الشهر: جويلية 2013

أطفالنا .. حضانة بسَكينة أم نحر بسِكينة؟!

بالأمس، بدأت موضوعا لا ينتهي ووعدت باستكماله، وكان يتعلق بكثرة حالات نحر الخادمات للأطفال الأبرياء، وقلت إن الحل الأنسب والحضاري هو تكثيف إنشاء دور الحضانة الحكومية المجانية، إذا كنا صادقين وجادين ومخلصين نحو توظيف المرأة المطمئنة على أسرتها.

قلنا سابقا وكررنا أن إخراج المرأة من منزلها إلى مقر العمل طلبا للرزق والمشاركة في تكاليف الحياة أمر يحتاج سلفا إلى توفير الأرضية المناسبة لهذه الخطوة، وتوفير الاحتياجات والبدائل بشكل مكثف وسلس، ومنها توفير ملاذ آمن للرضع والأطفال والصغار يضمن عدم الإساءة لهم بالتعذيب أو التحرش أو القتل، وكل من هذه السلوكيات شائع عندنا من الخادمات!!.

نحن قلدنا بالحث على توظيف المرأة، ولم نقلد بتوفير الأرضية، وهذا ينطبق في احتياجات كثيرة للمرأة، من أهمها توفر دور حضانة مجانية أو بسعر رمزي في كل مكان عمل، والأهم من توفرها مراقبتها والإشراف عليها والتأكد من توفر سبل السلامة فيها!!.

في المجتمعات الأخرى التي نقلدها في شأن ونغفل آخر تتوفر تلك الدور وتراقب، كما تتوفر آلية محكمة لاستئجار امرأة (مواطنة) لرعاية المنزل والأطفال أثناء غياب الأم (بيبي ستر)، لكنها متعلمة ومتخصصة ومؤهلة علميا ونفسيا لأداء الدور، وتعتبر واحدة من فرص توظيف المرأة بأجر الساعة، لكنها مستحيلة التطبيق لدينا بذات الطريقة (دخول مواطنة منزل الغير واختلاؤها بمن فيه) لأسباب شرعية نفخر بها ونحرص على الالتزام بها، إلى جانب قيم وعادات اجتماعية راسخة وذات ارتباط وثيق بتعاليم الدين السمح.

في الوقت ذاته، لدينا حل يتناسب مع ظروفنا ويحقق ذات الغرض (توفير رعاية امرأة مواطنة متعلمة ومؤهلة ومأمونة الجانب)، ولكن بطريقة عكسية، بحيث يودع الأطفال في منزل المرأة التي تخضع لتدريب ودورات ومراقبة وترخيص لإيواء الأطفال، وهذا بالمناسبة اقتراح ليس من عندي، بل سبق أن اقترحه الزميل الدكتور محمد الحضيف، وأذكر أن أحد المواطنين وزوجته طبقه في منزله برعاية عدد من الأطفال، لكن ضيق عليه واتصل بنا في أحد البرامج الفضائية شاكيا!!.

السبل كثيرة ومجربة ولا تحتاج منا إعادة اختراع العجلة، ومطبقة في دول نقلدها في شأن ونهمل آخر، لكن الأهم أن نقتنع بأن إيكال أمر أطفالنا لخادمات من بيئات محبطة تعاني أمراضا نفسية وفقر مع جهل وضعف إيمان نهايته مزيد من حوادث النحر والقهر!!.

استقدام «الناحرات»

خلال أقل من أسبوعين قتلت طفلتان نحرا على يدي خادمتين إثيوبيتين في الرياض وحدها!!، وليس من قبيل الصدفة أن تحدث هذه الحوادث خلال فترة قصيرة جدا من عمر استقدام العاملات المنزليات من أثيوبيا تحديدا!!.

نخطئ كثيرا إذا هونا من أمر استقدام بشر فقراء محبطين أو جائعين من بلدان تفتقد للحضارة والتعليم والتثقيف وأدخلناهم فجأة في بيئة غنية سعيدة تسبب لهم صدمة نفسية أو عاطفية تجعلهم يقارنون بين وضع أطفالهم وأهلهم في المجاعات وبين وضع من يعملون لديهم من رغد العيش، وبالتالي يتولد نتيجة الجهل والتخلف والحسد شعور بالرغبة في الانتقام.

