في الامتحان

كم هو مخجل أن نعجز خلال سنوات كثيرة مضت عن أن نلغي رهبة الامتحان، لا في المدارس وحسب بل حتى في الجامعات وكأننا نريد لهذا الامتحان أن يبقى مرعبا مرهبا لأبنائنا بل ولوالديهم وللمجتمع أجمع.
أيا كانت أهمية التقويم وتحديد مستوى الطالب والطالبة والتفريق بين المجتهد والكسول وصاحب القدرات المميزة وصاحب القدرات العادية أو الضعيفة فإن الأسلوب الذي يتم به التقويم لدينا ليس ذلك الأسلوب المستخدم في الدول المتقدمة أو تلك التي تطمح للتقدم.
وأيا كانت أهمية تقدير مستوى الطالب في مراحل الدراسة المختلفة فإنها لا تقارن بما نعانيه من سلبية أسلوب التقدير والتقويم ورهبة ورعب الامتحان وتأثيره على أبنائنا ومجتمعنا بصفة عامة.
دعونا نكون واقعيين وننظر للأمور من زاوية المصلحة العامة والمحصلة النهائية لميزان السلبيات والإيجابيات، فإيجابية الامتحان الوحيدة هي التقويم أو التقدير أو التفريق بين مجتهد وكسول، وهذا يمكن أن يتم بأساليب جديدة وطرق تطورت وأصبحت بأقل قدر من السلبية، أما سلبيات رعب الامتحان فإنها متعددة ونعاني منها بشكل كبير، وأصبح تأثيرها واضحا في سلوكيات وطبائع المجتمع وتدخلت في كل صفاته حتى أنها أسست لوجود الفساد لدى طلابنا منذ نعومة أظفارهم، لقد عرفوا الرشوة من الامتحان وعرفوا الاعتداء على خزائن المدارس لسرقة الأسئلة منه، وعرفوا المخدرات والحبوب المسهرة المنشطة العدوانية من الامتحان، وعرفوا الاعتداء على المعلم من الامتحان، وعرفوا الحزن والاكتئاب والصدمات النفسية من الامتحان وعرفوا التمرد منه والتفحيط كردة فعل لإنتهائه، وتعلموا استغلال بعضهم البعض من ضغوطه.. وحديثا عرفوا الذل والهوان والرضوخ للإذلال بسببه فمنذ متى يقبل شاب سعودي أن يقبل غير رأس والده؟! ومنذ متى يقبل شاب سعودي أن ينحني تحت أقدام ليقبلها غير أقدام أمه.
إننا بهذا الامتحان نخلق جيلا يجمع بين الإجرام والذل والغباء والاحتيال والفساد والعدوانية والإحباط مع الرغبة والاكتئاب مع الطاقة وهذه عناصر بالغة الخطورة إذا اجتمعت، دققوا معي وستجدوا أننا انتقلنا في هذا الامتحان اللعين بين مراحل كل منها أكثر سوءا وخطورة من سابقتها فمنذ عهد قريب كنا نقول في الامتحان يكرم المرء أو يهان، ووصلنا الآن إلى مرحلة في الامتحان يهان المرء أو يهان فلم يعد هناك أدنى كرامة للطالب وهو يمتحن، وهذا الطالب هو لبنة بناء الوطن فإذا أصبح لينا ذليلا مهانا فنحن جميعا في خطر، وللأسف فإن هذه الوزارة مر عليها عدة وزراء كل منهم وعد بإزالة رهبة الامتحان ولم ينجح أحد فليس أسوأ من رهبة تجعلك تقبل الرجلين !!

اترك رد