروع ولا مسموح ولا تقبله أخلاقيات مهنة الطب رغم ما وفرته له الدولة من جزيل الراتب والبدلات والمميزات.
أشهر مهلكات وزراء الصحة الأخطاء الطبية، وهذه أهم أسبابها ليس المضاعفات كما يدعون، بل غياب الاستشاري الخبير المختص المعلم وإيكال التدخلات الطبية والجراحية لطبيب متدرب قليل خبرة لا يجد حوله رئيس فريق يوجهه ولا حتى رئيس قسم يبلغه بغياب الاستشاري بل ولا مديرا طبيا يشكو إليه!! (حتى كبار المديرين الطبيين يزوغون يا عالم).
حتى أمر قبول الحالات ودخولها إذا توفر السرير ودعت الحاجة الطبية والضرورة القصوى تتأخر بسبب عدم تواجد الاستشاري ورئيس القسم والمدير الطبي فيبقى ذلك الطبيب المتدرب المسكين الذي يسمونه طبيبا مقيما (رزدنت) يتحمل لوم الناس والشكوى وملاحقة كاميرا الجوال وهو لا حول له ولا قوة ورئيسه لا يرد لا على (بيجر) ولا (جوال) وفي مستشفيات خاصة يعشق (التجوال)!!.
أنصح وزير الصحة (أي وزير صحة غير طبيب) بقراءة كتاب غازي القصيبي (حياة في الإدارة) خاصة ما يتعلق بتجربته القصيرة في وزارة الصحة!!، وهل أهم وأثمن وأكثر شيوعا من سلوكيات تكتشفها في أقصر الفترات؟!.

أي نجومية تقصدون ؟!

عجيب أمر من يتهم الكاتب الناقد بأنه ينتقد بحثا عن النجومية!!، فعن أية نجومية يتحدثون؟!
الناقد عندما ينتقد وزارة أو مؤسسة أو دائرة ــ أيا كانت ــ فإنه يفقد أشياء كثيرة، بل هو يضحي بأشياء كثيرة، من بينها علاقته بالوزير أو المسؤول وكثير من منسوبي الوزارة أو المؤسسة، خصوصا منهم من ينتفع من المسؤول المنتقد وما أكثرهم!!.
الكاتب يقول أحيانا ما لا يستطيع قوله صاحب القضية، بل ما قد لا يجرؤ على قوله غيره، ضاربا عرض الحائط بكل المصالح الشخصية، بل والعلاقات الشخصية!!، ونحن هنا نتحدث عن الكاتب الذي ينتقد لا ذلك الذي يمتدح، فشتان بينهما!!.
حتى في مكان عمله، فإن كاتب الرأي الناقد يتعرض للكثير من اللوم والضغوطات والخسائر، فعن أي بحث عن النجومية يتحدثون؟!، بل أي قيمة للنجومية التي يمكن أن تعوضه عما يخسر؟!.
كنت وما زلت أقول إن تفاعل الكاتب مع ضحية الخطأ أو القصور أو القضية أشبه ما يكون بتفاعل أحد المارة مع الضحية المصاب في حادث، فمن المارة من ينظر ويعبر دون أدنى اهتمام، ومنهم من ينظر ويدعو له ويذهب، ومنهم من يقف ليتفرج دون أدنى عون ولو بالتبليغ، ومنهم من يقف ويبلغ ويساعد في تنبيه السيارات الأخرى للخطر، وربما ساعد في النقل إذا كان يجيد التعامل مع الحالة!!، فهل يستوي من يتفاعل ومن لا يتفاعل؟!، المؤكد أن من يتفاعل يضحي بوقته ومسؤولياته وقد يخاطر بنفسه!!، وكذا الكاتب الذي يتفاعل مع صاحب القضية.
أغرب ما مر علي ــ في هذا الصدد ــ ورقة عمل قدمت في ندوة سابقة عن الإعلام والصحة منذ سنوات، جاء فيها أن من يكتبون عن الأخطاء الطبية يصعدون على أكتاف المرضى!!، ويا للعجب، هل تركتم للمرضى أكتافا نصعد عليها؟!.
عموما، كل من خطط ونفذ وقدم في تلك الندوة ذهب، وبقيت الأخطاء الطبية والكتاب وأوزار ما طرح في الندوة.