في هذا الجانب ــ تحديدا ــ يجب أن أوضح ما قد يساء فهمه، فأنا أدرك أن الفقر والجوع ليسا عيبا ولا مدعاة للجريمة، وأدرك أنك لا تستطيع استقدام عاملة منزلية إلا من بيئة محتاجة وفقيرة، لكن ما أقصده أن الفقير المحتاج في بيئات متعلمة متحضرة، وفي مجتمعات يوجد فيها تباين في مستويات المعيشة وفيها طبقات غنية جدا وأخرى فقيرة جدا وطبقة متوسطة يكون مهيأ ثقافيا وعلميا ونفسيا لتقبل الوضع في بلد غني ولا يتعرض لذات الصدمة.

صحيح أن الطفلة تالا جعلها الله شفيعة لوالديها نحرت على يد خادمة إندونيسية تعاني من مشاكل نفسية أو شعوذة أو مجرمة تدعي كل هذا، لكن أمر الإثيوبيات مختلف جدا وغريب.

ثم، لماذا أصلا نتهاون في أمر فحص القادمات والقادمين نفسيا وعقليا وسلوكا وسوابق ونقبل استقدام مرضى نفسيين أو مجرمين من ذوي السوابق أو عناصر محبطة يائسة ليس لديهم ما يخسرونه؟!، وهل العاملة المنزلية حاجة ملحة لا غنى عنها ولا حل، إلى درجة أن نزرعها في داخل منازلنا لنحصد الرعب وعدم الاطمئنان والقلق الدائم على الأطفال.

أيهما أفضل وأريح أن تدبر أمور المنزل والأطفال بلا خادمة، أم أن أستقدم خادمة وأعيش حالة قلق دائم مع كل خبر نحر طفل وهي كثيرة؟!.

الحل الأنسب والحضاري هو تكثيف إنشاء دور الحضانة الحكومية المجانية، إذا كنا صادقين وجادين ومخلصين نحو توظيف المرأة المطمئنة على أسرتها، والحديث يطول ويتشعب.. غدا نكمل.

والإقلاع عن الكحول أيضاً

كثيرا ما نقرأ ونسمع ونشاهد نصائح تحث على استغلال الصوم في شهر رمضان المبارك كبداية وانطلاقة بالإقلاع عن التدخين، ذلك الداء الذي تفتك سموم سيجارته بالرئة والقلب والشرايين والقدرات الجنسية وتعجل بهلاك الجسد، وهي مناسبة جدا هامة والنصح في مكانه.

لكن أحدا لا يتطرق لاستغلال الصوم في الإقلاع عن المخدرات عامة ومنها تناول الكحول، ربما خجلا لعظم حرمتهما أو ترددا وعدم مصارحة ودس للرأس في الرمل !!.

في كل يوم تطالعنا الأخبار بدهم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمصنع خمور أو إيقاع الجمارك أو مكافحة المخدرات بمهرب يحمل آلاف زجاجات الخمر، ولكل مستهلك وجب علينا توعيته ونصحه كالمدخن أو أشد.

ونبدأ بالأضرار المعروفة للكحول فهو يسبب تلفا بطيئا لخلايا الكبد يؤدي بها فجأة للانهيار والفشل فالكبد من الأعضاء الهامة الأكبر مساحة في الجسم وهو عضو صبور حليم لكنه يغضب بسرعة «أعاذنا الله من الحليم إذا غضب» فينهار تماما ويسبب عجزا في سائر الجسم عن التخلص من السموم والقيام بمهام «أيض» الطعام والدواء ووظائف أخرى عظيمة لا يستطيع الإنسان العيش بدونها.

كانت تلك أضرار الكحول النقي المرخص مهما بلغت نسبته ومقدار تناوله، أما الكحول المصنع محليا «العرق» فكون صنعه يتم في الخفاء وهو مخالفة في جملته فإنه يضاف إليه مواد قذرة تعجل بالتخمر وأخرى أكثر سمية تزيد قوة التخدير وإحداث السكر مثل الكحول الصناعي السام «ميثانول» و «البايردين» وهو مذيب صناعي أو «الإسبيرتو» وكان يستخدم لإصلاح الدوافير وجميعها سموم تسبب تلف الكبد والعصب البصري وخلايا المخ.

