الشهر: سبتمبر 2013

ماذا يحدث في جازان والطائف؟!

الذي يسمع عن تكرار أخبار الإعفاءات في مديرية الشؤون الصحية في جازان، ومعاقبة بعض صغار موظفيها على مدار العام، أو يقرأ خبر إنهاء تكليف مدير مركز التأهيل الشامل بقرار تدوير أصله عقوبة على تقصير والذي يرجع لكثافة أخبار تقصير فروع هاتين الوزارتين تحديدا في جازان خلال أربعة أعوام، يعتقد خطأ أن تقصير إدارات وفروع و مستشفيات ومراكز هاتين الوزارتين يقتصر على منطقة جازان فقط، وأن الفروع والإدارات والمراكز والمستشفيات في المناطق الأخرى على أفضل ما يرام!!، وهذا غير صحيح. فالخلل في الوزارتين الخدميتين ومعهما وزارات خدمية أخرى كالتربية والتعليم والمياه والكهرباء هو خلل وتقصير وقصور مركزي شامل وعام ومنبعه خلل إداري في الأصل ولا يمكن أن يقتصر على فرع دون غيره.

هو خلل في الإدارة الأم في هيبتها وأنظمتها الرقابية والإدارية والمالية والمحاسبية و (المحسوبية) والمتابعة والإمداد والتموين وجميع هذه العناصر تخضع لمركزية الوزارة ولا يمكن أن يعاني منها فرع دون غيره إطلاقا.

إذا لماذا جازان تبرز فيها المشاكل، وتتكرر فيها القرارات التأديبية؟!.

من واقع زيارتي لجازان وتجولي في مؤسساتها ومعاشرتي لأهلها وقبل ذلك دراستي على أيدي عدد كبير من أبنائها في الجامعة عرفتهم رجالا لا يرضون بالقصور ولا يسكتون عليه ولديهم فيما بينهم شفافية عالية في نقد تقصير أحدهم وإيصال الشكوى للإعلامي سواء كان كاتبا زائرا أو مراسلا صحفيا، وأذكر مثالا ليس للحصر أننا، حمد القاضي وخالد السليمان ومنصور الخضيري وأنا، سمعنا خلال زيارة لمعرض الأسر المنتجة نقدا موضوعيا حادا و مقترحات أشبه بمحاضرات رائعة من نساء وفتيات مشاركات في المعرض في حضور كامل طاقم إدارة المعرض!!.

هذا الأمر يذكرني بسؤال سبق أن طرحه علي شقيقي خالد يقول ألا تلاحظ أن أكثر ما ينشر من حوادث في الصحف يكون مكان حدوثها الطائف أكثر من غيرها بكثير؟!.

أجبته: لا يذهب تفكيرك بعيدا، كل ما في الأمر أن شاب الطائف الذي يعمل مراسلا للصحف أنشط من غيره و إلا فإن الحوادث في كل مكان ونحن للأسف مجتمع رقيبه و قناة شكواه الوحيدة ومرآته الصحف!!.


قالوا وقلنا

** قالوا: التعصب الكروي والتركيز على قضايا سطحية أوقع أقلاما رياضية في فخ الاستعجال بالتندر بوعد بدر المطوع، والتعصب المقابل يشعل هاشتاق (ضربة في نصف الجبهة)!!.

* قلنا: والمستفيد تاجر يستورد (طواقي) تغطي كل (الجبهة)!!.

**

** قالوا: الليمون المحلي يقفز 400% خلال 12 شهرا.

* قلنا: (أصلا حامض ما نبيه)!!.

**

** قالوا: ربط دعم المدارس الأهلية بمستندات الصرف للمعلمين والمعلمات شهريا.

* قلنا: اربطوا معها مستندات الرسوم الدراسية لإكمال صدق النية!!.

**

** قال صاحب التيس المليوني لـ(عكاظ): مزحة صديقي أحرجتني وصدقها الناس!!.

* قلنا: (لا تلومهم يخافون تطلع لهم مصيبة مزايين التيوس!!).

