أتمنى أن نصبح على درجة كافية من الشعور بالمسؤولية وندرك حجم الخسارة الكبيرة التي يسببها ترك مشكلات المجتمع ومعاناته دون حل جذري، يشتمل على تحديد المسؤوليات وسن الأنظمة والتشريعات وتفعيلها وتشديد الرقابة على التطبيق وتغليظ العقوبة على المخالف.
يجب أن نمعن النظر في الأحداث والحوادث اليومية التي نصحو عليها كل صباح، وسنجد أن معظمها انعكاس لحالة من غياب الحلول السريعة لمشكلات الناس وتعاملاتهم بين بعضهم البعض، وبسبب غياب الحلول وجهة الحل والعقد في تراكمات كثيرة، أصبح الناس يلجأون إلى استخدام حلولهم الخاصة، وهذه خطيرة جدا ومكلفة وتتراوح بين اللجوء إلى الرشوة واللجوء للقتل مثلما حدث في المثال الذي تطرقت له في مقال الأمس (يا قاتل يا مقتول) حول الشاب الذي قتل مديره السابق في حي النسيم، وما هي إلا ليلة واحدة لتطالعنا «عكاظ» أيضا بصورة لمدير مدرسة مضرج بدمائه بعد أن ضربه عدد من الطلاب، وقبل هذا وذاك شاهدنا تقارير كثيرة مؤسفة لأناس تعرضوا للظلم والغبن وسردوا قصصا تنم عن استبداد بعض المسؤولين عن خدمة المواطنين ورعايتهم التي وفرتها الدولة وصرفت عليها مبالغ طائلة، لكنها وبفعل جشع البعض وأنانية الآخر وجهل ثالث وتقاعس رابع أجهضت وتحولت إلى نقمة وقهر للمستفيدين منها.
غني عن القول أيضا: إن غياب أو عدم التطبيق للأنظمة أفرز بيئة للمماطلة والتسويف وممارسة الوعود غير الحقيقية والتخدير واللعب بورقة الزمن ومدة التكليف، لتنتهي فترة تكليف الموظف ــ أيا كان مديرا أو وكيلا ــ وهو لم يحقق ما يعادل وزن ورقة الصحيفة التي صرح فيها أو وزن بضع وريقات أسماها خطة أو استراتيجية شاملة ومتكاملة أو غيرها من المسميات والتعابير، التي أصبحت تباع في دكاكين مؤسسات التلميع الإعلامي في شكل براويز وتصميمات وكروت تنافس في ألوانها وجمالها بطاقات التهاني بمولود جديد لم يولد أو زواج سعيد لم يتم.
بين غياب الحلول الواضحة لدى الإدارات وحضور الوعود الفاضحة، بين دفة التخلي عن المسؤولية وزفة التغني بالتصاريح الإعلامية يجري نهر هادر من الغضب المدرك لحقيقة الأمر يطفح منه على جانبي النهر ما نراه من أحداث يومية مؤسفة لكنها تبقى غيض من فيض يجدر بنا تداركه، وكل مسؤول في إدارته مسؤول أمام الله وأمام قائد قال: «لا عذر لكم» وقال: «لا عفو لكم» وهذا القائد حليم فاتقوا الله واتقوا غضب الحليم.
اليوم: 19 مايو، 2010