ونختم بمعتقدات خاطئة عن الكحول لدى العامة فمنهم من يعتقد أنه يدفئ الجسم وهذا غير صحيح فهو يعطي «شعورا» بالدفء والواقع أنه يخفض درجة حرارة الجسم الداخلية بدليل أن أكثر من يموت من موجات البرد في أوروبا يموت مخمورا، وثمة اعتقاد أنه يزيد الفحولة ويطيل مدة الممارسة وهذا أيضا عكس ما يحدث فهو يضعف الفحولة تماما بسبب توسيع الأوعية الدموية الطرفية وإضعاف نبضات القلب ويضعف التركيز ويعطي شعورا خاطئا بالإطالة.

السبق لفاطمة التركي وبنات عنيزة

نفتقد للرصد الدقيق التاريخي لأصحاب المبادرات، خصوصا أولئك الذين يعملون لوجه الله ولا يرجون جزاء ولا شكورا، أحيانا يكون التجاهل متعمدا لمحاولة أحدهم أن يسرق إنجاز غيره وهذا يكثر في مواقع العمل، وقد سبق أن كتبنا عن مديرين يسرقون إنجازات موظفين مبدعين ولا يزال الأمر قائما، وأحيانا يكون التجاهل لجهل وبدون قصد، وأعتقد جازما أن تجاهل أولوية جمعية (قطرة) النسائية في إنتاج الفحم صديق البيئة من مخلفات الزراعة، خاصة النخيل، كان دون قصد.

في شهر رجب 1434هـ توج وزير الصناعة والتجارة مشروع (جوين) لتحويل مخلفات النخيل إلى فحم المحتضن بحاضنة بادر للتصنيع المتقدم في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية توجه بجائزة المركز الأول في الإبداع الصناعي ومبلغ نصف مليون ريال، ولم تتم الإشارة من قريب ولا بعيد للمشروع الخيري الإنساني الذي بادرت به السيدة فاطمة التركي بتشغيل فتيات عنيزة في صناعة الفحم من مخلفات النخيل ضمن نشاطات جمعية (قطرة) النسائية لاحتضان الأسر المنتجة، وهو المصنع الذي زرناه (حمد القاضي وخالد السليمان وأنا) منذ أكثر من سنتين وكان بدأ قبل زيارتنا بسنوات وتجولنا فيه وشهدنا إنتاجه الضخم واسع التوزيع الذي يعود ريعه للأسر المنتجة، وأذكر أنني كتبت عنه مقالا بعنوان (مضيعة الوقت إلى عنيزة) مقارناً بين موقف فاطمة التركي ورجال الأعمال الذين خرجوا من اجتماعهم آنذاك مع وزير العمل الذي حثهم على توظيف السعوديين فوصفوا الاجتماع بأنه مضيعة للوقت!!.

قد يكمن الاختلاف، بين المشروع المتوج بالجائزة والمشروع النسائي الإنساني البحت، في الانتساب إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية واحتضان (بادر) لكن ذلك لا يلغي حق مشروع الأسر المنتجة من بنات عنيزة في براءة الاختراع والأولوية، خصوصا أنه نشر عنه كثيرا في الصحف باجتهاد من الكتاب والصحفيين وكرمت رائدته تكريما لم تسع له، وقيل عنها (فاطمة التركي عن ألف رجل).

وزارة شعبان

سنويا، ومع قرب شهر رمضان، وتحديدا منتصف شعبان، تنشط وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد إعلاميا (فقط) في إصدار التعليمات والتوجيهات والتأكيد على منسوبي المساجد باتباع تعليمات معينة مكررة، وتوقيت مثل هذا الظهور الإعلامي في شعبان نظرا لقرب شهر رمضان المبارك أمر مقبول من لجنة تنظيمية مختصة بالاحتفاء بالشهر الكريم، أما وزارة الشؤون الإسلامية، فالمتوقع منها ــ كوزارة ــ أن تشهد حالة نشاط دائم على الصعيد العملي (الإنجازات)، والإعلامي (الدعوة والإرشاد)، وأن تولي المساجد اهتماما دائما، من حيث تشديد الرقابة على شركات الصيانة والنظافة ومتطلبات بيوت الله من تكييف وتوسعة وصيانة دورات المياه ونظافتها وصيانة أجهزة الصوت وتوفير مداخل المعوقين وكراسيهم والتسهيل عليهم وتجديد فرش المسجد ونظافة جدرانه ودهانها والكتابات والديكور الإسلامي الذي يكسوها.

