أكثر شكاوى الموظفين تندرج تحت عدم العدالة في الترقيات والانتدابات والمميزات المادية المستحدثة داخليا في بعض الجهات والتي لا تستند إلى نص نظام ولا مظلة قانونية!!، وقد يعجب البعض أن ثمة مميزات لبعض الموظفين لا تستند لنظام لكن هذا حاصل في بعض الجهات التي لها دخول ذاتية من مصادر مثل النادي الاجتماعي أو تأجير الخدمات وخلافه فبعضها تمنح مميزات عادلة للجميع أما البعض الآخر فتصل رواتب بعض موظفيها إلى مئة ألف ريال أو تزيد وتبقى البقية على رواتبهم التقليدية رغم تساوي ساعات العمل والمسؤولية والعطاء، ويشتكي الموظفون من الإحباط الناجم عن هذا التمييز ولابد من تدخل جهة رقابية.
نحن نكثر من مطالبة المواطن بأن يخلص في عمله وانضباطه ويبذل في أدائه لعمله ويتفانى فيه بما يحقق تحسنا في الخدمات العامة للجهة التي يعمل فيها لأن أداء الجهة الحكومية ما هو إلا تكامل عنصرين مهمين: قائد إداري مؤهل وملهم وموظفون مخلصون.
القائد الإداري لا حيلة لنا فيه إلا أن ندعو الله أن يهديه، وننتقد أداءه علَّنا نعدل اعوجاجه إذا حدث، أما الموظفون فإننا نطالبهم دوما بالأداء المثالي وأحيانا ننسى حاجتهم لمحفزات على الأداء، أو أقل عدد من المحبطات التي تقلل من الحماس للتفاني والإخلاص.
كنا نتحدث دائما عن المتطلبات العامة لكل الموظفين والأمر الذي غفلنا عنه هو عامل الإحباط الناجم عن وضع داخلي خاص بالجهة الحكومية التي يعمل بها الموظف ولا نعلم عنه لأن العاملين لا يستطيعون إيصاله بسبب خوف على الوظيفة غير العادلة أو صعوبة الوصول والتواصل مع الإعلام إلا عن طريق وسائل الإعلام الجديد (تويتر وفيسبوك وواتس أب وخلافه)، وهذه أيضا توصل الصوت ولا تضمن سعة الانتشار والتجاوب ولكن عندما يصادف أن تقابل بعض موظفي الجهات الأخرى تعلم عن مثل ما ذكرت من مميزات خاصة غير معلنة ورواتب إضافية غير عادلة، لابد لنا نحن الكتاب أن نحرص على التواصل المباشر مع الموظفين لنعرف المزيد.
الشهر: جويلية 2012
الدكتوراه والصحة!
ثارت ثائرة الإعلام والناس جميعا عندما كشف أمر شهادات دكتوراه مزيفة أو مشتراة من جامعات تبيع الشهادات، ولهم كل الحق في ذلك، فليس أخطر على الناس والمجتمع من تأهيل علمي مزيف. والأمر الذي لا يقل خطورة ــ وقد يزيد ــ هم أدعياء حمل شهادة الدكتوراه من الصيادلة والأطباء وهم لا يحملون إلا البكالوريوس وغالبا بدرجة مقبول، وسوف أبرر لكم في ثنايا هذا المقال القصير سر الخطورة الطويل!
لا أنسى عبارة لأحد أساتذة الجامعة ــ يحمل شهادة دكتوراه فعلية بل مرتبته العلمية بروفيسور ــ عندما قال «عانينا كثيرا في مصر وما زلنا نعاني من خطأ تلقيب الطبيب والصيدلي بالدكتور، حتى أن بعض الأسر ما إن يقبل ابنهم في إعدادي الصيدلة أو الطب حتى ينادونه (يا دكتور) وهو (عيل)»!
لا أنسى أيضا أن صيدلانيا تعين في رعاية الشباب قديما ــ ربما منذ تأسيسها ــ كانوا ينادونه (دكتور) وتقاعد وهم يتعاملون معه ويخاطبونه رسميا كحامل شهادة دكتوراه!