هيئة بلا ظلم

كان لا يمر أسبوع إلا وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد تعرضت لاتهام بارتكاب إحدى دورياتها أو أحد منسوبيها لاعتداء على مواطن أو مقيم في بعض وسائل الإعلام، خصوصا بعض البرامج التلفزيونية التي لها موقف سلبي مسبق الصنع من الهيئة، وعدم استعداد لإنصاف المتهم من أفرادها، ولعل أوضح الأمثلة حادثة البريطاني الذي تهجم على أفراد الهيئة ورفض إبراز هويته لرجل الأمن وأظهر تلفزيونيا على أنه المظلوم (أتمنى إعادة التحقيق في القضية التي ظلمت فيها الهيئة أعضاءها!!).

مرت عدة أشهر وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تتعرض لأي تعريض!!، ولم تشن عليها أية حملة اتهامات، رغم أنها استعادت نشاطها وهيبتها أكثر من أي وقت مضى!!، وهو ما يدل على أن هذا الجهاز الحساس الهام كان مخترقا من الداخل، وكان يتعرض لنيران صديقة!!.

حتى أحد أهم إنجازات الهيئة على الصعيد الاجتماعي، وهو محاربة الابتزاز بستر وحكمة وإنقاذ لضحاياه، شكك فيه بعض الإعلاميين بالقول ظلما وبهتانا إن قضايا الابتزاز مفبركة ومبالغ في أرقامها!!، وأتمنى أن نسمع اعتذار من قال بهذا الافتراء، بعد أن أعلن رقم ساخن لتقبل بلاغات الابتزاز، وبعد أن تنوعت حوادثه وأطرافه!!.

القنوات الفضائية والأقلام التي كانت تحارب هذا الجهاز الحكومي الهام لم تكن تنتقده نقدا موضوعيا؛ مثلما تنتقد الشرطة أو المرور أو الأجهزة الرقابية المشابهة كالبلديات ومراقبي التجارة!!، بل كان نقدا يستهدف استمرار الجهاز نفسه، ويطالب بإلغاء الجهاز، دون اعتبار لكونه جهازا يمثل شعيرة دينية أساسية أخذ هذا البلد الأمين على عاتقه القيام بها.


فشلونا

** قال المشتركون في الهاتف: انقطاع الخدمة يتكرر، وشركة الاتصالات تحتج بأنه من شركات الصيانة، فهل عقودنا مع شركات الصيانة أم مع الاتصالات، ولماذا لا تعوضنا عن أيام انقطاع الخدمة، فنحن نفقد الهاتف والإنترنت وكلها دفعنا قيمتها!!
* قلنا: ولو نتأخر في التسديد قطعوا الاتصال والنت والصيانة!!.
**
** قالوا: قائد طائرة (السعودية) المتجهة للقاهرة يبلغ عن أربع راكبات قمن (بتقشيم وقزقزة) المكسرات ورمي مخلفاتها في كبينة رجال الأعمال.
* قلنا: غيروا شعاركم إلى (نسعد بعدم تقشيمكم).
**
** قالوا: طبيب بمستشفى بالأردن ينسى جواله في بطن مريضة بعد عملية قيصرية، ولاحظت والدتها حدوث ارتجاجات في بطن ابنتها لمدة ثلاثة أيام.
* قلنا: (ومن قلة الحياء قاعد يتصل عليه وهو على وضدع الهزاز!!).
**
** قال الاتحاد الاسكتلندي: لا نقبل ما حصل لحكم ديربي الهلال والنصر، لكنه وصلنا دون إصابات جسدية!!.
* قلنا: (الله يهديهم فشلونا!! أهم شيء لا تعلمونه بالعقوبة يصاب بأضرار نفسية وننفضح أكثر!!).
**
** قالوا: كلب يبتلع حمالة صدر!!.
* قلنا: فاضية؟!.
**
** قال الأطباء: على مرضى السكر عدم مشاهدة ديربي النصر والهلال في الملعب.
* قلنا: وبعد حركات وجه ناصر مع خالد الغامدي ننصح الأطفال بعدم المشاهدة حتى في التلفاز!!.