**

** قال نائب مدير علاقات شركة الكهرباء: أعدنا التيار لنجران وجازان ولا نعاني مشكلة في (التوليد).

* قلنا: خلاص اقلبوا شركتكم مستشفى ولادة يمكن تفلحون!!.

**

** قالوا: 2.5 مليار لمشاريع النظافة بمدينة الرياض لخمس سنوات!!

* قلنا: وآخرتها عامل ومكنسة!!.

**

** قالوا: الجمارك تضبط كاميرات تجسس في أفياش كهربائية وأجهزة إنذار حريق وساعات منزلية!!.

* قلنا: نرجع للنوم في السطح أستر!!.

**

** قال المتحدث الرسمي للتربية والتعليم: التعاقد في وزارة التربية والتعليم متوقف منذ 1432هـ!!.

* قلنا: وترسيم البديلات المستثنيات متوقف منذ 1423هـ!!.

الحماية من الإيذاء عبارات إنشائية والنتائج انتحار !!

من أجمل ما قرأت على الإطلاق ما نشرته «عكاظ» يوم الأربعاء 28 أغسطس 2013 م، ويتضمن تفاصيل نظام الحماية من الإيذاء وآلية التبليغ عن حالات الإيذاء وواجبات من يطلع على حالة إيذاء والتعامل مع المبلغ إن كان مجتهدا أو ثبت أنه بلاغ كيدي، وما هي الجهات التي تتلقى البلاغ، وعقوبة من يمارس الإيذاء، وكل مواد نظام الحماية من الإيذاء التي تقطر اهتماما إنشائيا بالتعاطي مع حوادث الإيذاء الجسدي والنفسي والجنسي وضرورة التبليغ عنها!!.

وحتى لا أظلم النظام، فقد ورد فيه عبارات إنشائية كثيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: تباشر الجهة المختصة اتخاذ الترتيبات اللازمة للحيلولة دون استمرار الإيذاء و توفير التوجيه والإرشاد الأسري لأطراف الحالة واستدعاء أي من أطراف الحالة وعلاج من يحتاج إلى معالجة نفسية من الأطراف، ثم يبدو لي أن صيغة النظام ملت من التفاصيل، فمالت إلى الشمولية فاختصرت بالقول: واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتعامل مع الحالة بما يتمشى مع خطورتها!!.

نحن منذ أن شرعنا في أمر الحماية الأسرية والحماية من الإيذاء ونحن نصيغ عبارات إنشائية، أقسم بمن رفع السماء بلا عمد ترونها أن أي طالب في المرحلة المتوسطة يستطيع أن يتخيلها ويعبر عنها ويكتبها أو ينقلها حرفيا من أنظمة دول سبقتنا في صياغتها، لكن الأهم جدا هو أننا لم نؤسس أرضية صلبة لتنفيذها ولم تمنح الجهة المختصة (وزارة الشؤون الاجتماعية) أساسيات تنفيذ تلك المهام الواردة في النظام، لا من حيث زيادة وظائف الأخصائيات الاجتماعيات والنفسيات والأخصائيين، ولا دور الإيواء ولا الفرق والسيارات ولا الأجور وسلم الرواتب والبدلات الضرورية لتنفيذ ما ذكر.

كل ما فعلناه هو إيكال أمر الحماية الأسرية لطبيبة أمراض معدية وتخويلها بالتعاطي مع حالات اجتماعية ونفسية ليست من اختصاصها وتقييد الأخصائية الاجتماعية والنفسية عن ممارسة عملها، فتحولت الحماية من الإيذاء والحماية الأسرية إلى تصريحات صحفية ووسيلة تباهٍ وعناد نسوية وحضور مؤتمرات في وقت تتزايد فيه الوفيات نتيجة الإيذاء الشديد، سواء من آثار العنف جسديا أو نفسيا بالانتحار!!.

حوار سوريالي بين الشورى والمراقبة!!

ناقش مجلس الشورى تقرير أداء ديوان المراقبة العامة وانتقد التقرير ووصفه بأنه أقرب إلى (كتاب إحصائي) وطالبه بتحليل معمق للمخالفات والملاحظات، وفند عدد من أعضاء المجلس التقرير ووصف ملاحظات ديوان المراقبة العامة على الجهات الخاضعة لرقابته (عالية جدا) وطالبوه بتصنيفها وإجراء دراسة تحليلية متعمقة عن أسباب وجذور تكرار المخالفات المالية في الجهات الخاضعة لرقابته والحلول المقترحة.