في العالم المتقدم المجرب لخطورة هذه الألقاب غير المستحقة فإن الطبيب يخاطب بلقبه الفعلي (طبيب) (physician) والصيدلي بلقبه الفعلي (صيدلي) (pharmacist) باستثناء من يحمل شهادة الدكتوراه منهما وغالبا يمارس التدريس في الجامعة فيطلق عليه دكتور. أما الخطورة في أمر هذه الألقاب الزائفة فتكمن في التدليس في أمر المسؤوليات والتعيينات والاعتماد على الموظف في مسؤوليات تتطلب خلفية أكاديمية بحتة، أو تستوجب مروره بمحك الحصول على الشهادة العليا وحمله فعلا لشهادة الدكتوراه. ومن أبرز الأمثلة؛ التعيينات في الهيكل الجديد للإداريين في وزارة الصحة، فجميعهم إما صيدلي أو طبيب (بكالوريوس) عدا نائب واحد، ومع ذلك يلقبون بالدكتور إما إعلاميا أو بخطابات رسمية، مع أن الوزارة أدركت ذلك بذكاء فجعلت تعيينهم على الهيكل (تكليفا)، لكن اللقب على المدى الطويل فيه الكثير من الخطورة.
الخطورة الثانية تحيط بالمهنة نفسها فيضيع إنجاز الصيدلي أو الطبيب العلمي ويكتب لدكتور لم يحدد تخصصه وهذه مسؤولية الجمعية الصيدلية السعودية وجمعيات الطب فيفترض أن توقف هذه الممارسة، لأننا حاليا نقرأ اكتشاف الأطباء دواء ومكتشفه صيدلاني بسبب هذا الخلط وتضيع انجازات الأطباء أكاديميا وبحثيا اعتقادا بأنهم أساتذة أكاديميون.
إلى متى؟!
يوما بعد يوم تثبت لنا الحوادث والكوارث أننا نرتجل في بعض المشاريع ارتجالا لا يتواكب مع روح العصر ومتطلبات الحياة، وفي كل مرة نواجه فيها صعوبة أو كارثة نعتقد أننا سنتعلم منها ونقول (رب ضارة نافعة) لكننا لا نتعلم من أخطائنا في بعض المشاريع ولا ننتفع من المضار.
لدينا بعض الإداريين من يتحدث عن العمل المؤسساتي وهو لا يعرف معناه ناهيك عن تطبيقاته فهو يمارس قمة المركزية مع الجهل ومنتهى الانفراد حتى في العمليات التي تستدعي فريق عمل.
إذا نحن في بعض المشاريع لا ينقصنا معرفة ما هو صحيح ومثالي كحلم لكن ينقصنا تحقيقه، لأن من يوكل إليه أمره يسمع عن العمل المؤسساتي والاستراتيجية والمشاريع المتكاملة (بكج كامل) لكنه لا يعرف كيف يتحقق لأنه ببساطة ليس متخصصا في هذا الشأن ولا مؤهلا له ولا خبيرا فيه وفي الوقت ذاته لا يستعين بخبير أو لا يقبل رأي غيره.
الارتجالية وإيكال الأمر لغير أهله ومركزية غير المؤهل مع ضعف قدراته والاكتفاء بأنصاف المشاريع غير المتكاملة مشكلة أزلية لا بد لنا أن ننهيها تماما لنتلافى ما يحدث من قصور وهفوات في عدة مجالات، لكن دعني أستشهد بأحدث وأبرز وأغرب الأمثلة ألا وهو حادث انقلاب القطار الوحيد ألا يدل على أننا أنشأنا سكة الحديد وأشترينا القطار وأركبناه على الحديد وشغلناه دون أن نطبق مشروعا متكاملا (بكج واحد) يعنى بسلامة السكة وصيانة القطار وأمان الرحلة وأخذ احتياطات الأمان والتنبؤ بالمشاكل واستباق حلها؟! تشكيل لجنة سداسية لمعرفة سبب الحادث يؤكد ذلك.
قس على حادثة القطار بعض مشاريعنا في المياه والصحة والتعليم والزراعة والكهرباء والطرق والنقل وستجد أننا ننجز مرحلة من مشروع ونترك متطلباتها الأساسية حتى تحدث أزمة.