فارس عوض وغيره «عليه العوض»

هذا الشاب الإماراتي فارس عوض ليس مجرد معلق على مباراة كرة قدم!!، هو موهبة ذهنية إعجازية في سرعة بديهته وسرعة انتقائه للمترادفات والمتشابه والمتناقض من الكلمات، يذكرك بخلف بن هذال معجزة الشعر النبطي أو الشعر الشعبي، ولا أبالغ إن قلت إن قرين يسكن فارس عوض مثل ذلك الذي سكن المتنبي وربما هو ذات القرين المعمر أو أحد أحفاده.
لا أحب الإطراء ولا أكره منه ما يوجه لغير ذي مال وجاه، ولا أرى حرجا في الكتابة عن كرة القدم، فهي تشغل جزءا كبيرا جدا من فراغنا وفراغ أبنائنا، وإذا كان حارس المرمى هو نصف الفريق، فإن المعلق هو نصف النقل التلفزيوني.
يعجبني في عامر عبدالله نصحه الديني للشباب والتزامه الواضح أخلاقيا ودينيا، وأفتقد لعدنان حمد واسع الثقافة الجذاب الحماسي الصريح، لكن عبارات فارس عوض إعجازية، ولا شك أن مواهب التعليق الإماراتية عوضت خسارتنا في المعلقين المحليين ممن رحلوا؛ كالمرحوم زاهد قدسي أو من انتهى بهم أمر التعصب للخروج عن النص بلعن حكم أو زلة لا تغتفر!!.
دعونا مع سحر فارس عوض اللفظي الذي لفت انتباهي أول مرة وهو يقول (نايف ثابت والمرمى هو إلي هزازي)، ثم (هذا مو سهلاوي هذا صعباوي)، وعن السهلاوي أيضا قال (هذا متعاقد مع النصر ولا مع شباك الهلال) (السهلاوي هذا مولود في يوم ديربي)، وعن أدريان قال (هذا مو أدريان هذا أدرينالين)، أما عن حسين عبدالغني فقال (هذا ذهب رقمه ٢٤ حطو جنبه قيراط)، وعن سواريز عندما سجل السوبر هاتريك في مرمى نوريش قال (سواريز يغرد في مرمى الكناري بس مو تغريده هذي في المفضلة)، أما الأكثر استعارة لفظية فحين قال عن طقم النصر الجيشي وهدف الفريدي: (طقمهم جيشي وسلاحهم فرد) (الفرايد جابها الفريدي) (عاصفة الصدارة نصراوية).
وإذا كان فارس عوض عندما أعجبه (تيفو) جمهور النصر قال (في كل العالم الجمهور يجي يشوف اللاعبين إلا في النصر اللاعبين يجون يشوفون الجمهور)، فإنني أقول في كل مباراة نستمع للتعليق لنستمتع بالمباراة إلا في تعليق فارس عوض نشاهد المباراة لنستمتع بالتعليق.

كم وفاة تكفيكم للتحرك؟!

غريب أمرنا مع التفاعل الآني مع الحوادث وقت حدوثها في شكل اهتمام إعلامي ووعود ثم نسيانها في اليوم التالي لتحدث ذات الكارثة خلال أيام ويتكرر نفس التفاعل المحدود بوقت ذروة الكارثة!!.
ألا يكفي جدة (مثلا) سقوط أربعة أطفال ووفاتهم في بالوعة صرف صحي خلال عام واحد بسبب غطاء صرف صحي مفقود أو مكشوف لكي تتحرك أمانة جدة بل وزارة الشؤون البلدية لقطع دابر هذه الصورة من الإهمال وعدم الاكتراث بأرواح الأبرياء؟!.
الغريب أن كل حادثة من هذا النوع صاحبها غضب وتفاعل إعلامي ونحيب وعويل في مواقع التواصل الاجتماعي واستنفار من جميع الجهات، ثم (تهجد) وتدخل في غيابة جب النسيان المقيت إلى أن تتكرر ذات الحادثة وبسبب ذات الإهمال والقصور ثم تبعث من جديد وتنسى من جديد!!.
كم من الأرواح البريئة تكفي لاتخاذ موقف حازم ينهي هذا النوع من القتل شبه العمد ويجعلنا ندرك أن ترك فوهة بالوعة صرف صحي مفتوحة جريمة يعاقب عليها النظام حتى لو لم يسقط فيها أحد؟!.
لو تمت معاقبة مهمل واحد عقوبة رادعة لما تكرر نفس الحادث من نفس الإهمال والخطر، لكن المشكلة أننا نغلق ملفات قضايا قتل شبه متعمد دون إدانة أو عقوبة فيصبح من السهل جدا تكرار الكوارث.
التهاون في إزهاق الأرواح البريئة في حد ذاته خطأ جسيم أيا كانت صوره أو أساليبه فيكفي أنه قتل نفسا، لكن تكرار الأسلوب دلالة واضحة على ضعف العقوبة أو انعدامها.