وهذه أعمال يجب أن لا تقتصر على رمضان وتنشط في شعبان، فنحن (ولله الحمد والمنة) نرتاد المساجد خمس مرات في اليوم طوال العمر وعلى مدار السنة.

كعادتها، أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية يوم الأحد 14 شعبان 1434هـ (منتصف شعبان أيضا) في خبر نشر عبر جريدة الرياض وثيقة منسوبي المساجد التي تحدد الحقوق والواجبات والضوابط والمعايير للأئمة والمؤذنين، وحقيقة فإن المكافآت للأئمة والمؤذنين تعتبر قليلة جدا بجميع فئاتها، خصوصا أن الشروط قاسية جدا، ومنها ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ الفقرة ثالثا (لا يستحق موظفو المساجد إجازات إلا في حالة المرض، ويجوز الإذن بغياب لعذر مشروع مدة شهر في السنة بشرط أن ينيب عنه من تقبل به الوزارة وتدفع المكافأة لمن قام بالعمل بعدد أيام الغياب).

هذا الشرط تجاهل حقائق واضحة وناصعة، وهي أنه ما من موظف في أي قطاع يحرم من إجازة شهر في السنة، وأن إمام ومؤذن المسجد مرتبط بمكان عمله منذ الفجر وحتى العشاء لا يستطيع أن يتحرك وينجز عملا أو مصلحة في الساعات القليلة جدا التي تفرق بين الصلوات، ومن حقه أن يحصل على إجازة على الأقل لفك ارتباطه بمكان واحد وإنجاز احتياجاته الشخصية، كما أن الوزارة نسيت أمرا هاما، وهو أن ربط غياب شهر في السنة بعذر مشروع مدعاة لإجبار الإمام أو المؤذن أو العامل على اختلاق عذر أو حرمانه من الغياب لصدقه، وهو ما لا نرجو أن يجبر إمام ولا مؤذن ولا عامل عليه.

أصبحت «تكفى» لا تهز «الرجاجيل» !!

في إحدى محطات القطار في سان فرانسيسكو، خرج فجأة رجل أسمر مفتول العضلات منفوش شعر الرأس (كدش مرعب) عارٍ تماما يقفز على أجهزة إدخال التذاكر في بوابات الدخول ويؤدي حركات جمبازية بهلوانية فوق تلك الأجهزة، مثيرا الرعب في قلوب أعداد كبيرة من مستخدمي القطار من النساء والأطفال وكبار السن، خصوصا أنه يختار ضحية من بين المارة ويبدأ بتوجيه لكمات للضحية وإسقاطها أرضا أو محاولة خنق الضحية ويختار غالبا النساء، فعم الصراخ وطلب النجدة في المكان، لكن لا أحد يتدخل سوى أحد حراس دخول المحطة الذي يحاول إشغال ذلك الرجل حتى تهرب الفتاة التي يعتدي عليها.

لم يكن الرجل مخمورا، بل بدا واضحا من قوته وحركاته البهلوانية الدقيقة أنه مريض نفسيا هائم، وكعادة الأمريكان، فإنهم لا يتدخلون فيما لا يعنيهم ما لم تكن لهم مصلحة في التدخل أو ضرر من الاعتداء، وكذلك يفعل شعوب الدول الأوربية غربا وشرقا من ذوات الدم البارد، فأذكر أثناء الدراسة في بريطانيا أن الرجل يشبع ضربا، والفتاة تسرق حقيبتها أمام الناس، والعجوز يسرق ما تبقى من عمرها من أيام ويسلب ما معها مما حرصت على حمله حبا في الدنيا وتفرغ حقيبتها أمام المارة، ولا أحد يتدخل!!، وعموما هم يراهنون على شرطة تصل بسرعة فائقة، وأناس يبلغون الشرطة فورا خلف الكواليس.

مجتمعنا يختلف، أو كان يختلف، فلدينا نخوة وشهامة ودم حار لا يقبل أن يرى أحدا يظلم ويتفرج، خصوصا أننا نعلم أن الشرطة تتأخر (شوي)، (بس شوي) بسبب ازدحام الطرق طبعا!!، واشتهر عنا أننا (نفزع) لنصرة من يستنجد وأن (تكفى عندنا تهز الرجاجيل)، لكن يبدو أننا مع تزايد المشاكل الناجمة عن التدخل والفزعة أصبحنا مثلهم لا نتدخل، بل نتدخل بصورة غريبة، فعند حدوث حدث يستوجب الفزعة، يدخل كل منا يده في جيبه ويخرج جواله ويصور!!.