كل ملاحظات مجلس الشورى على تقرير ديوان المراقبة العامة مرتبطة تماما وذات علاقة مباشرة بشكوى ومقترح سبق أن طرحهما الديوان في الآونة الأخيرة حتى على المستوى الإعلامي لكن مجلس الشورى تجاهلها تماما، ولو تم التركيز على تلك الشكوى وذلك المقترح وتم أخذهما بجدية وبعين الاعتبار لعرف المجلس أسباب قصور التقرير.

لم يتطرق نقاش الشورى لتقرير ديوان المراقبة العامة لأهم ما أورده الديوان في الآونة الأخيرة حول أسباب عدم تمكنه من أداء عمله بالصورة المطلوبة وعدم تمكنه من تفصيل مخالفات الجهات الحكومية الخاضعة لمراقبته واقتراح الديوان إنشاء لجنة عليا محايدة تنظر في مخالفات الأجهزة الحكومية المشمولة برقابة الديوان عند رفعها من الديوان، بدلا من أن تنظر المخالفة لجنة ترأسها الجهة المخالفة، كما هو معمول به حاليا، فديوان المراقبة العامة في تلك الشكوى وذلك الاقتراح كشف عن السبب الأهم في تعطيل دوره وملاحظاته، وهو النظام المعمول به حاليا، والذي يستوجب مرور الملاحظات على لجنة ترأسها الجهة المخالفة لدراسة تلك المخالفات والملاحظات، حيث يستغرق البحث شهورا عدة، بل سنوات دون الوصول إلى نتيجة تذكر، وذلك بسبب امتناع ممثلي الأجهزة التنفيذية عن تأييد ملاحظات الديوان وتوصياته بشأن أداء أجهزتهم وما تم كشفه من مخالفات مالية وتجاوزات للأنظمة، والامتناع عن إعداد أو توقيع محضر بنتائج أعمال اللجنة ورفعه للمقام السامي، ما يجعل الأمر محل أخذ ورد ودون حسم أو مساءلة المسؤولين عن تلك المخالفات، وبالتالي كيف يمكن للديوان إصدار تقرير مفصل يشتمل على تحليل لمشكلات لم تعترف بها الجهة أو تتجاوب معها بل جمدتها وتجاهلتها.

ملاحظات الشورى ومناقشته للتقرير في معزل عن أساس المشكلة التي اشتكى منها الديوان أشبه بحوار سوريالي لن ينتهي لتفاهم أو حل!!.

عينوا جزاء الشمري مديرا للدفاع المدني جزاء لهم وردعا لأمثالهم!!

أما وقد ركد الرمي وبينت الحوارات ومقاطع (اليوتيوب) حقيقة تقصير طائرة البحث العمودية في التعامل بمهنية مع البحث عن مفقودين في صحراء الشحمة القريبة التي لا تبعد عن العاصمة إلا بضع كيلومترات وتحجج قائد الطائرة بعدم كفاية الوقود لأكثر من ثلاث ساعات وحاجته للتزود بالوقود اللازم لإحياء نفس بشرية بالعودة للعاصمة!!، ثم عدم العودة حسب رواية أحد أقرباء الشاب الناجي، ولم تسمح الحالة النفسية بعد لأسرة الشاب الذي ذهب ضحية عدم المهنية بالتحدث وإصدار بيان عن تفاصيل معاناتهم مع طائرة البحث تحديدا، فإننا أمام تجربة فاشلة تنم عن فشل ذريع في جهاز الدفاع المدني فحتى وإن تبعت الطائرة للقيادة العامة لطيران الأمن فإن الدفاع المدني يتبع لنفس القطاع ويمكنه توجيهها وطلب غيرها والمؤكد أن الشهم الشجاع، الذي امتطى سيارته وحيدا منطلقا من حائل الكرم، لا يتبع لإدارة جهاز الدفاع المدني، وربما هذا هو سر نجاحه فيما عجز عنه هذا الجهاز المدجج بالنقود التي لم تستثمر لقلة (دبرة) الإدارة و عدم التركيز على عنصر التطوير والتدريب لأن فاقد الشيء لا يعطيه!!.