النصر مثل وطننا محسود مرزوق

لا ضير أن ندعو للاعتبار بما حدث لفريق النصر السعودي المتوج بطلا للدوري السعودي هذا العام قبل ختام الدوري بجولة وبعد أن توج ببطولتي الدوري وكأس ولي العهد العام الماضي والمتوج بطلا لكل منافسات الفئات السنية هذا العام كرقم غير مسبوق خلال القرن الحالي!!.
مخطئ من يعتقد أن كرة القدم مجرد جلد منفوخ يجب أن نتعالى عليها ولا نستغل شعبيتها للتوعية ونشر المفاهيم والعبر!!، لو كانت كذلك لما خطب ودها المستثمر والمعلن والرعاة بملايين الريالات!!، بل هي جزء هام من حياتنا اليومية يضرب معه الغالبية موعدا للترفيه ويدعي الترفع عنها كثير من الناس ادعاء وتصنعا.
مجال كرة القدم أفضل وأسرع وسيلة لتمرير الرسائل التوعوية والتحذيرية ومن نافلة القول أن ننصح شبابنا بل وزاراتنا ومؤسساتنا والقائمين عليها بالاستفادة من تجربة نادي النصر في النجاح والمحافظة عليه بالعمل الجاد والجماعي دون الالتفات للمحبطات والحساد.
كما يجب أن نرسخ لدى الشباب أن ثمة فرقا كبيرا بين أن تعمل لتنجح أنت وبين أن تعمل ليفشل الآخر!!، وأن كل محسود مرزوق، وأنه لو اجتمع الناس جميعا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ولو اجتمعوا لينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.
لقد شهد فريق النصر هذا العام إحباطات عدة فرجاله يتساقطون بإصابات شبه متعمدة والحكام يحرمونه حقوقا واضحة وهذا لاعب يرفض التسجيل في منافسه وذات اللاعب يستفز جمهوره بإشارة أنه لن يحقق الكأس وآخر يشجع المنافس ويستفز بالقول (هيا تعال) ومع ذلك يحقق البطولة قبل ختامها وبسقوط الخصم والمنافس.
لماذا نستشهد بفريق النصر فوطننا مثال أكبر لبلد أمين محسود مرزوق!!، ولم أشهد في حياتي حسدا أكبر مما تعرض له وطني ومن أناس شملتهم خيراته وشاركهم في رزقه ومع ذلك تنكروا له وحسدوه!!.
أثناء الدراسة في بريطانيا تعاملت مع إخوة عرب كان لوطني خير على بلدانهم بل خير عليهم هم في شكل دعم ومنح دراسية ومع ذلك كانوا يتنكرون له وينالون منه!!.
صادف مهرجان المربد الثقافي في بغداد ذات عام في الثمانينات الميلادية (أثناء الحرب العراقية الإيرانية) نفس موعد انعقاد مؤتمر اتحاد الصيادلة العرب فكنا نلتقي في بهو فندق الرشيد مع عدد من مثقفي العرب من دول دعمتها المملكة في قضاياها سياسيا واقتصاديا بمواقف مشهودة لكنني كنت أجد منهم جدالا يقطر حقدا وحسدا وكنت أقارعهم الحجج إلى درجة أن أحد الزملاء قال لي حذار من استفزازهم فليس أسهل عليهم من القتل أو تلبيس تهمة!!.
بقي وطني شامخا وبخير وعاشوا هم شر نتائج حسدهم!!.

«مسج» خطيرة ترسلها دكاكين المساج !!

