اليوم: 27 مايو، 2010

وقفات أسبوع الفتاوى

** عندما يختار صاحب الفتوى تفجيرها إعلاميا وفي وقت يشهد فيه الإعلام خمولا وعطشا لما يحرك ساكنه، عندما يختار لها أن تصدر بعد انتهاء الموسم الكروي في البلاد وأن تنشر بعد انتهاء المباراة الختامية لكأس أوروبا وهو آخر أهم الأحداث الكروية عالميا ويحرص أن تكون قبل «سنترة» كأس العالم في جنوب أفريقيا أي في وقت تشهد فيه الساحة عطشا شديدا للإثارة، وعندما تكون الفتوى في شأن شاذ لا يهم الناس ولم يسألوا عنه ولم يفكروا فيه ولن يطبقوا الفتوى إلا في التندر فاعلم أن صاحب الفتوى أراد أن يصور معها.
** هدية متواضعة أقدمها لنظام ساهر وللقائمين عليه أضيفها للهدية السابقة في وقفات الأسبوع المنصرم وتمثل تساؤلا بريئا أحب من خلاله أن أربط بين النظام وأدوات تطبيقه فمثلا لا يمكن أن تركب «كاميرات» عالية الدقة منتشرة في كل مكان لكي تلتقط رقم لوحة المخالف وأنت ليس لديك الانتشار الواسع والمراقبة الشديدة التي تمكنك من إيقاف كل سيارة تسير دون لوحة أصلا هذا التساؤل يرد على خاطري كلما شاهدت في طريقي إلى العمل وتحديدا في طريق الشيخ جابر في الرياض مركبات تسير بدون لوحة فمهما بلغ حجم عيون كاميرات ساهر وعددها وانتشارها فإنها لن تسجل رقما غير موجود، أما الهدية الثانية التي ستغضب الشباب مني فهي أنني لاحظت سيارات نظيفة جدا لوحاتها يعلوها الطين أو التراب الكثيف أخشى أن يكون تمويها ذكيا لم يتنبه له المرور.
** كثيرا ما كررت وزارة التربية والتعليم المفاخرة بأن مدير المدرسة الأهلية تابع لوزارة التربية والتعليم ولا علاقة له بمالك المدرسة أو ملكيتها، أي أنه في حكم الرقيب الممثل للوزارة، إذا كان الأمر كذلك فما هو تفسير أن يصدر مدير مدرسة ثانوية أهلية خطابا شديد اللهجة لأولياء الأمور يهددهم فيه بأن تأخر التسديد سيؤدي إلى حرمان ابنهم من منحه تقرير النتائج وعدم استمراره في المدرسة، وما هو السر في صمت مديري المدارس الأهلية الابتدائية على مخالفات بيع مواد ضارة في مقصف المدرسة. وهل الأول مدير أم محصل وهل الثاني رقيب أم (مغمض)؟! .
** في برنامج «واجه الصحافة» حول السعودة كان الدكتور عبد الرحمن الزامل الوحيد الذي يقول كلاما صريحا، مباشرا، مفيدا لا مجاملة فيه ولا تصنع وبصرف النظر عن كون الكلام يخرج من صاحب مصانع أو تاجر أو مسؤول سابق أو عضو شورى أرى أن نسجل الكلام ونصغي إليه ونحاكم ما جاء فيه بصرف النظر عن من قاله ولماذا يقوله وخلاف ذلك من محاكمة النوايا التي انتشرت مع تفشي المغالطين.

الهيئة تحتج على فتوى العبيكان

لا شك عندي أن فتوى الشيخ عبدالمحسن العبيكان بجواز إرضاع الكبير تتصدر قائمة الأحداث والأخبار العالمية وليس المحلية فقط، فقد تناقلتها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء وأعترض عليها علماء الشرع في الكويت وتعجب منها علماء الأزهر اللذين لم يمض على اعتراضهم على فتوى الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين وعزله بسبب فتواه المشابهة سوى ثلاث سنوات، ولا بد أن الدنمارك اعتبرتها تهديداً لناتج قومي هو حليب الأبقار الدنماركية قد يصل حد إغراق السوق بحليب طبيعي له خاصية نادرة وهي كونه جواز سفر بروتيني أبيض يسمح لشاربه ب(الميانه) على البيت والإنضمام إلى الأسرة كأخ للبنات وابن للمرضعة وابن كفيل للشغالة.

 وقد أحسن الشيخ كعادته اختيار توقيت إصدار فتواه حيث جاءت بعد انتهاء الموسم الكروي في البلاد وجاء نشرها بعد المباراة الختامية لكأس أوروبا وهي أخر أهم الأحداث الرياضية عالمياً، وقبل “سنترة” كأس العالم في جنوب أفريقيا، أي في وقت تشهد فيه الساحة الإعلامية عطشاً شديداً للإثارة لا يرويه إلا خمس رضعات مشبعات لسائق لابد أن يدخل البيت ويتردد عليه وليس لديه منزل أخر وهذه من شروط النسخة الأولى من الفتوى لأن كل سائق ليس له إلا كفيل واحد والأن اصبح له بفضل الفتوى أكثر من ثدي لهجه الجنين مع أن شعراء نجد كانوا يتغنون بثدي لم يلهجه الجنين لكن أي رجل مغترب لن يمانع بثدي مستعمل استعمال حشمة ومن يدري فقد نشهد فتوى جديدة أكثر (إثارة) برضاعة ثدي لم يلهجه الجنين.

 توقيت الفتوى كان مناسباً جداً إعلامياً لخلو الساحة الإعلامية من الإثارة، لكنه لم يكن مناسباً البتة لمكاتب الاستقدام فكل من طلب سائقاً لا بد أنه طلب تأجيل حضوره تسعة أشهر هي المدة اللازمة لتضع الزوجة حملها وتصبح قادرة على إرضاع السائق ليتمكن من التجول في المنزل.

 أما بالنسبة للبوابة الإلكترونية المعلوماتية الرائعة التي دشنت وزارة الداخلية السعودية الدخول إليها فقد تأخرت الفتوى قليلاً حيث أن البوابة تعرض كل المعلومات عن المكفولين بما فيها خانات لمعلومات أساسية عن السائق هل جدد الإقامة أم لا، وهل بصم أم لا ويفترض أن تحتوي على خانة هل رضع أم لا.

 ولا شك عندي أيضاً أن هيئة الغذاء والدواء سوف تعترض على طريقة تناول الحليب حيث أن أخر تحديث للفتوى أوضح أن الحليب يؤخذ في إناء وليس المقصود أن يرضع مباشرة (كلنا في الهوى سواويق) وبالرجوع إلى مكونات حليب الأم الطبيعي فإنه يحتوي على نسبة دهون تختلف من وقت إلى أخر ومن رضعة إلى أخرى وتتأثر بالزمن بين الرضعات، وبه نسبة سكر جلوكوز وأنزيمات هاضمة، لكنه لا يحتوي مواد حافظة تجعله طويل الأمد وبالتالي لا يجوز تعليبه أو وضعه في إناء بأي حال من الأحوال.

 اللهم أصلح الحال والأحوال واكفنا شر رضاعة الجهّال. 

نشر في إيلاف اليوم الخميس 27 مايو 2010م

http://www.elaph.com/Web/opinion/2010/5/564958.html