الفتيات المسترجلات مشكلة اجتماعية كبيرة وخطيرة، نشأت بكل أسف في مؤسسات تعليمية أنثوية شملت المدارس والجامعات وانتقلت لبعض مواقع العمل، إلا أنها لم تحظ بالاهتمام الذي يوازي خطورتها سواء على المسترجلات أنفسهن أو على زميلاتهن اللاتي أتين لتلقي العلم والحفاظ على مكارم الأخلاق.
حتى عندما بادرت جامعة أم القرى بمكة المكرمة وفي خطوة رائدة وغير مسبوقة وأطلقت حملة (أعتز بأنوثتي) لم تجد الدعم إلا من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أثبتت أنها من أكثر المؤسسات الحكومية انفتاحا على المجتمع، وإخلاصا له، ووعيا بما يحيق به من مخاطر وتفاعلا مع كل نشاط يهدف للحفاظ عليه.
كان يفترض بوزارة الشؤون الاجتماعية أن تكون صاحبة المبادرة، أو على أقل تقدير وبناء على قدرها الذي نعرفه، أن تسهم في تعميم الحملة ودعمها كون السلوك الشاذ لفئة من المجتمع شأنا اجتماعيا، لكن وزارة الشؤون الاجتماعية تثبت كل يوم ما كنت أردده عنها وهو اعتقادها أنها وزارة صرف ضمان اجتماعي وحسب!.
الفتيات المسترجلات، أو ما يطلق عليهن (البويات) فتيات شاذات يشكلن خطرا على أنفسهن وعلى غيرهن من الطالبات وعلى المجتمع، وهن (بويات) صبغن سمعة التعليم وخاصة الجامعي بالعار وحولن فناء الحرم الجامعي الأنثوي إلى نشاز وبيئة هي الأقرب إلى المرض النفسي منها للرقي والوعي الأكاديمي.
في الوقت الذي نحيي فيه جامعة أم القرى وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العمل الجاد المخلص دون ضجيج، فإننا نتساءل عن سر غياب الجامعة الأكبر جامعة الملك سعود، وكذلك جامعة الملك عبد العزيز عن تبني مثل هذه الخطوة الرائدة التي تمثل أجمل صور تشخيص الواقع والاعتراف به والسعي لمعالجته بالتوعية، بكل أساليبها وطرقها وجهودها الحقيقية، علما أن جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز لا بد أنهما بحكم النسبة المئوية أكثر عرضة لتفشي هذه الظاهرة والأولى بتناولها والمبادرة لعلاجها لو وجد ذات الإخلاص وذات العمل بصمت وبحس وطني مخلص لا يعرف البهرجة الإعلامية الجوفاء.
تابعت الحملة منذ بدايتها وعلى مدى أسبوعين وانتهت، ولم ألاحظ مشاركة إعلامية تواكب أهمية هذه الحملة إلا من موقع (إسلام أون لاين) وإن كنت أجد العذر للإعلام المرئي بحكم أن الوضع لا يحتمل التغطية المرئية (اللهم أدم علينا الستر)، إلا أن الإعلام المسموع والمقروء يفترض أن يسهم بأكثر من مجرد خبر عابر!.
اليوم: 24 يناير، 2010
كذبة الدراسات
لا خير فينا إذا لم نسخر كل فرص النشر المتاحة في تصحيح المفاهيم الخاطئة أيا كانت طالما أننا لاحظنا وجودها وتوفرت لدينا الخلفية الكافية للتنبيه إليها.
ألا تلاحظون معي تزايد وتكرار عبارات (أثبتت الدراسات) أو (أثبت العلماء) أو (وجدت الأبحاث) في مجتمعنا تحديدا وعند التحدث عن أي موضوع وفي كل مناسبة أو في كل محاولة لتبرير حالة قصور أو عجز أو تخاذل؟!.
هل يفاجئكم إذا قلت إن معظم هذه العبارات هي من نسج خيال قائلها، وليس لها أصل مطلقا وبعضها له أصل ضعيف جدا لا يصل إلى حد الدراسة العلمية بل لا يحقق الحد الأدنى من متطلبات البحث أو الدراسة أو حتى استقصاء الآراء؟!.
كل من أراد أن تكون كذبته مقنعة قال (أثبتت الأبحاث العلمية الموثقة)، وكل من أراد فرض رأيه على السواد الأعظم من الناس قال (وجد العلماء).