منذ خمس سنوات كشفنا، الإعلامي صلاح الغيدان وأنا، عبر القناة السعودية الأولى، تفاصيل خطورة محل التدليك (المساج) الذي فتح (دون ترخيص) كملحق لأحد الفنادق بالرياض، واتضح بعد ذلك أن أحد الآسيويين الذي يجري المساج مصاب بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ولديه شذوذ جنسي، واكتشفت علاقته ببعض الشباب بعد خراب مالطة!!، وكان النقاش تحديدا في برنامج 99 عندما كان يعرض على القناة السعودية الأولى، بحضور المهندس خالد الرويشد رئيس بلدية العليا حاليا (رئيس بلدية عرقة آنذاك) والمقطع موجود على (اليوتيوب ) حاليا.
التدليك أو (المساج) كعلاج طبيعي أو حتى وسيلة استرخاء أمر لا غبار عليه، لكنه مثل كل المجالات التي يطالب بها البعض ويغضب عندما يعترض عليها الآخر، مع أن من يطالب بها تقليدا لدول أخرى يجهل أو يتجاهل أننا لا نملك بعد ذات القدرة على الرقابة والمتابعة التي تمتلكها دول ترخص مثل هذه الخدمة، ولكن بشروط ورقابة مكثفة ومتابعة دقيقة.
العلاج الطبيعي تخصص دقيق وهام وحساس، وممارسته في حد ذاتها تحتاج إلى ترخيص مهني وتصنيف من هيئة التخصصات الصحية بناء على مؤهلات وخبرات، وإعادة تصنيف مجدول، فهو فرع من فروع العلاج، والدكاكين الحالية لا تحقق ذلك ولا تراقب على هذا الأساس، وفي ذلك خطورة من أخطاء طبية من سوء العلاج.
الجانب الأهم هو أن بعض تلك الدكاكين قد تتحول إلى أوكار خطيرة لممارسات خاطئة؛ كالتي حدثت وذكرناها في البرنامج، وهي رسالة خطيرة تنذر بجرائم أخلاقية وآفات صحية معدية، وهذه المخاطر يفترض أن تقف لها بالمرصاد وزارة الصحة؛ كنوع من الوقاية من انتشار عدوى خطيرة!!، ويطلب من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مداهمتها دوريا!!، ويجب أن تراقبها جهات الترخيص رقابة دائمة ودقيقة ومفاجئة، وخلاف ذلك فإن منعها وقصر العلاج الطبيعي على المستشفيات خير وبركة.

منعنا الخمور ولنمنع غيرها

مشكلتنا أننا ننسى كثيرا ونجامل أكثر، لقد نسينا وبسرعة الوفيات التي سببتها تلك المشروبات التي تسميها مصانعها ودعاياتها بمشروبات الطاقة، وهي في واقع الحال خليط من مواد خطيرة جدا على المخ والكبد والكلى، ويكفي أنها تسببت عندنا في موت مفاجئ لأكثر من ثلاثة شباب في أوقات مختلفة، ويراجع المستشفيات بسبب أضرارها المئات بأعراض تلف في خلايا المخ وفشل في وظائف الكبد والكلى وسرطانات متعددة.

طالبت كثيرا، ولن أتوقف أو أستسلم، بمنع دخول وبيع هذه المشروبات نهائيا، ومنع الإعلان عنها بما يخدع الشباب، وتحقق منع الإعلانات، ولم يتحقق منع الدخول والبيع.

حتى منع الإعلانات لم تلتزم به بعض القنوات التلفزيونية التجارية، وكثف وكلاء هذه السموم الإعلانات في البرامج الرياضية حيث جذب الشباب.

الأعذار تعددت في سبب عدم المنع من الدخول، وجميعها وأكثرها صعوبة يسهل الرد عليه بالحجة إذا وجدت الجدية والحزم والعزم والقلق على أرواح شباب تخدعهم الإعلانات وتنقصهم القراءة ويفتقدون للإطلاع.