لو أن عشرات من فرق الدفاع المدني عجزت عن العثور على تائهين في صحراء واسعة مثل الربع الخالي  لوجدنا لهم عذرا في صعوبة التضاريس أو سعة مساحة البحث المفترضة أو سوء أحوال جوية حجبت الرؤية ، وحتى في الصحراء المحيطة بقرية الشحمة لو فشلت فرق الدفاع المدني و فشلت طائرة البحث وفشل المتطوعون للبحث أو طال بهم أمد البحث  لقلنا أن رمال الصحراء وتضاريس المنطقة وظروف المناخ كانت مستعصية على كل باحث مدرب، لكن أن ينجح شهم متطوع وحيد قادم من حائل هب للنجدة والمساعدة  في العثور على التائهين ونجح خلال ساعات من وصوله مرهقا من حائل فهذا يعني أن فرق الدفاع المدني بكل إمكاناتها عجزت عن أمر قدر عليه فرد متطوع خبير ودليل أن فرق الدفاع المدني تعاني من نقص حاد في التدريب والخبرة ولا شك في إخلاص أفراد الدفاع المدني وتفانيهم وشهامتهم فهم من طينة ذلك الشمري الشهم القادم من حائل، جزاء الشمري، ولا يختلفون عنه، لكن إدارتهم قصرت في منحهم التدريب و إكسابهم الخبرة على مدى سنوات وتركتهم يعتمدون على الشجاعة والنخوة والمجازفة وهذه لا تنجح مع فرد مقيد بأوامر عسكرية ويفتقد للتدريب.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يخون عامل التدريب والخبرة أفراد الدفاع المدني الشجعان البواسل، فقد أثبتت حوادث غرق جدة وسيول الرياض والباحة وعسير افتقارا للتدريب عوضه متطوعون كانوا أكثر تدربا وخبرة وحدث ذات الشيء في إنقاذ أطفال حريق وسط مكة.

أذكر عندما كنت محققا صحفيا في جريدة (الجزيرة) منذ أكثر من ثلاثين سنة أن العميد فهد المشيقح وكان آنذاك مدير الدفاع المدني في منطقة الرياض قال لي أن أفراد الدفاع المدني لا ينقصهم غير التدريب وأنه طلب مبنى قديما تابع للأمن العام وحوله لمبنى للتدريب على العمليات وتحقق تقدم واضح غير كاف وفي ذلك الوقت كانت الإمكانات شحيحة نسبة لهذا العصر الذهبي وميزانياته القياسية غير المسبوقة ولو توفر نفس الإخلاص اليوم مع وفرة الميزانية لتحققت نجاحات وأنقذت أرواح.

الآن الإمكانات متوفرة بشكل كبير لكن ثمة شيْ أخر شح وهو التركيز على التدريب و افتراض الحالات بعيدة الاحتمال والتعامل معها وكأنها واقع، كما أن ثمة عنصر خطير جدا لم تتم معالجته والتعامل معه وهو تعود مباشري الحالات المأساوية على المآسي مما يجعل حماسهم لا يقارن بحماس أهل الضحية وهذا شعور يحدث مع كل من تعود على مواجهة الحوادث يوميا كالأطباء والممرضين والمسعفين ورجال الإنقاذ فيصيبهم برود يحتاج دوما إلى التدرب على التخلص منه وهذا ما حدث تحديدا مع قائد الطائرة وقادته ورؤساءه ومن يوجهونه عندما لم يوفروا حلولا للتزود بالوقود لأكثر من طيران ثلاث ساعات أو تعزيز الوقود لمدد أطول فهؤلاء تعودوا وعُوِدوا أن يكون أعلى طموحهم أن يجدوا جثة هامدة لا أن ينقذوا نفسا بشرية!! وهذا من سوء الإدارة ولعل ما يؤكد أن الطيار نفسه كان متدني الهمة والحماس ما رواه لي  أحد الثقات وهو أن والد أحد التائهين كان مرافقا لطائرة البحث العمودية وكان يطلب من قائدها النزول أكثر للتمكن من الرؤية ورفض بحجة أنه يرى الإبل فكيف لا يرى سيارة!!، وبعد العثور على أحد التائهين حيا ووفاة الأخر ذكر الحي أنه كان يشاهد الطائرة ويؤشر لها ببطانية (شعور القريب خاصة الوالدين أدق كثيرا من كل الحواس والمقاييس وكان يجدر احترامه)، كما أن ضعف التدريب والهمة والطموح جعل قائد الطائرة يستبعد بعد الضحايا عن السيارة وتفرقهم وهم بالتأكيد أصغر حجما من البعير، لكن همة و حماس وإخلاص جزاء الشمري أثبت أن حياة الضحية لدى المحنط في الدفاع المدني أرخص من عقال بعير.