ما يحدث ليس أمرا جديدا ولا سلوكا طارئا بدليل أن المثل الشعبي الشهير القديم يقول (إذا كذبت فسند)؛ أي إذا أرت لكذبتك أن تكون أكثر إيقاعا فعليك أن تنسبها إلى مصدر أو سند.
كل ما استجد هو كثرة حدوث هذا الإسناد العشوائي، وشيوع استخدام كذبة (وجدت الدراسات) على مستويات أعلى من مجرد شائعة مجتمع أو كذبة مروج شائعات يبحث لكذبته عن سند موثوق!.
أما الدليل على عدم صحة غالبية الاستشهاد بالدراسات والأبحاث الوهمية، فهو عدم إيراد المرجع وتسميته للرجوع إليه، فليس أسهل من أن يقول (أثبتت الدراسات العلمية التي أجراها العلماء المتخصصون) لكنه لا يحدد أين نشرت ومتى ومن هم هؤلاء العلماء، وهذا التحديد هو من أساسيات الإسناد الصحيح.
إن من مواصفات المجتمع المتحضر الواعي أن يطالب دائما بالدليل الواضح ومرجع المعلومة وسندها المفصل وهذا ما نطمح أن يكون عليه مجتمعنا، وإنني أظنه كذلك فدرجة الوعي العالية تتضح من ردة فعل السواد الأعظم من الناس سواء في تعليقاتهم ومداخلاتهم ومشاركاتهم في البرامج التلفزيونية والحوارات والمنتديات، فالناس أصبحوا على درجة من الوعي والفطنة التي لا تقبل الاستغفال ومع ذلك يصر البعض على استخدام عبارات (دراسات) واستراتيجيات، ومنظومة متكاملة، وعمل مؤسسي رغم عدم وجود السند ولا الأصل ولا المؤسسة.
وقفات أسبوع
– يكاد يكون هناك إجماع تام على أن الرقابة الدقيقة والعقوبة الصارمة التي لا رجعة فيها، إذا تواجدتا ضمن حلقات سلسلة تعاملنا مع جوانب القصور، أي قصور فإن بإمكاننا القضاء على كثير من الظواهر السلبية التي أعيتنا، وبما أننا الآن نشهد قفزة نوعية غير مسبوقة في مجال الاعتمادات المالية وميزانية خير عظيم وتوجه جاد نحو التوظيف، فإن التوظيف في المجالات التي تتعلق بالرقابة ومتابعة تطبيق العقوبات يجب أن يكون أولوية وأساسا لمشروعنا في القضاء على كل المشاكل والسلبيات، بتوظيف عدد كبير من المراقبين في كل شأن وبرواتب مجزيه ومشجعه.
– إجابات بعض المسؤولين على أسئلة الصحافة لا تعكس وعياً بما وصلت إليه صحافتنا من مهنية وقوة وتأثير، وتثبيت بعضهم لصورة الصحافة في مخيلته على صورة قديمة بالية من زمن الأبيض والأسود لا يعكس مواكبة للتطور الكبير الذي شهده ويشهده دور الصحافة كشريك أساسي في مشروع الإصلاح، والتملص من إجابة أو نفيها يشير إلى أن ثمة عدم مواكبة لا للتقنية ولا للفكر.
– إذا أعلن عن إعانة للمواد الغذائية، رفع تجار الأغذية أسعارهم، وإذا أعلن إعانة لمواد البناء رفع تجارها أسعارهم، لذا فإنه لا بد من الاحتياط بعد الإعلان عن تكفل الدولة أعزها الله بنصف تكاليف رسوم الدراسة في الجامعات والكليات الأهلية للطلاب الذين لم تقبلهم الجامعات الحكومية، وذلك بما يضمن عدم رفع الجامعات والكليات الأهلية رسومها بعد هذا القرار. لا بد من قرار صارم يحمي ميزانية الإعانة ويحمي الطرف الآخر الذي يدفع النصف المتبقي.
– طالبت بضرورة توظيف رجال أمن أشداء في المدارس لمنع المشاجرات والعنف الذي استشرى بين الطلاب بعضهم البعض وبين الطلاب والمدرسين، وأولياء الأمور والإدارة.. ألخ.
وعلمت أن معظم أسباب عزوف الطلاب عن الدراسة بسبب عنف مدرس أو عنف زميل أو عنف مراقب أو مدير، دعونا نكون أكثر جدية في محاربة جذور العنف!!.