كان عذر مسؤول سابق أن وكلاءها يزعجوننا، وعندما يحضر الحزم فلا مكان لمن لا يعنى بمصالح الوطن وأبنائه وساكنيه، أما عذر مسؤول آخر فهو أنها تباع في أمريكا رغم وجود هيئة غذاء ودواء شديدة!!، وقلت له إن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية حدت بأنظمتها من استخدامها كما وعمرا ومكان بيع وخلافه!! فهل لدينا ذات القدرة على التحكم وفرض الإجراءات ومتابعة تنفيذها كما هو الحال في أمريكا؟! وهل لدينا نفس الغرامات عند المخالفة أو حدوث وفاة، والتي تصل لخانة عشرات الملايين؟! بل هل لدينا ذات الوعي في التعاطي مع التحذيرات وذات التقيد بعدم الإعلان؟!.

أما العذر الجديد، فهو أن منظمة التجارة العالمية تزعجنا لو منعناها!!، قلت منظمة التجارة هي ذات المنظمة التي سمحت بفرض ضرائب عالية على التبغ والسجائر، وبالتالي ارتفاع أسعارها في دول أمريكا وأوربا لأرقام كبيرة قطعت دابر شرائها ونحن لم نفعل!!.

ثم قلت: نحن ولله الحمد وبكل فخر نمنع دخول وبيع الخمور وكل ما يحتوي الكحول رغما عن كل منظمات الدنيا؛ لأنه يتعارض مع ديننا الحنيف، ولن نعجز عن تبرير منع تلك المشروبات لضررها المثبت وعدم ضمان الوعي به ودرءا للمفاسد وجلبا للمصالح.


هشتقوه

يبدو أن هذا الزمن هو زمن التغريد داخل السرب (زمن تويتر) كمساحة فاعلة للشكوى والتظلم، فالسيد تويتر هو عنتر زمانه و(تويتر شايل سيفه).
بناء على تتبع ومشاهدة تاريخية لتناوب وسائل الإعلام في تولي أدوار التأثير ثم التخلي، فإن النصيحة المخلصة لمغردي تويتر وفرسانه أن يمارسوا نقدهم ومطالباتهم بموضوعية ومصداقية إذا أرادوا أن يستمر تأثيرهم أطول وقت ممكن، وأن لا يصيبهم ما أصاب وسائل إعلامية سادت في التأثير ثم بادت!!.
كانت الوسيلة الوحيد للشكوى ــ أي شكوى ــ أو إيصال معلومة هي الحضور أو تقديم (معروض) أو رفع برقية، ولا تزال هذه الوسيلة قائمة وذات فاعلية، خصوصا في الشكاوى الشخصية والدعاوي الخاصة المعقدة.
عندما جاءت الصحف الورقية السيارة أصبحت قناة شكوى وتظلم ولفت نظر تنبه المسؤول لجوانب القصور، ومارست هذا الدور بقدرات متفاوتة تعتمد على المهنية والتثبت والجرأة في الطرح والاتزان وإتاحة الرأي والرأي الآخر، وجميعها عناصر تحدد درجة المصداقية لدى القارئ، سواء المسؤول أو المواطن والمقيم، بعدها وقبل ثورة البث الفضائي تولت المسلسلات التلفزيونية دورا هاما وحظيت بمتابعة وتأثير، خصوصا منها تلك التي تمزج النقد بالكوميديا، وإن كان بعضها جنح لتغليب التعصب الفكري والاستهزاء ببعض الثوابت مما أفقده مصداقيته وسقط سقوطا ذريعا وأصبح يستجدي المشاهدة.
ثم جاءت القنوات الفضائية وبرامجها الحوارية وما زالت تتنافس تنافسا حميما على كسب المشاهد والبقاء فيها للأصلح، والأصلح الذي يصدق ادعاؤه للمهنية وإتاحة الفرصة للرأي والرأي الآخر، حتى لو كانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طرفا!!.
الآن المغردون في تويتر يتمتعون بفرص الاستقلالية ومراقبة الذات دون رقيب والعبارة المختصرة وتقنية الصورة والفيديو وانضمام المؤيدين بإعادة التغريد وإنشاء الوسم المعروف بالهاشتاق، ولهم تأثيرهم، لكن المتلقي ــ مسؤولا أو مواطنا أو مقيما ــ لديه وزن للأمور وقياس للمصداقية بعقل، فليس كل وسم سيؤثر ما لم يحترم عقل المتلقي، فحذارِ من خسارة المصداقية، وسيبقى (تويتر شايل سيفه).