ضعوا جزاء الشمري مسؤولا عن القرار في الدفاع المدني فقد استطاع ب(جيب شاص) أن ينجح فما بالك حينما يمنح ميزانية تكفي لشراء كل آليات التدريب والتطوير والبحث والمساندة وطائرة عمودية (لا تغرز) ثم يذر عليها شيئا من شهامته وهمته وإخلاصه؟!!، عينوا جزاء جزاء لهم وردعا لأمثالهم.

نحن مثلكم يا مهاتير حاربنا الفساد

مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق من الرجال القلة ممن حصلوا على إجماع الناس على الشهادة لهم بالنجاح وإحداث تغيير إيجابي في بلدانهم وفكر نير يمكن الاستفادة منه في كل مكان، ولست هنا لأقيم رجل مثل مهاتير محمد أو أمتدحه فلا زلت عند قناعتي بقول ابن مسعود رضي الله عنه: من كان متأسيا فليتأس بمن مات فإن الحي يخشى عليه من الفتنة.

لكن لفت نظري في حوار صحيفة (سبق) معه إجابة مهاتير محمد غير المفصلة ولا الشافية على سؤال كيف حاربتم الفساد المالي والإداري الذي كان متفشيا؟! فقال: قمنا بمحاربة الرشوة ووجودها في الحكومة، مما قللها عما كانت عليه سابقا، فسننا قانونا ونظاما يعاقب المرتشي بكل حزم، مما قللها بشكل كبير، أو نستطيع أن نقول قضى على الرشوة تماما (انتهى).

الطبيب مهاتير محمد لم يكتب وصفة القضاء على الفساد كاملة أو كتبها مستعجلة بخط الأطباء الذي لا يقرأه غير الصيدلاني أو ربما أننا لم نحسن قراءته فأنا صيدلاني ولم أتمكن من معرفة الدواء فيما لو أردنا استخدامه، لا أدري ربما لأن بعض الأدوية يناسب مريضا ولا يناسب آخر لتعارضه مع أعراض أخرى لديه، أو لعدم القدرة على هضم الدواء في أجهزة جسمه المختصة كالكبد والكلى.

هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) في حاجة ماسة لمعرفة مقادير وكيفية خلط وصفة مهاتير محمد، فنحن مثل ماليزيا اعترفنا بوجود الفساد في خطوة جريئة غير مسبوقة وأنشأنا له هيئة استنزفت أموالا وتكاليف ولا تنقصنا العقوبات في التشريعات، كل شيء فعلناه إلا جدية الهيئة في تعريف الفساد والبدء بمحاربته بجدية.

ما المانع أن تستضيف (نزاهة) مهاتير محمد في حوار فقد استضاف هو النزاهة فأجبر الصحف على استضافته فاستضافته (سبق).

ردّ أسرة استُفِزَّتْ

لو تلاحظون فإن بيان أسرة ضحية إهمال أمر علاج السمنة خارج المملكة الشاب ماجد الدوسري تغمده الله بواسع رحمته، والذي أصدرته أسرة الشاب والمتعاطفين معه ونشرته «عكاظ» وعدد من الصحف أمس، لم يكن يركز على الخطأ والإهمال الذي حدث من وزارة الصحة بقدر ما يقطر ألما على ما حمله رد الصحة من مغالطات حسب ما ورد في تفنيد مطول حمله بيان أسرة الضحية.