المؤكد أن سرعة وصول شرطة النجدة لم تتحسن، ربما خوفا من ساهر، لكن (تكفى) عندنا لم تعد تهز (الرجاجيل)، وأجزم أن للتربية دورا، فقديما كان الأب يقول (عار عليك لماذا لم تفزع مع المستغيث؟!)، اليوم يقول (يا بايخ ليش ما صورته؟!).

برنامج الأمان الأسري .. كفى مكابرة

عندما تصل الإحصاءات (المتفائلة) غير الشاملة ولا الدقيقة إلى أن ثلاثة أطفال يموتون بسبب العنف الأسري خلال سنة واحدة في مدينة واحدة هي الرياض، (عكاظ الأربعاء الماضي 3 يوليو 2013)، فإن ذلك إنما يعني أمرا واحدا وهو الفشل الذريع لبرنامج الأمان الأسري الوطني الذي كتبنا عن فشله الكثير وعدم تحقيقه لعمل صحيح وشامل على أرض الواقع خلاف عقد الندوات والمؤتمرات وحفلات الافتتاح والانتداب لحضور أخرى وجملة من البهرجة الإعلامية التي لا تحقق وعيا اجتماعيا ولا وقاية من عنف ولا تعامل جاد مع تلك الحوادث عند حدوثها.

يغضب البعض عندما نقول إن برنامج الأمان الأسري أوكل إلى طبيبة أمراض معدية غير مختصة وهو ليس مرضا معديا بل شأن اجتماعي بحت يتطلب أخصائية اجتماعية نشطة وخبيرة ومتخصصة وذات اطلاع على المجتمع السعودي وقدرة على التعامل مع أفراده!!.

ويغضب البعض عندما نقول إن برنامج الأمان الأسري ولد خديجا غير مكتمل النمو بسبب تجاهله لأهم عنصر وهو الاختصاص وإيكال كل أمره لأحد أفراد الفريق الثانويين المعني باستقبال الحالة في المستشفى، وليس المعني بالوقاية منها قبل أن تحدث عن طريق التوعية والتحذير ودراستها اجتماعيا ونفسيا وتحليل أسباب حدوثها لتجنب تكرارها وسن الأنظمة والإجراءات الصارمة حيال من يرتكب العنف الأسري.

الآن لا يعنينا مكابرة من يغضب، والعبرة بالنتائج والأرقام، فبرنامج الأمان الأسري الوطني لم يحقق الحد الأدنى المتوقع منه منذ بدايته، بل لم يحقق أي نتائج تذكر غير تكرار ذكره ببهرجة إعلامية نسوية، هذا عنصر تقييم، أما العنصر الأهم فهو أن أرقام حالات العنف الأسري في تزايد منذ بداية البرنامج وحتى اليوم ومرورا بما كتبته منذ سنتين في هذه الجريدة وتحديدا في 16 مايو 2011 بعنوان (برنامج الأمان الأسري غير آمن) وهو لا يزال كذلك مكانك راوح والمجتمع من حوادث التعنيف الأسري فيها رايح!!.

يا وزارة الإعلام رخَّصتم «إف إم» رخيصة

لا أعتقد أن أكثر متشائم كان يتوقع أن يصل مستوى إذاعات موجات «إف إم» «FM» الجديدة إلى المستوى الذي عليه أغلبها اليوم من سطحية وعدم مهنية، وإتاحة الفرصة لمذيعين ومذيعات على مستوى متدن جدا من حيث التأهيل والثقافة والوعي والشعور بخطورة الخروج على الهواء وطريقة الإلقاء ناهيك عن اللغة والحس الإعلامي.

الخطير جدا هو أن تلك الإذاعات التي أصبحت أكثر من الهم على القلب أصبحت موجهة للشباب والشابات، تدعي قدرة على حل المشاكل الأسرية والاجتماعية وتوجيه النصائح والإرشادات عن طريق مذيعات ومذيعين غير مؤهلين لهذا الغرض ولا يملكون أدنى قدرة على التعاطي مع هذا الدور الخطير.

