ضحايا فورة القارورة

طبيعة قديمة لم نغيرها بعد، ولابد أن تتغير، بل الآن هو أفضل الأوقات لتغييرها وإلا فإن حالنا لن تصلح أبدا مع التهاون بالأرواح البريئة وإهمال احتياطات حمايتها.

نتحمس ونتفاعل مع حادثة ضحية إهمال على كافة الأصعدة وفي كل وسائل الإعلام، ونتسابق للشجب والإنكار وتغطية الحدث بإجراء المقابلات مع أقارب الضحية ومع أهل الاختصاص ومع النقاد والصحفيين والكتاب، وتتحد الأعمدة الصحفية في الكتابة عن الموضوع!!، ثم ما هي إلا أيام معدودة وننسى القضية برمتها!!، ليس إعلاميا وحسب بل على مستوى المحاسبة والتحقيقات ثم الإدانة والعقوبات!!.

المهملون والمتهاونون بأرواح الناس يعزفون على ذلك الوتر المزمن الذي تعلموه وكسبوا الخبرة في العزف عليه واللعب على ألحانه!!، وأدركوا أن أفضل طريقة هي الصمت عند وقوع الحادث الأليم والتنحي جانبا ثم الصبر لعدة أيام بعدها هم متأكدون بأن الفورة مآلها للهدوء أشبه بفورة مشروب غازي فتحت فوهته بعد أن رج كثيرا فطاش بكل قوته ثم سكن!!.

على طاري الفوهة المفتوحة!!، أين نتائج المحاسبة والتحقيقات وأين تقرير الإدانة والعقوبات في أكثر من أربعة حوادث سقوط أطفال في فوهات مجارٍ صحية تركت مفتوحة بإهمال في الطرقات وداخل مجمع سكني وفي أحياء مأهولة بالسكان في جدة وحدها؟!.

أربع فواجع من السقوط في فتحات المجاري في مدينة جدة وحدها وخلال أقل من شهرين تفاعل الجميع معها كل في مجاله وتخصصه وبأسلوبه وحدة نقده ثم توقف فوران القارورة دون أن نسمع أو نقرأ عن إدانة وعقوبة!!.

يجب أن نتذكر أن ثمة روحا أزهقت ووالد ووالدة لا يزالان يغليان من داخلهما على من فقد!!، وغليان قلب الوالدين على فلذات أكبادهم ليس فوران قارورة غازية!!، إنه غليان لا يقلل من حرقته إلا معاقبة المهمل.


اترك رد