وزارة الصحة لم تكن موفقة في ردودها منذ عدة سنوات وكان أحد الردود غير الموفقة رد الوزارة على ضحية العلاج بالكيماوي بالقول (والدها هو من طلب حلاقة شعرها).

ثم جاء الرد على أسرة ماجد والذي كان غير موفق لا من حيث المصداقية ولا التوقيت.

لم تكن الأسرة ولا الناس ولا المجتمع قابلين لهكذا استفزاز.. لذا فلا تعليق.

انتقائية حتى في تعليق الناطق الرسمي

الصحف تزخر يوميا بأخبار فيها تقصير جهات مسؤولة وشكاوى لمواطنين من قصور خدمات أو ممارسات فساد أو مفاجآت لتقصير لم يكن في الحسبان، وهذا أمر تعودنا على مطالعته كل صباح، بل وكل مساء مع تكاثر الصحف الإلكترونية، وهو حالة معتادة في كل أنحاء العالم، فأينما وجدت الحياة والحركة وجدت الحوادث والأخبار.

الغريب عندنا هو مزاجية التعليق على الخبر ونشر التوضيح حوله من العلاقات العامة أو المتحدث الرسمي للجهة المعنية، وهي مزاجية لها سمات ومواصفات وطبيعة خاصة، فالراصد للأخبار الغريبة والطريفة والعجيبة وذات التقصير الشديد، والمدقق في طريقة التعاطي مع تلك الأخبار والتجاوب معها، يجد أن كثيرا من الوزارات والمؤسسات والجهات الخدمية تسارع للرد على الأخبار والمقالات التي تنشر وفيها ثغرات أو عدم دقة أو حتى غير صحيحة بالكلية، لكن نفس الجهة تتجاهل تماما أخبارا أو مقالات أو شكاوى ذات أهمية بالغة وتأثير في الناس وتداول في الصحف وأوساط التواصل الاجتماعي، ولا تعلق عليها فتؤكدها أو توضح حقيقتها وتفندها.

هنا يبرز سؤال هام، وهو: هل السكوت هنا علامة رضا وإثبات لصحة ما نشر؟! وأن المصدر سواء كان صحيفة ورقية أو إلكترونية أو موقع تواصل كان دقيقا بحيث لا يحتمل الخبر التوضيح؟! ثم يبرز الأهم، وهو: ما هو الإجراء الذي اتخذ حيال التقصير حتى لا يتكرر؟! وكيف تم التعاطي مع الفساد أو القصور خلفه؟! وهي معلومات هامة جدا، خصوصا في هذا العصر الذي ينتشر فيه تأثير الحادث كالنار في هشيم المشاعر!!.

قد يكون المثال وسيلة إيضاح وتوضيح لما نريد قوله، فقد نشر منذ قرابة شهر أن رئيس أحد الأندية الرياضية العاصمية روع صحفيين رياضيين بالإصرار على السفر من جدة إلى الرياض كمطلوبين في شكوى، واستعان بأفراد من شرطة الرياض للإلحاح عليهما بالحضور في مخالفة واضحة للنظام الذي يفرض الاستدعاء لهما (إن صح) في مكان إقامتهما، ورغم انتشار الخبر في صحف وبرامج رياضية، إلا أن متحدث شرطة الرياض المعروف بسرعة تجاوبه لم يعلق!!، والأمثلة كثيرة جدا، وهذا مثال للإيضاح لا الحصر.

تحديث أنظمة تستوعب المتغيرات لا يدرسها الشورى

معظم الأنظمة والشروط واللوائح التي تستهدف المواطن وخاصة في تحقيق الرفاهية وتحسين الوضع الاجتماعي هي أنظمة قديمة ولم يتم تحديثها بالكلية لتناسب المتغيرات السريعة سواء في عدد السكان أو عدد المحتاج منهم الذي تزايد بعد عدد من الأزمات أقواها أزمة انهيار سوق الأسهم في وقت كان يضم كل المواطنين تقريبا.

