دعهم يتحرشون بأختي

تعجبني العبارات الإعلامية التوعوية القصيرة والمعبرة وذات الدلالة والتأثير، مثل تلك الرسالة الموجهة لهواة التحرش من الشباب والتي تصور شابا يتحرش بفتاة تقرأ القرآن في المقعد الخلفي لسيارتها، فترفع زجاج النافذة ليجد عبارة تصدمه (أترضاها لأختك). وحفظا للحقوق الفكرية، فإن هذه الرسالة الرائعة شاهدتها بين ثنايا برنامج (إضاءات) لتركي الدخيل في قناة العربية، وقد تكون تعرض بين برامج أخرى لا أتابعها.
أرجو أن لا يفهم أنني ضد مكافحة التحرش أو ما نطلق عليه تجاوزا (مغازل) أو ضد تلك الرسالة التي أعيد التأكيد أنها أعجبتني، ولكن ذلك السؤال (أترضاها لأختك) أثار شجوني وآلامي فشعرت أنه يفترض أن يسألا لكثير من (الشياب) والكهول والشباب ممن تولوا المسؤولية أو هم على رأس المسؤولية حاليا قبل أن يوجه لمراهق يتحرش بفتاة قياسا بعدد الحالات وخطورة وكارثية النتائج.
سفر معلمة مع ساعات الفجر الباكرة في سيارة نقل متهالكة مسافات طويلة لتعمل في هجرة نائية وتنتهي رحلتها اليومية بحادث يعيقها أو يقتلها وييتم أطفالها، هل ترضاه لأختك؟!
تمدد مريضة في ممرات المستشفى عشرات الأيام في انتظار سرير أو حرمانها من دخول المستشفى للسبب نفسه هل ترضاه لأختك؟!
انكسار امرأة فقيرة وخنوعها أمام موظف إداري في مكتب الضمان الاجتماعي لإثبات حاجتها (بدلا من زيارة أخصائية اجتماعية بطريقة حضارية تحفظ كرامتها) أترضاه لأختك؟!
ولادة سيدة في سيارة زوجها وهو يبحث عن مستشفى يقبلها هل تقبله لأختك؟.
الأجساد البريئة التي تركت تصارع أمواج السيول وتشاهد الموت البطيء والماء يخالط أنفاسها ويثقل رئتيها فتهوي إلى القاع أو يجرفها الماء ويقذف بها إلى حيث لا رجعة، هل ترضى مصيرها لأختك؟!
الأرملة أو المطلقة أو المعلقة التي تعيش مع عدة بنات وابن يعاني من مرض نفسي وإذا هاج ضرب أخواته أو لاحقهم بسكين تارة وبالخنق تارة أخرى ولا يجدون مصحة تؤويه أو تعالجه هل ترضى معاناتهم لأختك؟.
مقارنة بما ذكر أعتقد أن كثيرا من الشباب سيقول دعهم يتحرشون بأختي طالما أنا واثق أنها سترفع زجاج النافذة وتواصل قراءة القرآن وتمضي في طريقها كون مصيرها في يدها، وتفرغ لحل من مصائرهم في رقبة موظف يرضى لهم مالا يرضاه لأخته.
ترى كم من الأسئلة نوجهها دون حساب للأولويات، واعتبار للأهم قبل المهم؟!.

3 آراء على “دعهم يتحرشون بأختي

  1. موضوع مهم و جيد جداً، حيث أن كل شخص يجب أن يعمل بذمة، وإن لم يستشعر هذه الذمة وأن يحب لأخيه مايحب لنفسه فليفكر في أهله وأحبته، هل يرضى لهم مايسببه هو للآخرين؟ هل يريد أن يتسلط من بعده على أولاده وأحفاده بإهمال حقوقهم؟

    بالطبع جميع الرسائل التوعوية مهمة.. فلن نتفرغ لمحاربة المخدرات ونترك التخين، مع أن المخدرات أولى! كل هذه الأشياء تعمل بشكل متوازي، وكل شخص أو مجموعة يعمل على مايستطيع أو يرى أنه سيؤثر فيه. هم عملوا على التوعية ضد التحرش، و أنت بمقالك الرائع عملت على التوعية ضد فساد الذمة والإهمال.

    فقط السطر الأخير هو ما اخالفك فيه، فالكل يعمل لكن لاننتقد من يعمل على التوعية بشأن أمر معين لأن هذا الأمر أقل شأنا من الأمور التي نعمل عليها، كل هذه الأعمال جميلة، وأتمنى يوجد مقتدرين مالياً و علاقاتياً حتى يستطيعو نشر توعية عن مثل هذا الأمر على الشاشات، علماً اني رأيت يوماً اعلان عن تأخير حقوق العمال و في نفس الوقت يذهب المسئول للنزهة مع أهله، وتأتي الكاميرا أمام أولاده وهم يأكلون وتأتي رسالة مفادها أنك لاتريد أن تعلم اولادك أكل حقوق الآخرين.

    شكرا لك مرة أخرى!

  2. ليت الكل يفكر بطريقتك التي تراها

    الدعايات القصيرة التوعوية لها مفعول السحر حقيقة

    ليتهم يكثرون منها في مواضيع مختلفة تهم الشباب

    شكرًا جزيلًا لك

  3. شكرا لكل من علق وأتمنى أن يحقق ماكتب الهدف المرجو علما أنني لا انتقد التوعية بهذه الطريقة بل أطلب توجيه السؤال للكثيرين في أمور هامة جدا وقد كررت إعجابي بالطريقة

اترك رد