اليوم: 7 يونيو، 2015

بين سجدة شايع وأخلاق الفرج

بينما كان لاعب فريق النصر يبكي حزنا على ضربة حظ أضاعها ويقع أرضا كان كل من حوله من زملائه ورئيس النادي الأمير فيصل بن تركي يحاولون مواساته وجعله ينهض!!، لكنه ودون أن يتكلم كان يجذبهم إلى الأرض!، ظنوا أنه قد انهار وضعف، لكنه كان قد استمد من إيمانه شموخا وازداد قوة!!، فخر ساجدا يحمد ربه.

هذه القيم الإسلامية والوقفات الإيمانية رسختها فطرة إسلامية وتربية حرص من خلالها الأجداد والآباء من بعدهم على تنميتها في أبنائهم، ومثل هذه المواقف خاصة في لعبة جماهيرية مؤثرة عندما نسلط الضوء عليها، فنحن نساعد في تربية جيل كامل من الصغار والشباب من الملايين الذين يتابعونها، وقد سبق أن قلت إن كرة القدم وسيلة مؤثرة سلبا وإيجابا، ولا عيب مطلقا في أخذ العبر من مواقفها!!، قلته لمن يطالبنا بعدم الكتابة في شأن رياضي. على النقيض تماما وفي موقف سلبي يجب علينا التنبيه على فداحته للأجيال أيضا، فأثناء المباراة وبعد أن سجل محمد السهلاوي هدف فريقه بادر وزملاؤه إلى السجود الفوري شكرا لله، وهذه أيضا هي فطرة وتربية إسلامية عظيمه، لكن المخجل أن بعضا من جماهير الهلال قذفتهم بالقوارير وهم سجود!!، وهذا أمر مستغرب جدا وسلوك يفترض أن نقف عنده وننبه إلى أن أحدا ــ أيا كان ــ لا يجرؤ على أن يقذف ساجدا لله، وقد لفت نظري أن اللاعب عوض خميس كان يؤشر للجمهور معاتبا ويقول (كيف وقد كنا سجودا؟!)، التنبيه هنا أن قيمك الدينية وأخلاقك الإسلامية يجب أن لا تشغلك عنها كرة القدم مهما بلغ بك الحزن أو الفرح خلالها. بينما كان اللاعب ناصر الشمراني الذي ختم تاريخه الكروي مؤخرا بسلوكيات جلبت له العقوبات، وقبل ذلك وبعده فقدان التركيز وهبوط المستوى والبقاء احتياطيا أو الخروج مبكرا، أقول بينما كان يحث الجمهور على رفع الصوت لاستفزاز الفريق المهزوم ويصرخ بعبارات وإشارات مستفزة، كان سلمان الفرج يدور على زملائه لاعبي النصر ويواسيهم فردا فردا، بل ويتوشح شال فريق الخصم بثقة وسمو أخلاق، هي ذات الأخلاق التي جعلت محمد الشلهوب محبوبا لدى كل جماهير الكرة السعودية، بل ولدى جماهير أشرس خصوم الهلال ومنافسيه، وكان أيضا الشلهوب يتحدث بكل تقدير واحترام للخصم (أشقاؤنا وزملاؤنا لاعبو النصر).

علينا أن نستغل شعبية كرة القدم كأسرع وسيلة لإرسال رسائل تربوية للأجيال ونفخر بالخلوق منهم ونشيد به ونصحح اعوجاج من فشل أهله في تربيته.


تصحيح حقبة صحية

سينجز الوزير غير الطبيب للصحة إنجارا عظيما لو ركز على إجراء تعديلات جذرية، أو قل تصحيحات جذرية في النظم والإجراءات القائمة في ميادين عمل الرعاية الصحية، وأهمها المستشفيات ونظام التعامل الإداري ولوائح الرواتب والبدلات والانتدابات.
فريق العمل الصحي العصري لم يعد طبيبا فقط، بدليل أن العالم كله أصبح يستخدم مفهوم الرعاية الصحية، وليست الرعاية الطبية، وهذا المفهوم العصري المتطور يقر واقعا هاما جدا، وهو أن رعاية المريض صحيا تعتمد على فريق عمل كامل لا فرق فيه بين مختص وآخر!!، فكل في مجال تخصصه يشكل عاملا مهما لا غنى عنه مطلقا، ولا يمكن لأي واحد من فريق العمل أن يغني عن الآخر أو يقوم بعمل غيره، كما أن أي خطأ مهني من أحد أعضاء الفريق قد تؤدي إلى كارثة، وطالما أن الفريق في المسؤولية سواء، وفي عامل النجاح سواء، فإنهم يجب أن يعاملوا سواسية كمهنيين.
لقد انتهى عصر قديم كان فيه الطبيب هو من يفحص ويشخص ويجري التحاليل يقترح الدواء ويعطيه للمريض بنفسه (حينما كنا نقول للطفل أوديك للدختور يضربك إبره).
أصبح للفحص أجهزة دقيقة لها مختص فيها وقارئ لنتائجها هو بالتأكيد ليس طبيبا، وللأشعة التشخيصية مختص، وللمختبر مختص، وللتغذية مختص، وللأدوية صيدلاني متعمق في كل مجموعة دوائية يعرف طريقة عملها وجرعاتها وتعارضها مع الأدوية الأخرى والأعراض الأخرى، ولإعطاء الإبرة ممرض… وهكذا، بل أصبح في كل تخصص حامل لشهادة الدكتوراه (دكتور حقيقي بشهادة عليا).
طبيعة العمل الحالية وأنظمتها القديمة ما زالت تفرض هيمنة الطبيب وانفراده بالمميزات، حتى العلمية منها؛ مثل الحصول على الانتدابات العلمية وحضور المؤتمرات وتطوير الذات، فتجد أن الأنظمة (التي صممها أطباء) تحدد (طبيب وغير طبيب)، والمفترض أن تحدد المهنة فقط وفئة العضو في الفريق (أخصائي مختبر، أخصائي أشعة، صيدلي، طبيب، ممرض، أخصائي علاج طبيعي، أخصائي تغذية… وهكذا دون أي تفرقة).
المحاسبة على الأخطاء والتهاون والتسيب مختلفة، فالطبيب في حصانة من المحاسبة الإدارية سببت ما نحن فيه من حدوث الأخطاء الطبية!!، بسبب ترك الأطباء لعملهم في المستشفى الحكومي و(التزويغ) لعمل غير مشروع في الخاص!!، بينما لو خرج فني مختبر لزيارة مريض في نفس المستشفى حوسب على الدقيقة.
سيكون إنجارا للوطن لو أعيد ترتيب وتصحيح أوراق حقبة من الصحة تم فيها ترتيب الأوراق بما يخدم مصالح ومستقبل واستثمار مهنة واحدة وعامل واحد في الفريق هو الطبيب.