لم يتم التحديث إلا في بعض اللوائح التنفيذية وعن طريق لجان خاصة بالجهة التنفيذية وفي حدود نظرة قصيرة وقاصرة لم تعتمد على دراسات علمية محايدة، لعل أبرزها غرابة على سبيل مثال لاحصر تحديد عمر لايزيد عن 35 سنة لمنح حافز، وتأجيل التأمين الصحي (بلسم) لأجل غير مسمى حتى يحمل اسما، وتحديد شروط منح السكن ونوعيته وسعته والتعاطي لسنوات عدة مع المعلقة كإنسان معلق الحقوق والإجراءات حتى يظهر زوجها الهاجر.

الأمثلة كثيرة وعديدة لكن الأهم أن نتدارك أنفسنا بتحديث الأنظمة وتعديلها بناء على دراسات علمية وبحث اجتماعي مكثف ومحايد ومتنوع الآراء مدعوم بعدد من أصحاب الشأن ممن يعيشون المعاناة أو مروا بها.

كما أن من المهم تحديد مهمة مجلس الشورى من تقييم الأنظمة فالمجلس مجرد إمكانات أفراد كثر لهم آراء فردية متنوعة ومتباينة وليس لدى المجلس أدوات الدراسة والبحث ولن تكون لديه بهيكلته وطبيعته الحالية ويفترض أن تقتصر تسمية مهمته على تصويت وليس دراسة أنظمة وأن يكون للدراسات شباب أكاديمي وبحاث اجتماعيون ورجال إحصاء هذا مجالهم.

شروط تستهدف الفقير لينتفع الغني

أعرف أسرة فقيرة جدا لديها فتاة تحمل درجة البكالوريس في تخصص الفيزياء بتقدير ممتاز، ولم تحصل على وظيفة لعدم وجود واسطة، ولم تسجل في حافز لعدم توفر الإنترنت في شقتهم في حي فقير وتعففهم عن طلب المساعدة، وأعرف أسرة أخرى عائلها أرملة عجوز أمية وشاب مريض نفسي ولديهم ثلاث بنات خريجات ثانوية لم يتوظفن، ولم يحصلن على حافز لعدم تمكنهن من فتح حساب في البنك لأسباب مالية، وعدم وجود رجل يساند الأسرة حتى في مراجعة بنك يقبل فتح حساب لفتاة فقيرة وهو مطلب أساس لمنح حافز!!

وأعلم تمام العلم ومن مصدر موثوق في حافز أن حافزا يذهب جله لأبناء أسر غنية حافزها منها وفيها!!.

وسبق أن استشهدت على تعقيدات الأنظمة وعدم مساندتها للمحتاج الفعلي بأن إحدى المواطنات التي تكتسب رزقها ببيع الملابس التراثية، وبعض المستلزمات على رصيف أحد الأسواق والتي تقصيت أحوالها جيدا، تقول بأن طلبها للحصول على سكن في كل مشاريع الإسكان تم رفضه بحجة أن دخلها الشهري من الضمان الاجتماعي مع راتب تقاعد زوجها يفوق ثلاثة آلاف ريال بمائة ريال، أي 3100 ريال!!، تقول (الله لا يجزي هالمئة ريال خيرا) حرمتني وأسرتي العشرة من سكن يؤوينا وما زلت أدفع إيجارا سنويا يفوق العشرين ألفا بسبب تلك المائة ريال!.

إذا فنحن لدينا خلل واضح في الأنظمة والشروط لمشاريع المنح والمساعدات الوطنية التي يفترض أن تستهدف المحتاج الفعلي من الفقراء ومن هم تحت خط الفقر ولكن المستفيد الفعلي منها هو بعض ممن تخطى خط الغنى الفاحش!!.

هل نحن نفتقر للدراسة الاجتماعية ووضع أطر ومعايير وعيون ومناظير تستهدف المحتاج الحقيقي وتتبناه، وتبحث عن من لايسأل الناس إلحافا؟ أم أننا نتعمد عدم الدقة في تحديد المستهدف بقصد انتفاع الهدف؟!

أخشى أننا للأخير أقرب وعن الفقير أبعد !!.