المشكلة الأكبر أن المجتمع يعاني ضغوطا ومشاكل متعددة، والأسر تعيش حالات خطيرة من فقدان الفتيات والشباب للموجه نحو التعامل مع مشاكلهن ومشاكلهم وشكواهم بسبب انشغال الأب والأم وانعدام خدمات الرعاية الاجتماعية عن طريق المختص وتعطيل تام لدور الأخصائي والأخصائية الاجتماعية في حل مشاكل الأفراد والأسر والأزواج والزوجات، ثم تأتي مذيعة لا تملك أدنى مؤهل أو حصيلة من العلم الاجتماعي أو النفسي، «بل ربما تكون عاشت تجارب فشل فردي وأسري ذريع»، فتقوم بتوجيه النصائح للمتصلين، أذكر منها «لو منك أطلب الطلاق» و «البنت هذي ممكن تكون لها تجارب قبل الزواج راقبها أو طلقها أحسن لك» أو «اطلعي من بيت أهلك هذا قهر»، أو نصائح لتربية الصغار وما يجب إطلاعهم عليه مبكرا وما لا يجب.

كل هذه الممارسات والإهمال وترك الدرعى ترعى قائم على أساس واحد ليس للأخلاق والالتزام الأدبي فيه أدنى مكان، بل يقوم على جذب مراهق أو مراهقة أو جاهل أو مريض نفسيا للجوء لذلك البرنامج والاتصال برقم من هاتفه الجوال يدر ذهبا على البرنامج ومقدم خدمة الاتصالات، لذلك فإن تلك المحطات تقوم على عبارة مكررة تكرر أرقام الاتصال وشركاته.

يا معالي وزير الإعلام رخصتم لهم لكن بعضهم أثبتوا رخصا فأعيدوا تقييم من يوظفون !.

جمعية حقوق الإنسان المخالف

كعادتها، وجدت جمعية حقوق الإنسان موضوعا تصرح حوله لمجرد إثبات أنها موجودة، على وزن: أنا أصرح إذا أنا موجود، الموضوع الذي اختارته الجمعية هذه المرة هو موضوع الساعة وطنيا، فقد اختارت المطالبة بتمديد مهلة إصلاح أحوال العمالة المخالفة، أما حجتها فهي أن أعداد العمالة المخالفة كبيرة جدا.

عجبا، كيف يكون كثرة أعداد المخالفين أو المجرمين مبررا للمطالبة بحقوقهم، أين كانت جمعية حقوق الإنسان الموقرة من هؤلاء المخالفين قبل اتخاذ قرار إصلاح أوضاعهم وإنهاء مخالفاتهم؟!.

هؤلاء المخالفون بعضهم ضحايا، لكن أغلبهم لهم ضحايا من المواطنين، منهم عمال، وسائقون، وخادمات، وممرضات هربوا من كفلائهم الذين دفعوا عليهم أموالا طائلة لاستقدامهم، واستفاد منهم غيرهم ممن أخذهم (باردين مبردين) دون تكلفة ولا عناء.

أين جمعية حقوق الإنسان من المطالبة بحقوق آلاف المواطنين الذين هرب مكفولوهم للعمل لدى كفلاء آخرين، وكانوا إلى وقت قريب يتحملون قرارات تعسفية بتسفير العامل على حسابهم إذا قبض عليه، وبعد إعطائه كامل حقوقه، مع أنه كان هاربا ولم يستفد منه الكثير.

أين جمعية حقوق الإنسان من مئات الكفلاء الذين قام مكفولوهم من سائقي الصهاريج ببيع حمولة الصهريج من الوقود بمئات الآلاف، ثم هربوا من البلاد عن طريق سفاراتهم رغم وجود الجواز مرهونا لدى الكفيل، وهذه حالات كتبنا عنها كثيرا، وأجرينا حولها تحقيقات صحفية بصفحات كاملة، ولم يستجب أحد لا جمعية حقوق إنسان ولا الجهات المعنية.

مواقف جمعية حقوق الإنسان، عفوا أقصد تصريحاتهم، تظهر دائما حول المواضيع التي تأخذ بعدا إعلاميا كبيرا ويهتم بها القاصي والداني، ولكن ابشروا بطول سلامة لأن مواقف الجمعية غير جادة في كل الأحوال.